شروط الاقراض والمنح.. تنموية في ظاهرها وسياسية في باطنها
خالد الزبيدي
جو 24 :
تصريحات وبيانات متضاربة تصدرها وزارة التخطيط تارة معلومة وتارة اخرى مجهولة، فالمنحة الخليجية التي اقرت في العام 2011 نعتقد انها انفقت على مشاريع مختلفة وانتهى امرها، الا ان تصريحات وزارة التخطيط لا زالت تتحدث عن عدم إكتمال انفاق المبالغ ضمن المنحة الخليجية، وتتحدث عن مخصصات من منحة سعودية لاعادة تأهيل الطريق الصحراوي (طرق الموت) علما بأن المشروع رمم ثم تم الحديث عن مشروع جديد لاعادة بناء الخط الذي يتآكل سنويا بسبب استخدام صهاريج لنقل النفط الخام والمشتقات البترولية من ميناء العقبة الى كافة المحافظات خصوصا عمان والزرقاء.
وسنويا مع بدء إعداد الموازنة السنوية تطالعنا دائرة الموازنة العامة ووزارة المالية بأن المنح الخارجية (بدون القروض الميسرة وغير الميسرة) تنخفض بشكل ملموس سنويا بما يؤدي الى زيادة الاعباء على الخزينة الذي يغطى بالدين او زيادة الضرائب او الاثنين معا، إلا ان قراءة سريعة لتصريحات المسؤولين تشير الى ان المنح اكبر مما رسم في الموازنة، وعلى سبيل الادارة الامريكية رفعت المنح للاردن الى مستوى يتجاوز 1.5 مليار دولار، ويفترض ان نلمس تعهدات قمة مكة المالية منتصف العام الحالي، وما تبقى من المنحة الخليجية الاولى.
المنح نظريا جيدة وعمليا تتناقص ..او لا يتم الحديث عنها، ومن الملاحظات التي سجلت على المنح العربية والاجنبية تدخل المانحين بسير تنفيذ المشاريع ويقتصر دورنا على تقديم المشاريع ودراسات الجدوى، وهذا يعتبر تدخلا غير مرغوب فيه، لكن السؤال الذي يطرح، ان هناك حالة من عدم الوضوح في هذا الملف، اي اننا امام منح جيدة من حيث القيمة وعمليا اما تتاخر ولا يتم الالتزام بالجداول الزمنية لتنفيذ المشاريع وفي بعض الاحيان يتم استهلاك "الخبراء الاجانب قسم مؤثر من هذه المنح الخارجية على شكل رواتب ومزايا" دون ان تنعكس فعليا على الاقتصاد والمجتمع.
شروط المانحين اصبحت اكثر تشددا منذ اكثر من 15 عاما والسبب في ذلك عدم التزام قائمة طويلة من الدول النامية بتنفيذ المنح والقروض التي منحها البنك الدولي ومجموعته، مما ادى الى زيادة القروض نسبة الى الناتج الاجمالي دون ان تنعكس هذه الديون على اداء الاقتصاد والبنية التحتية، لذلك طرحت ادبيات البنك الدولي نزاهة الحكم والحاكمية الرشيدة في العالم، الا ان شروط الاقراض والمنح التي في ظاهرها تنموي وبباطنها سياسي، لذلك علينا التوقف عن الاقتراض لغايات الانفاق الجاري، وفي ذلك بداية الطريق للخروج من دوامة الدين العام وإنتظار المنح التي عادة تكون مرتبطة بشروط.