نهاية أسطورة “دكتور الحموضة”
د.عاصم منصور
جو 24 : قضت محكمة ساندییغو بتغریم روبرت یونغ صاحب كتاب miracle PH ذائع الصیت مبلغ
105 ملایین دولار في أكبر قضیة تعویض لھذا النوع من القضایا وذلك لممارستھ الطب دون
أن یكون مؤھلا ولا مرخصا لذلك وكانت محكمة أخرى قد حاكمتھ جنائیا وقضت بحبسھ قبل
ذلك بأشھر.
وكانت عائلة أحد المرضى الذین قضوا بالسرطان قد رفعت علیھ دعوة متھمة ایاه بالاحتیال
والاھمال من خلال نصیحتھ لھم بعدم الخضوع للعلاج التقلیدي والاكتفاء ببرنامجھ الغذائي الذي
جنى من خلالھ ملایین الدولارات وباع عشرات الملایین من نسخ كتبھ التي كانت ضمن الكتب
الأكثر مبیعا في مختلف دول العالم وترجمت إلى مختلف اللغات.
فقد ذاع صیت یونغ من خلال ادعائھ أن نسبة الحموضة في الدم ھي المسؤولة عن جمیع
الأمراض بما فیھا السرطان، وان العلاج یكمن باتباع حمیة قلویة دون الحاجة لأخذ العلاجات
المتعارف علیھا لھذه الأمراض والتي مرت بكافة مراحل البحث العلمي والسریري.
لقد وجھ ھذا الحكم ضربھ قاصمة لمدعي الطب البدیل وقد یؤسس لسابقة قضائیة یمكن البناء
علیھا مستقبلا بحیث لم یعد یمكن النظر الیھا كما لو انھا مكملات أو أسالیب علاج لا ضیر من
اتباعھا دون مساءلة قانونیة.
لا أظن أن احدا من زملائي العاملین في مجال علاج السرطان یتعرض لأي سؤال من قبل
الأصدقاء والمرضى قدر تعرضھ لأسئلة تتعلق بما یعرف بالطب البدیل، فھذا النوع من ”الطب"
لا یختص بمنطقة أو بدول دون اخرى، فھو موجود وان كان بصور مختلفة في كل مكان لكن
الدول المتقدمة تعتمد قوانین لتنظیمھ والتقلیل من ضرره لذلك نرى آلاف المرضى الأمیركیین
یعبرون الحدود مع المكسیك طلبا لھذا النوع من ”الطب".
لا شك أن المریض یلجأ إلى ھذه الممارسة عندما یفقد الأمل في الطب الحدیث في حل مشكلتھ
من باب أن الغریق یتعلق بقشة، ومن ھذا المدخل یلج معظم المتاجرین بآلام الناس بغیة تحقیق
مرابح سریعة وسھلة.
لا ینكر أحد أن بعض الممارسات المستمدة من الموروث الشعبي قد تؤدي إلى تحسن في بعض
الاعراض التي تصاحب بعض الأمراض المستعصیة؛ لكن لم یثبت أن أیا منھا قد أدى إلى شفاء
أي من ھذه الأمراض، بل إن لبعضھا آثارا جانبیة مدمرة قد تتفاعل مع الأدویة التي یتناولھا
المریض مما یؤدي الى عدم الاستجابة لھذه الأدویة أو الى زیادة اعراضھا الجانبیة الخطیرة؛
وربما تسبب الوفاة، فكثیرا ما یأتینا المرضى بأعراض لا نجد لھا تفسیراً لنكتشف فیما بعد انھم
قد تعرضوا لبعض أنواع ما یعرف زوراً بالطب البدیل.
لقد انھت ھذه القضیة اسطورة ”طبیب الحموضة" وسیلحق بھ ”اطباء السكر" وغیرھم من
المتطفلین الذین یقتاتون على بقایا اجساد الضحایا التي انھكھا المرض.