التطورات العالمية لا تبرر بناء مصفاة جديدة
يشهد قطاع الطاقة تطورا نوعيا في العالم حيث ستتراجع تدريجيا اهمية الطاقات العضوية الاحفورية خصوصا ( النفط) لصالح الطاقات المتجددة .. الشمسية والرياح والـ جيوثرمال في تلبية كافة الاحتياجات ..الصناعة والنقل والخدمات وصولا الى المنازل، لذلك يتباطأ الطلب العالمي على النفط والمنتجات البترولية بشكل لافت، فالتنافس بين الدول المنتجة والمصدرة للنفط والغاز الطبيعي كبير ويصل حد حروب اسعار تهدد مستقبل صناعة الاستكشافات والتنقيب النفطي.
ويزيد من تحديات قطاع صناعات النفط سرعة التطور الصناعي في وسائط النقل البري والجوي والبحري الذي يتجه لاستخدام الطاقة الكهربائية في المركبات، وخلال عقد من الزمن يرجح ان لا نرى صناعات جديدة لانتاج مركبات تشتغل بالاعتماد على منتجات النفط، فشركات صناعة السيارات تتحول لانتاج مركبات تعمل على الطاقة الكهربائية مع ميل لانخفاض اسعارها امام المستهلكين، اما صناعة الطائرات العملاقة فقد نجحت في تخفيض استهلاك الافتور ( وقود الطائرات ) بنسب مهمة بما يساهم في زيادة الارباح وبيع تذاكر سفر بأسعار معتدلة للمسافرين.
وحسب قراءة سريعة لصناعات التكرير النفطي عالميا نجد ان الولايات المتحدة الامريكية احد كبار منتجي النفط واكبر مستهلك في العالم لا تنحى لبناء مصافٍ جديدة لتكرير النفط، وآخر مصفاة تم بناؤها في امريكا قبل قرابة اربعة عقود، اما دولة الامارات العربية المتحدة احد المنتجين والمصدرين الكبار للنفط الخام تستورد كامل احتياجاتها من المنتجات البترولية الجاهزة من الاسواق المجاورة، والسبب الرئيسي في ذلك المحافظة على البيئة، وتنفذ سلسلة مشاريع مهمة لتوليد الطاقة الكهربائية بالاعتماد على الطاقة النظيفة.
الاردن يعد من الدول التي لديها ميزة نسبية في توليد الطاقة الكهربائية بالاعتماد على الشمس خصوصا في محافظات الجنوب وتستطيع بناء خليط من الطاقة يعتمد بشكل مباشر على الطاقة النظيفة الشمسية والرياح بما يخفض تكاليف استهلاك الطاقة من جهة وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات الاردنية محليا وفي اسواق التصدير من جهة اخرى.
أما الحديث عن بناء مصفاة جديدة للتكرير البترولي في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة او اي مكان آخر في المملكة فإن معدلات نمو استهلاك الطاقة الاحفورية محليا يظهر تباطؤا ملموسا، ومن المتوقع خلال السنوات المقبلة تراجع مستورداتنا من النفط الخام والمنتجات البترولية في ظل نمو الاعتماد على الطاقات النظيفة ( الشمسية والرياح) واستخدام الانارة والسلع المعمرة الموفرة للطاقة من كهربائيات والكترونيات ومركبات وغيرها، كما ان تنفيذ مشروع التوسعة الرابعة لمصفاة البترول الاردنية سيخفض الاحتياجات للمنتجات البترولية الجاهزة..وفي ضوء ما تقدم يعد السماح ببناء مصفاة تكرير نفطي جديدة غير مبرر من كافة الجوانب الفنية والاقتصادية والمالية والبيئية.