الاستثمار بالإنسان يبدأ بالتعليم
يؤكد خبراء اقتصاديون ان اجدى انواع الاستثمار هو في الانسان، فاليابان والمانيا تصدرتا قائمة الدول الصناعية علما بأنهما ليستا من الدول النفطية والغاز الطبيعي، لكن اعتمدتا على اقتصاد تنموي حقيقي ووضعتا الاستثمار في التعليم والتدريب، وكوريا اصبحت من الدول الصناعية المرموقة باقتصاد يصل الناتج الاجمالي الى تريليوني دولار، وكانت الموارد البشرية العنصر الحاسم في النهوض الكبير الذي تحقق خلال العقود الستة الفائتة، فقد قامت تلك الدول من تحت ركام حربين عالميتين احرقتا الارض والبشر.
الاردن بتعداد سكان مثالي يناهز عشرة ملايين نسمة غالبيتهم العظمى من الشباب وبنسبة عالية من المتعلمين وخريجي الجامعات وبالرغم من ذلك نعاني من بطالة تقدر بـ 300 الف متعطل ومتعطلة عن العمل، وفقر يزيد عن 40 % وديون متفاقمة تجاوزت 40 مليار دولار يقارب من الناتج المحلي الاجمالي، كل ذلك في ظل غياب سياسات اقتصادية تنموية، وتقديم السياسات المالية على كل الملفات والتحديات الاخرى، وهذا النمط في إدارة الدولة الاردنية يمتد لعدة عقود ..ومن حق المراقب الراصد ان يطرح سؤالا.. لماذ نجحت الدول الاخرى التي قامت من تحت الرماد وبلغت رأس الهرم العالمي اقتصاديا وماليا بينما لازلنا نتناقش حول سعر الخبز واليات الدعم ومدى عدالة تسعير المحروقات والطاقة الكهربائية وغير ذلك من الملفات من ضرائب ورسوم وغرامات التي لا نجد مساحة لسردها هنا؟.
مشاهدات لعدد لا يستهان به من المدارس الحكومية في المحافظات والارياف تثير السخط والاشمئزاز وتدني مستوياتها من بناء ومرافق وساحات وغرف صفية، بينما يصرح مسؤولون ان الاردن ضمن الدول الاكثر إنفاقا على التعليم ! وفي ضوء ذلك ما هي مخرجات التعليم التي ننتظرها؟!، واين يتم إنفاق البرامج الراسمالية السنوية لوزارة التربية والتعليم؟!، وما هي الاولويات لتلك البرامج؟!، فالاولوية يجب ان تركز على تحسين مستويات مباني المدارس الحكومية في الارياف والبادية والمحافظات، والتركيز على نوعية الهيئات التدريسية في تلك المدارس.
مع الفائض الكبير من خريجي الجامعات وكليات المجتمع الذي يحملون شهادات جامعية سرعان ما يتحولون الى متعطلين عن العمل، وفي نفس الوقت يعاني المجتمع الاردني نقصا حادا في معظم المهن، والسبب في ذلك نقص مراكز التدريب الحقيقي للمهن، وهذه المعضلة لو تم منحها الاولوية ووضع نظام تشغيل يتضمن تصنيف الفنيين والمهنيين ومنحهم شهادات حقيقية، والحاقهم بخدمات الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي لكانت النتيجة مختلفة، وكما يقال ان التراكم الكمي سيؤدي تدريجيا الى تغير نوعي عندها تصبح السوق عامرة بالاردنيين لكافة المهن..للمرة الالف التعليم والتدريب والبحث العلمي وحده الكفيل بإخراجنا مما نحن فيه، اما بحث الحكومات على إيرادات إضافية لانفاقها على بنود جارية سيؤدي الى المزيد من العناء والتراجع؟.