نهاية الإبراهيمي هل تكون بداية لدور مصري؟
ياسر ابو هلاله
جو 24 : لم أستوعب لماذا لاقى لاجئو مخيم الزعتري الأخضر الإبراهيمي، يوم زارهم، بمظاهرة صاخبة، تستنكر دوره المنحاز للرئيس بشار الأسد. بدا وقتها أقرب إلى الوسيط النزيه الذي يسعى إلى إيجاد طريقة لوقف شلال الدم في سورية. ومع الوقت، تبين أن فطرة هؤلاء المشردين، من أطفال ونساء وعجزة وجرحى، أكثر دقة من أي تحليل مبني على معلومات وفرضيات.
مع الوقت، تكشف أن الإبراهيمي يقوم عمليا بدور وليد المعلم بشكل أكثر ذكاء وتعقيدا. فهو لا يشطب أوروبا من الخريطة، ولا يسخر من الجامعة العربية، ولا يقوم بتأليف سيناريوهات المؤامرة متلفزة؛ دوره أرقى من ذلك. وضع بنفسه استراتيجية إنقاذ النظام من خلال قراءة عميقة للمواقف الدولية والإقليمية والسورية. وبحسب زواره في القاهرة، فهو يرى أن ما يجري في سورية نفس ما جرى في الجزائر مطلع التسعينيات؛ صراع بين جنرالات يمثلون الاستبداد المستنير، وثوار يمثلون الإسلاميين الذين يجسدون بنظره التخلف والرجعية. وهو لا يرى في سورية لا ثورة ولا ما يحزنون؛ مجرد إرهابيين يحاولون اختطاف الدولة. وهو في التسعينيات كان رجل الظل القوي الذي يعتمد عليه جنرالات الجزائر في الترويج لأنفسهم في الغرب والمجتمع الدولي.
يُقرأ موقف الإبراهيمي في سياق الموقف الجزائري؛ فقد تحول المسار الديمقراطي بفعل أخطاء العسكر والإسلاميين إلى حرب أهلية، حصدت أرواح أكثر من مئة ألف. وعندما بدأ مهمته الفاشلة في سورية، لم يكن العدد قد وصل إلى ذلك.
في قمة الدوحة، أُعلن بشكل غير رسمي عن نهاية الإبراهيمي. فالجامعة العربية بقيادة أقرب حلفاء النظام السوري، خضير الخزاعي (نائب الرئيس العراقي المكلف بتوقيع أحكام الإعدام لدى المالكي، وأحد المتشددين المحسوبين على إيران) تعامل مع النظام السوري الجديد الذي يمثله معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني بواقعية. وكذا باقي المحسوبين على النظام السوري. واللافت أن أحدا لم يفتقد الأخضر الإبراهيمي الذي غاب عن القمة التي أنهت مهمته.
لم يستسلم الإبراهيمي. وبحسب ما ذكرت أنباء صحفية، فإنه سيواصل مهمته من خلال الأمم المتحدة بمعزل عن الجامعة العربية. طبعا، سيجد سندا من روسيا وإيران اللتين تحرصان على مواصلة الحديث عن الحل السياسي، في الوقت الذي تواصلان فيه إسناد آلة التدمير العسكرية لنظام بشار.
لا يوجد من يصدق حكاية الحل السياسي، وهو مجرد قنابل سياسية للتغطية على جرائم النظام. ولذا، كان مستغربا اجتماع الرئيس المصري محمد مرسي، مع الإبراهيمي، ومغادرة مساعده عصام الحداد إلى موسكو في اليوم التالي. بعدها، زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تركيا. مصر وتركيا متهمتان من إيران وبشار وروسيا بأنهما محكومتان من الإخوان، وتكال لهما تهم التآمر على الشعب السوري، فلماذا صار البلدان قبلة للباحثين عن "حل سياسي"؟
ليس مقبولا من الرئيس مرسي، أول رئيس عربي منتخب حمَلَته ثورة شعبية، أن يكون جزءا من حراك سياسي يهدف لحماية الأسد. لا الثورة ولا الإخوان يقبلون بهذا الدور. وليس مقبولا من بلد ديمقراطي كتركيا ذلك. على ما يبدو، فإن مرسي يكرر محاولات معاذ الخطيب الفاشلة لإحداث اختراق سياسي. والمؤكد أن بشار لا يقبل بالشرط الشارط لأي حل سياسي، وهو تنحيته، حتى لو قبل بذلك الروس والإيرانيون. لكن بالنتيجة، حتى في ظل حتمية الحل العسكري، لا بد من جهة سياسية تفاوض على سقوط النظام. لكن قبل ذلك، لا بد من تغيير المعادلة العسكرية على الأرض. ومن المقبول هنا أن يكون مرسي جزءا من حراك سياسي يسهّل سقوط الأسد.
(الغد)
مع الوقت، تكشف أن الإبراهيمي يقوم عمليا بدور وليد المعلم بشكل أكثر ذكاء وتعقيدا. فهو لا يشطب أوروبا من الخريطة، ولا يسخر من الجامعة العربية، ولا يقوم بتأليف سيناريوهات المؤامرة متلفزة؛ دوره أرقى من ذلك. وضع بنفسه استراتيجية إنقاذ النظام من خلال قراءة عميقة للمواقف الدولية والإقليمية والسورية. وبحسب زواره في القاهرة، فهو يرى أن ما يجري في سورية نفس ما جرى في الجزائر مطلع التسعينيات؛ صراع بين جنرالات يمثلون الاستبداد المستنير، وثوار يمثلون الإسلاميين الذين يجسدون بنظره التخلف والرجعية. وهو لا يرى في سورية لا ثورة ولا ما يحزنون؛ مجرد إرهابيين يحاولون اختطاف الدولة. وهو في التسعينيات كان رجل الظل القوي الذي يعتمد عليه جنرالات الجزائر في الترويج لأنفسهم في الغرب والمجتمع الدولي.
يُقرأ موقف الإبراهيمي في سياق الموقف الجزائري؛ فقد تحول المسار الديمقراطي بفعل أخطاء العسكر والإسلاميين إلى حرب أهلية، حصدت أرواح أكثر من مئة ألف. وعندما بدأ مهمته الفاشلة في سورية، لم يكن العدد قد وصل إلى ذلك.
في قمة الدوحة، أُعلن بشكل غير رسمي عن نهاية الإبراهيمي. فالجامعة العربية بقيادة أقرب حلفاء النظام السوري، خضير الخزاعي (نائب الرئيس العراقي المكلف بتوقيع أحكام الإعدام لدى المالكي، وأحد المتشددين المحسوبين على إيران) تعامل مع النظام السوري الجديد الذي يمثله معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني بواقعية. وكذا باقي المحسوبين على النظام السوري. واللافت أن أحدا لم يفتقد الأخضر الإبراهيمي الذي غاب عن القمة التي أنهت مهمته.
لم يستسلم الإبراهيمي. وبحسب ما ذكرت أنباء صحفية، فإنه سيواصل مهمته من خلال الأمم المتحدة بمعزل عن الجامعة العربية. طبعا، سيجد سندا من روسيا وإيران اللتين تحرصان على مواصلة الحديث عن الحل السياسي، في الوقت الذي تواصلان فيه إسناد آلة التدمير العسكرية لنظام بشار.
لا يوجد من يصدق حكاية الحل السياسي، وهو مجرد قنابل سياسية للتغطية على جرائم النظام. ولذا، كان مستغربا اجتماع الرئيس المصري محمد مرسي، مع الإبراهيمي، ومغادرة مساعده عصام الحداد إلى موسكو في اليوم التالي. بعدها، زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تركيا. مصر وتركيا متهمتان من إيران وبشار وروسيا بأنهما محكومتان من الإخوان، وتكال لهما تهم التآمر على الشعب السوري، فلماذا صار البلدان قبلة للباحثين عن "حل سياسي"؟
ليس مقبولا من الرئيس مرسي، أول رئيس عربي منتخب حمَلَته ثورة شعبية، أن يكون جزءا من حراك سياسي يهدف لحماية الأسد. لا الثورة ولا الإخوان يقبلون بهذا الدور. وليس مقبولا من بلد ديمقراطي كتركيا ذلك. على ما يبدو، فإن مرسي يكرر محاولات معاذ الخطيب الفاشلة لإحداث اختراق سياسي. والمؤكد أن بشار لا يقبل بالشرط الشارط لأي حل سياسي، وهو تنحيته، حتى لو قبل بذلك الروس والإيرانيون. لكن بالنتيجة، حتى في ظل حتمية الحل العسكري، لا بد من جهة سياسية تفاوض على سقوط النظام. لكن قبل ذلك، لا بد من تغيير المعادلة العسكرية على الأرض. ومن المقبول هنا أن يكون مرسي جزءا من حراك سياسي يسهّل سقوط الأسد.
(الغد)