حكومة الوعاء الفارغ .. وهم اتخاذ القرار والولاية العامة - فيديو
جو 24 :
كتب أحمد الحراسيس - إذن، فرئيس الديوان الملكي يوسف العيسوي ووزير الشؤون البلدية المهندس وليد المصري "لم يُطردا من محافظة الطفيلة، وما جرى هناك مجرّد احتجاجات وقعت بعد مغادرتهما موقع الاحتفالية"، هذا ما تريد الحكومة ومنصة "حقك تعرف" أن توصله للأردنيين حتى لو كان هناك مقاطع فيديو وتسجيلات تُثبت الواقعة فكلّ ذلك مرفوض وعارٍ عن الصحة بالنسبة للحكومة.
لا نعلم ما أهمية إن كانت الاحتجاجات التي جرى توثيقها بالفيديو في الطفيلة جرت قبل الاحتفالية أو أثنائها أو بعد انتهائها، ما دام الحدث وقع خلال تواجد المسؤولين في الموقع بالفعل، وقد سُمعت بعض الأصوات التي تطالبهم بالمغادرة، وهي أصوات قد يُسمع مثلها في محافظات عديدة أخرى تعاني ما تعانيه الطفيلة ويعاني أهلها ما يُعانيه الطفايلة.
بصراحة، إن ردّ الحكومة عبر "حقك تعرف" -والتي يبدو أنها انشئت لهذه الغاية- كان محيّرا للغاية؛ من هم الأشخاص الذين كانوا يصيحون في مقاطع الفيديو؟! لمن كانوا يقولون "اطلع برا"؟! هل كانوا يصيحون على رجال الأمن؟! على أشباح؟!!
بات واضحا أن هاجس الدولة في هذا الوقت وما يشغل بالها هو تحصين المسؤولين من النقد، وأنها تبذل كلّ جهدها وتتبع كلّ الوسائل التي من شأنها تحقيق ذلك الهدف، بل وربما تعتقد أن الأردنيين يجب أن يتعاملوا مع المسؤولين على أنهم آلهة لا يجوز لمواطن من الطفيلة أو غيرها الاعتراض عليهم فالطفايلة وغيرهم مجرد مواطنين.
مؤسف ومخيّب للآمال الشعور بأن الدولة تستهدف دائما تحصين المسؤولين وحمايتهم من أي نقد، بدءا من قانون الجرائم الالكترونية مرورا بمنصة "حقك تعرف" وليس انتهاءا بقانون العفو العام الذي استثنى الجرائم الالكترونية ومخالفات قانون المطبوعات والنشر!
في الحقيقة، إن التعاطي الرسمي مع الأحداث المتتالية التي تشهدها البلاد يؤشر على حجم انفصال الحكومة والدولة عن الواقع؛ الناس تعاني الفقر والجوع والبطالة وتهاجم الفساد وتطالب برؤوس الفاسدين وسقف المطالب وصل عنان السماء، ومطبخ القرار يفكّر في قضايا ومسائل لا علاقة لها لا بالناس ولا بهمومهم، وكلّ ما يشغل بالهم نفي الاحتجاجات وكتم الأنفاس!
لقد أثبتت حكومة الدكتور الرزاز بما لا يدع مجالا للشكّ أنها مجرّد واجهة لمراكز صنع قرار أخرى وجهات خارج مراكز صنع القرار التقليدية، وأنها كالوعاء الفارغ توجه بوصلته وتملأه كلّ جهة بما تشتهيه من آراء وتوجهات وقرارات، وكلّ ما يصدر عنها ممسوخ ومفرغ وبلا فائدة ولا مصلحة للوطن فيه.
وحتى في المرات القليلة التي يظنّ فيها الرزاز أنه اتخذ القرار بملء ارادته وبولاية عامة، تكون المعلومات التي جرى تزويده بها توجهه من حيث لا يدري لاتخاذ القرار بعينه، وهذه ليست عملية اتخاذ قرار مستقل، بل توجيه للرجل وفق معطيات لا تسمح له بالتفكير خارج الصندوق.
والواضح أن تلك الجهات التي تضبط ايقاع حكومة الرزاز لا تريد الخير لا للدولة ولا للنظام ولا للشعب، والمشكلة أن الحكومة تطأطئ رأسها لأي أمر يأتيها من تلك الجهات دون فهم أو ادراك للأثر الكارثي الذي يدفع ثمنه المواطن وانعكاساته على معيشته، وإلا كيف نفهم الافراج عن معتقلين سياسيين واعتقال اخرين في نفس الوقت، وكيف نفهم اصدار قانون عفو مفرّغ من مضمونه، وكيف نفهم سحب قانون الجرائم الالكترونية واعادته بعد 24 ساعة بتعديلات شكلية، وكيف نفهم سحب قانون ضريبة الدخل واعادته بصورة أكثر سوءا، وكيف نفهم الدفاع عن مسؤولين جرى توثيق الاحتجاج عليهم بالفيديو! هل يريدون أن يكذّب أحدنا عينيه وأذنيه ويُصدّق ما تقوله منصة الحكومة؟!!