12 عامًا من العلاقة مع صنـدوق النقـــد
العام 2019 يشهد انتهاء برنامج الاصلاح المالي الممتد الذي بدأ العمل به في العام 2013 وجدد في العام 2016 بشروط صارمة وبتمويل محدود يناهز المليار دولار لثلاث سنوات تنتهي هذا العام، ويمكن وقف التعامل مع الصندوق الذي ارهقنا ولم يقدم لنا الكثير، فالنتائج مؤلمة دون بارقة امل ان نخرج من الركود العميق والبدء بإدارة الدين العام لجهة كبح جماحه، والرد على البطالة التي تبلغ 18.7 % وفقر يزيد عن
40 %، فالظروف القاسية الراهنة يجب ان تقدم لنا دروسا مهمة في مقدمتها زيادة الاعتماد على الذات وتقليص الاقتراض مهما كانت الظروف، ومواجهة تحديات المرحلة من اجل مستقبل افضل.
خلال مرحلة التصحيح الاقتصادي الاولى للفترة 1989/ 2004 اي حوالي 14 عاما فقد تخرجنا من مدرسة صندوق النقد الدولي بنجاح مالي وإخفاق تنموي اي لم نبلغ نموا اقتصاديا مستداما، وبعد اقل من ثلاث سنوات تدثرنا مجددا بعباءة صندوق النقد الدولي، وبعد 12 عاما من الاصلاح المالي الثاني حاولت الحكومات إطلاق صفة غير واقعية وهي .. اسم برنامج وطني للاصلاح الاقتصادي الا ان الواقع كشف عدم دقة ذلك الوصف عندما كشف مدراء صندوق النقد عن انيابهم، وتم التركيز على الجباية ورفع الاسعار والكلف وترك ملفات الاقتصاد جانبا.
نتائج السنوات الماضية كانت مثقلة بالاخفاق ..دين عام قياسي تخطى حاجز 40 مليار دولار، وتعميق اختلالات اقتصادية واجتماعية مزمنة رافق ذلك تراجع النمو الحقيقي، فالموازنة العامة لـ 2019 التي اعلن عنها وتمت موافقة مجلس النواب عليها تحتوي على عنصر حيوي طال انتظاره وهو تغطية النفقات الجارية من الايرادات المحلية، وهذا يشير الى بناء سد امام تمادي الدين العام على الاقتصاد الكلي.
ما اشبه اليوم بالامس مشفوعا بتحديات اكبر وان الرد على هذه التحديات يتطلب إجماعا وطنيا عاما.. حكومة وقطاعا خاصا ومواطنين، ينطلق من عدم تجديد اي برنامج مع صندوق النقد الدولي، وتصميم سياسات مالية جديدة تمارس تقشفا حقيقيا ينطلق بتخفيض النفقات الجارية والتخلص من أعباء عدد من الوحدات المستقلة، ولتحسين الايرادات المحلية لابد من فرض رسوم جمركية على السلع غير الاساسية للمحافظة على الرصيد الجاهز من العملات الاجنبية، وتشجيع المنتجات الاردنية وتشجيع الصادرات وزيادة مقبوضاتنا السياحية وتحويلات المغتربين، ووقف اي ديون جديدة الا لتلبية إما مشاريع استثمارية و/ او إطفاء ديون مستحقة (محلية واجنبية) بحيث لا يسمح للدين العام بالتفاقم خلال السنوات المقبلة.
شعبيا ..المرحلة تتطلب تضافر كافة الجهود لتغير النمط الاستهلاكي والاعتماد على صنع وزرع في الاردن فالحياة الكريمة لا تتحقق الا بالاعتماد على ما ننتج مهما كان ..الاردن يستحق منا جميعا التضحية بالنفس والمال لبلوغ حياة افضل.