jo24_banner
jo24_banner

منصات إطلاق الردح والتشليخ!

حلمي الأسمر
جو 24 : لا يتحدث باسمنا ولا باسم اي مواطن أردني شريف، من يطيل لسانه على إخوتنا واخواتنا من اللاجئين السوريين، الذين قصدوا هذه البلاد وهم يعرفون انهم سيجدون فيها الأخ والأهل والملاذ، ليس منا من يرمي المحصنات الغافلات بأقذع التهم والشتائم، ويطلق العبارات الجارحة جزافا، واضعا الجميع في سلة واحدة، وكل منا يعرف أن لكل بيت مصرفه، وليس من النخوة والرجولة والإنصاف إلصاق تهم قد تخص فئة معينة ومعزولة بشعب كامل، لاجئين كانوا أو غير ذلك!

نشعر بالأسى العميق ونحن نرى نخب الأمة –او هكذا يفترض ان تكون- من نواب وكتاب ومثقفين، وإعلاميين، يتورطون بحفلات الردح والشتم البينية، فترى سبابا وشتائم، ولا تسمع آراء ولا تقويمات، حتى كاد المرء يحسب انه يجلس في «سوق البالة» مع الاحترام الشديد للبالة ومن يبيعها ومن يشتريها!

محزن حد الفجيعة، تحول منابر العرب، او جُلها، إلى منصات للردح والتشليخ (عوضا عن منصات إطلاق الصواريخ باتجاه العدو!) وفي جميع الاتجاهات، تحت مسمى ملتبس هو: حرية الرأي، ولا رأي في الرأي، بل قذف وشتم وذم وتقريع، إما بدافع ذاتي ينم عن نفوس مريضة، او بتمويل خارجي، تصفية لحسابات، أو انتصارا لجهة على جهة أخرى، حتى شعراء الجاهلية لم ينزلقوا إلى ما انزلق عليه بعض إعلاميي العرب، الذين يتقاضون الملايين، لقاء تحولهم إلى ألسنة للسباب والتجريح، مستثمرين أسماءهم الكبيرة، ووسائل إعلامهم الممولة تمويلا مشبوها، وحتى شبكات التواصل الاجتماعي، لنشر سمومهم وعوراتهم الدميمة!

في حوار سريع جرى بيني وبين «مغردتين» على تويتر، صرحتا أنهما ليستا محايديتن، وعابتا علي انني احاول أن اكون موضوعيا، خاصة فيما يتعلق بحركات الشباب الحراكيين، ومطالبهم الإصلاحية، فاقول ما لهم وما عليهم، بين يدي بدء مرحلة القوة «المناسبة»، ونسيتا أن ربنا جلت قدرته، اعطانا عينين اثنتين لنرى بهما، لا بواحدة، كي يكتمل المشهد، وبغير هذا فنحن نختار ان نرى نصف الصورة، ونهمل النصف الآخر، طبعا هذا مع حسن النية، فماذا إذا كانت النية مبيتة ألا نسمع ولا نرى، بل نتكلم بما يُهمس في آذاننا، ولا ننطق إلا بما نُحقن به؟

إن نظرة سريعة إلى ما يكتب في تويتر وفيسبوك تحديدا، حول قطر والحراك والإخوان ومرسي، وما نسمعه ونراه في قنوات الردح والشتم، توصلنا إلى نتيجة كارثية، وهي اننا نعيش فترة انحطاط في مستوى التعبير، لم يسبق له مثيل في تاريخنا، والفرق كبير وهائل، بين حرية التعبير، هتك اعراض الناس وشتمهم!


hilmias@gmail.com


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news