jo24_banner
jo24_banner

العفو العام: الحكومة فشلت بتوظيفه سياسياً، والبرلمان أفقده بهجته !

ايهاب سلامة
جو 24 :
أضاعت الحكومة ومجلس الأمة، معاً، فرصة العفو العام الثمينة، لتخفيف الضغوط والإحتقانات الشعبية المتأججة.. ومحاولة إعادة فتح صفحة جديدة مع المواطنين الحانقين، وأبوا إلا تفريغه من قيمته، بتأخيره وتفصيله وتسويفه، فأفقدوه بهجته، ولم يعد الإعلان عنه مشوقاً، ولا يثير شهية الأردنيين..

إذا كانت إحدى غايات العفو العام، تحقيق مكتسبات سياسية، وردم مساحة من الهوة الشاسعة الفاصلة بين الحكومات والمواطنين، لإعادة كسب رصيد من الثقة الشعبية، فقد أسقطت هذه المكتسبات سلفاً، وقبيل قدوم موعد الإعلان عنه.

حتى لو تصوفنا بالفكرة، بأن المماطلة في تنفيذ العفو العام، تم استغلاله عن قصد لإشغال الرأي العام بحدودته، وتوجيه بوصلة الشارع قليلاً عن "الدوار الرابع" والانتقادات للحكومة، مع تزامن إقرار قوانين طاردة للثقة .. فان هذه المماطلة أحدثت نتائج عكسية، وزادت من حنق المواطنين على الحكومة والنواب معاً، وألّبت عليهما بشكل أكبر.

زد على ذلك، بأن تأخير صدور العفو العام، أخرّ معه سلسلة طويلة من معاملات المواطنين في مختلف مؤسسات الدولة، من دفع ضرائب، وترخيص مركبات، ودفع مستحقات وغرامات مالية وخلافه، ولو رُصدت المركبات التي تسير في شوارع المملكة الان، لوُجدت العديد منها منتهية الترخيص والتأمين، بانتظار صدور العفو على مخالفات السير.

في غضون ذلك، يشتكي مواطنون من ارتفاع فواتير الكهرباء هذا الشهر .. ومن حملة لفصل التيار عن منازل ومحال تجارية لتحصيل مبالغ وصله لاحقاً!

مثلما تزامن مخاض العفو العام، مع انتشار ملحوظ لدوريات الشرطة بشكل غير اعتيادي، لضبط مخالفات السائقين والمركبات، بتوقيت فيه دلالات مشوشة.. قد يفسرها البعض أنها محاولات حكومية، لتحصيل قيمة المبالغ المستنزفة جراء العفو، من جيوب المواطنين، قبيل البدء بتنفيذه!

كان بامكان الحكومة توظيف العفو العام بشكل سياسي مجدٍ وأعمق من حسابات الأرقام، والإنشغال بتفصيل قانونه وفق مقاساتها وأهوائها، واستغلاله بحنكة لتصريف احتقانات شعبية، والبناء على مداميكه لاحقاً، بإعادة ضخ مزيد من الثقة بالحكومة التي زاد من إنهاك شعبيتها، تصريحات وزرائها ووزيراتها المتخبطة كل ساعة وأخرى، حتى يخيل إليك أنهم يتعمدون إثارة سخط الشارع واستفزازه.

شخصياً، لم أكن يوماً من مؤيدي العفو العام، خاصة عندما يتعلق الامر باطلاق سراح مجرمين، وأرباب سوابق، وإعادة نشرهم مجدداً في مجتمعاتنا المثخنة بالأزمات المجتمعية.

والسؤال: هل هناك أي مكاسب تذكر من العفو عن مرتكبي جرائم الإتجار بالمخدرات وترويجها مثلاً؟.. أو جرائم النصب والإحتيال والسرقة؟ أو إساءة الائتمان والغش والافتراء وشهادة الزور؟ .. في وقت يضيق فيه صدر قانون العفو العام، عما وصفها بـ"جرائم دعم المقاومة الفلسطينية"!

العفو .. لمن يستحق العفو، واكتساب فرصة أخرى، مع أن القصاص وجد لتقويم سلوك البشر، وضبط توازن الحياة ومجتمعاتها: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب)..

والحقيقة المؤكدة بأرقام إحصائية، تفيد بأن قرابة نصف المعفى عنهم بقوانين سابقة، عادوا مجدداً الى السجون، بذات القضايا وغيرها !، وربما البقية منعتهم أعمارهم المتقدمة من العودة، وآخرون قلّة هداهم الله إذ هداهم.

حصيلة العفو العام، أنه قد يعفو عن مجرمين وأصحاب جنح وغيرهم، لكنه من المؤكد شعبياً، أنه لن يعفو عن خطايا الحكومات بحق الأردن والأردنيين!
تابعو الأردن 24 على google news