تشجيع النمو يتبع تخفيض الكلف
تلوح في الافق فرص حقيقية لانتشال الاقتصاد بقطاعاته المختلفة من ركود عميق انزلق اليه خلال السنوات القليلة الفائتة، وتتمثل هذه الفرص في فتح الحدود الارنية العراقية والاتفاقيات التي ابرمت مؤخرا بين البلدين وشملت قطاعات عريضة، وفتح المعبر الشمالي الاردني السوري الذي يتيح زيادة المبادلات التجارية بين البلدين ومع لبنان فالتبادل التجاري يمكن ان يشكل قاطرة مهمة لتحريك الاقتصاد الاردني، ويضاف الى ذلك تحسن ملموس في العلاقات الاردنية مع عدد من الدول الخليجية التي تعتبر عمقا تجاريا واستثماريا للاردن.
زيادة القدرة التنافسية للمنتجات الاردنية السلعية والخدمية غاية في الاهمية للوصول بكفاءة الى المستهلك النهائي في الاسواق العربية التقليدية التي تشهد تنافسا كبيرا ودخول منتجات عدد من الدول العربية والاجنبية اليها، فالاعتماد على تاريخ علاقات التعاون الثنائي لا يكفي وحده، فالمطلوب من القطاع الخاص والحكومة دراسة اسواق التصدير والمنافسة وتقديم منتجات عالية الجودة باسعار منافسة لاسترداد الحصة السوقية للمنتجات الاردنية وتأكيد حضورها مجددا.
فالموقع الجيوسياسي الفريد للاردن يمكنه من تحقيق اهدافة التجارية وارتياد اسواق عربية مهمة في مقدمتها العراق وسوريا، الا ان تخفيض تكاليف الانتاج ضروري بما ينعكس ايجابيا على سرعة نفاذها وفي مقدمة هذه الكلف الطاقة والرسوم والضرائب وهياكل الفائدة المصرفية، وقد يكون هذا الطلب بمثابة سباحة عكس احتياجات المالية العامة، الا انه سيكون وقتيًا إذ سرعان ما ترتفع الايرادات المحلية مع تسارع وتائر الانشطة الاقتصادية والاستثمارية.
المراجعة الاخيرة لبعثة صندوق النقد الدولي التي انهت مؤخرا مراجعة اداء القطاعات الاقتصادية حثت الحكومة على تخفيض اثمان الطاقة الكهربائية التي تعتبر مرتفعة ومرهقة للانشطة الاقتصادية من المصانع ومرافق الخدمات المختلفة، فالمبالغة في رفع اسعار الطاقة الكهربائية تقف عثرة حقيقية امام تحسين الاداء الاقتصادي، فالفواتير الشهرية للطاقة الكهربائية ادت الى إغلاق اعداد كبيرة من المصانع والمحلات التجارية، فالطاقة تعتبر من السلع الارتكازية التي تؤثر على الاسعار للمستهلك النهائي في الاسواق المحلية واسواق التصدير.
ان رفع اسعار الخدمات والرسم يجب ان يكون مبررا ويستند الى تحسين الخدمات المقدمة ولا يستند فقط الى زيادة احتياجات الخزينة لمزيد من الاموال لانفاقها لمواجهة توسع الانفاق العام دون ارتباط ذلك بزيادة القيمة المضافة للنفقات الحكومية التي ترتفع سنويا بدون مبررات كافية، فتخفيض النفقات العامة شرط اساسي لتحسن اداء الاقتصاد الكلي والافلات من الركود العميق الذي وصل اليه جراء بعض السياسات المالية لا تخدم المنتجات الوطنية وتنافسيتها..مرة اخرى ان هذه المرحلة تتطلب سياسات اقتصادية محددة تستند الى سياسات مالية تخدم النمو وتساهم في تسريع وتائره.