هذا قانون عفو عام
وفق الصيغة التي أقرتها اللجنة القانونية في مجلس النواب لمشروع قانون العفو العام، بإمكاننا الآن أن نطلق عليه «عفوا عاما»، فقد كانت الصيغة الحكومية قاصرة تماما عن ترجمة هذا المفهوم باستثنائها حجما كبيرا من الجرائم المرتكبة، ناهيك عن خلوها من الهدف الأساسي للعفو هو التخفيف من حدة الظروف المعيشية للمواطن الأردني.
صيغة اللجنة النيابية وجهود النواب في هذا المجال، هو جهد مقدر، وأعاد صيغة مشروع العفو الى جادة الصواب، بعد أن استثنت الحكومة شريحة واسعة من مرتكبي الجرائم البسيطة، ونتمنى أن تمر هذه الصيغة عبر القنوات التشريعية نوابا وأعيانا حتى الوصول الى استكمال مراحلة الدستورية، فالشعب هو أحوج ما يكون لمثل هذا العفو الذي سينعكس ايجابا على المجتمع برمته، ويخفف من الاحتقانات المعيشية والاجتماعية.
قد يوجه البعض النقد لبعض الجرائم المشمولة وفق الصيغة النيابية، لكن مهما كانت هذه الملاحظات وتدعيمها بأرقام حول أعداد المكررين للجرائم، الا أن هذا القانون هو قانو للعفو العام ويجب أن يكون مكتملا ويحقق أثره كما أراده المشرع، ويشكل نقطة بداية جديدة لمن أخطأ وهم الأغلب برأيي، ومن حقهم أن يمنحوا فرصة ليعودوا أعضاء اسوياء وفاعلين في المجتمع.
يجب أن تنظر الحكومة خلال مناقشات مشروع القانون تحت القبة، للرغبة الشعبية العارمة المؤيدة للجرائم التي تم ادراجها في مشروع القانون من قبل اللجنة القانونية وأعضاء المجلس، ويجب أن لا يكون مشروع القانون «الشعبي» هذا تحديدا عرضة للخلاف، ذلك أن هدفه النهائي يصب في مصلحة الجميع حكومة وبرلمانا وشعبا، ويأتي عقب قرارات حكومية اقتصادية صعبة سيخفف من حدتها توسيع دائرة المشمولين بهذا العفو.
وفق الأرقام الحكومية، فإن كلفة السجين على خزينة الحكومة، تصل الى 750 دينارا للنزيل الواحد شهرا، واذا كان متوقعا بعد هذه التعديلات النيابية على مشروع القانون أن يشمل نحو 11 الف سجين من أصل مجموع نزلاء في مراكز الاصلاح والتأهيل يقترب من العشرين الفا، فإن الوفر المتوقع على الخزينة يصل الى 8 ملايين و250 الف دينار شهريا، ونحو 99 مليون دينار سنويا.
كما يمكّن القانون الحكومة حاليا، من معالجة ملف مؤرق وهو مخالفو قانون الاقامة، حيث يصل عدد المخالفين وفق أرقام رسمية الى 400 الف مخالف لا يدفعون قيمة تصاريح العمل السنوية، وهذه فرصة لأعداد ضخمة منهم لتصويب أوضاعهم إما بالمغادرة أو تسوية إقامتهم بشكل قانوني ودفع ما يترتب عليهم من مبالغ لاستصدار تصاريح عمل قانونية، سترفد الخزينة أيضا بمبالغ إضافية، الى جانب معالجة الأثر الأمني من استمرار بقاء عمالة وافدة في الأردن لا يعرف لها مكان إقامة أو موقع عمل، كما سيساهم هذا الأمر في التخفيف من حدة متطلبات أصحاب المصالح من صغار التجار والمقاولين ويعوضهم نوعا ما عن تبعات قانون ضريبة الدخل الجديد.