العنف بالجامعات ... وجهة نظر
من المعروف تاريخيا ان الطلبة الاكثر اندفاعا والاكثر تاثرا والاسرع باتخاذ القرار ، حيث ان خبرة الطالب في الحياة لا تؤهله دراسة اي قضية بكامل جوانبها قبل اتخاذ قراره , بالتالي يتخذ قراره ارتجاليا وبسرعة دون تفكر , مما يؤدي به في غالبية الاحيان الى اتخاذ قرار في غير مصلحته او مصلحة المجتمع .
والعنف ليس سلوك لطلبتنا فقط بل هو سلوك الطلبة في كل جامعات العالم ، فعادة ما يرافق اي احتجاج طلابي في الجامعات ممارسة العنف ، ولو راجعنا تاريخ الحراكات الطلابية عالميا لوجدناها تميزت بالعنف في غالبها .
وعودة لحالتنا الاردنيه نجد ان العنف يزداد او ينخفض تزامنا مع حالة المجتمع بشكل عام ، و ازداد بسبب ازدياد عدد الجامعات وازدياد اعداد الطلبة في المملكة ، فمراجعة متأنية للعنف بجامعاتنا منذ سبعينات القرن الماضي في الجامعة الاردنية مرورا باحداث جامعة اليرموك في السبعينات ومطلع الثمانينات وصولا لاحداث جامعة البلقاء منذ عدة اعوام واحداث الجامعة الاردنية والتي عادة ما تترافق مع الانتخابات الطلابية والكارثة التي مررنا بها خلال الايام الماضية في جامعة مؤتة في مدينة الكرك الابية .
ولكن العنف ازداد في السنتين الاخيرتين مترافقا مع ما يسمى " الربيع العربي " حتى ان العنف انتقل في بعض الاحيان للمدارس التي كانت بعيدة عن مثل تلك المظاهر ، وقد يكون هناك دور للتقدم في تكنولوجيا الاتصالات وبعض وسائل الاعلام دور في تاجيج الخلافات وتأجيج العنف .
وبوقفة متفحصه في السنتين الاخيرتين نجد ان المشاجرات الكبرى تحدث بعد الانتخابات الطلابية حيث ان الجهة الخاسرة عادة ما تعبر عن غضبها بالخسارة عن طريق العنف ، ولكن التزايد في العنف والاستمراية يعود الى سوء ادارة الجامعات لهذا الملف وقبولها الغاء عقوباتها تحت تأثير القوى الضاغطة من حارج الجامعات .
فنجد احدى الجامعات مثلا تلغي عقوبات وجهت لبعض الطلبة تحت ضغط القوى السياسية التي ينتمي لها هؤلاء الطلبة ، وحتى لا تحرج ادارة الجامعة نفسها امام اصحاب الصوت العالي . ونتيجة لذلك يلجأ الطلبة الاخرين لمخالفة القوانين والانظمة متحدين ادارة الجامعة كونها لن تستطيع معاقبتهم اسوة باعضاء الاحزاب الذين الغيت عقوباتهم .
ونجد بعض الادارات تلغي عقوبات تحت ضغط القيادات العشائرية او من يسعى لكسب اصوات في الانتخابات البرلمانية ، وتخشى ادارة الجامعات ان لا تستجيب لمطالب القيادات العشائرية كونها استجابت سابقا لضغط القوى السياسية .
ان العنف الذي يترافق مع الانتخابات الطلابية هو لاسباب سياسية وليست عشائرية كما يطرح البعض وان كان الصراع الانتخابي هو بين ممثلي العشائر التي ما زالت تعتبر مؤسسات سياسية في ظل ضعف الاحزاب وفشلها في استقطاب الطلبة .
ولا استبعد ان هناك ايدي خفية تعبث بجامعاتنا مستغلة ضعف بعض الادارات ومستغلة للحراك السياسي في الوطن ، مع تأكيدي ان الحراك الصادق والانقياء من شباب الحراك يرفضون العنف في الجامعات وفي الوطن .
ان الحل لهذه القضيه لن يكون سريعا ولكن يمكن ان نسير نحو استقرار الجامعات من خلال :
اولا : تسليم ادارات الجامعات لشخصيات قوية صاحبة قرار تتميز بالعدالة والنزاهة والتاثير السياسي والاجتماعي .
ثانيا : التركيز على مواد لا منهجيه تزيل الحواجز النفسية بين الطلبة وتنمي بينهم العمل والنشاط المشترك ، مما يؤدي الى تعرف الطلبة من مختلف البيئات على بعضهم وبناء الصداقات التي تضع الكوابح لاي عنف نتيجة عدم اتفاق مستقبلا .
ثالثا : عدم تعاطي ادارة الجامعات مع اي ضغط من قوى سياسية او اعلاميه او عشائرية للتراجع عن تطبيق القوانين والانظمة داخل الحرم الجامعي .
رابعا : عدم التساهل مع اية مخالفة مهما كانت صغيرة ، حيث السكوت على المخالفة تشجع الطالب على التمادي ، على ان يترافق ذلك مع تعليمات تلغي العقوبة من سجله اذا التزم بالتعليمات لمدة عام على الاقل .
خامسا : الاستفادة من تعليمات الانتخابات الطلابية التي اعتمدت اخيرا في الجامعة الاردنية والتي تتيح تشكيل قوائم للانتخابات ، مما يشجع على التحالف بين طلبة من مختلف القوى السياسية او مختلف العشائر وحسب طبيعة الجامعة وطلبتها .
حفظ الله طلابنا وجامعاتنا
وحمى الله الاردن