jo24_banner
jo24_banner

شكوى الحال مرض يتحول إلى عقم

خالد الزبيدي
جو 24 : الغالبية العظمي من العامة تشكو من سوء الحال الاقتصادي، وقلة من تقتنع بأن الحال افضل والمستقبل سيكون أحسن، والسبب بذلك تحوُّل الشكوى من مرض الى عقم حقيقي في الفكر والممارسة، لذلك تجد هناك محاولات للحصول على أجر اكثر مما تم الاتفاق عليه مع سائق التاكسي، ومحاولة التنصل من قرار خفض الأجور رغم وجوب هذا التخفيض بسبب تراجع كلف التشغيل.
هذا السلوك لايمكن تجاوزه أو معالجته بالمنشادة وحدها، فالحاجة تستوجب تنفيذ القوانين، ووجوب تسديد اثمان المياه والكهرباء أمرٌ غير قابل للمفاصلة، لاسيما أن لجوء البعض لذلك يعني -بشكل أو بآخر- تحميله لبقية المواطنين إمّا بشكل مباشر أو غير مباشرة، وفي ذلك معاقبة الملتزمين وإفلات من يعتدي على حقوق الاخرين.
من أسباب هذه الممارسات إلقاء البعض باللوم على السياسات الحكومية المالية والضريبية، متجاهلين أنهم في ذلك يخرجون على القوانين الإلهية والوضعية، ومع ذلك نجدهم يتحدثون عن الأخلاق الحميدة وتعاليم الأديان، وحب الوطن.
هناك تفاصيل مقنعة لجوانب مهمة في قرارات الحكومات ماليا واقتصاديا، وهناك جوانب غير مقنعة، ومن حق الناس أن يعبروا عن انتقاداتهم، وهذا لا يخولهم التمادي أو عدم الالتزام بالقوانين، ومن يقوم بذلك يحاول أن يحتكم لقوانين شريعة الغاب بعيدا عن التحضر.
في الدول المتقدمة يتعاملون معك على أنك صادق الى أن يثبت العكس، ومن الجرائم التي لا تغتفر اقتصاديا عدم تسديد الضريبة، واجتماعيا فتح صندوق البريد المثبت أمام المنزل، وبالكاد تسمع من يشكو من صعوبة الأوضاع لمن يستحق أو لا يستحق، ومن يستطيع أو لا يستطيع تقديم المساعدة.
يبدوا أننا خسرنا الكثير خلال السنوات القليلة الماضية ليس في الجوانب الاقتصادية والمالية وتراكم الديون على مستوى الدولة والشركة وصولا الى الأسرة، بل خسرنا الكثير في معايير المعاملات وأخلاقياتها، ونسينا أن تعزيز منظومة المعاملات اكبر تحد يواجهنا، وهو اصعب من تراكم الديون وتباطؤ الاقتصاد خلال فترة زمنية معينة.
هناك دول كبرى كانت قبل عقود مضت مثقلة بالديون، ومنها البرازيل التي كانت تعد اكبر دولة مدينة، واليوم هي ضمن منظومة الاقتصادات الصاعدة، أي أن الديون تعبر عن اخفاق أو نجاح الإدارة المالية للدولة خلال فترة زمنية ويمكن معالجة الأمر ضمن خطط حقيقية، وبالتالي الإفلات من الديون والإخفاق الاقتصادي.
التحدي الكبير الذي نعاني منه يكمن بتدني الكفاءة والانتاجية والميل للكسل واستهلاك اكثر بكثير مما ننتج، ويصاحب ذلك مظاهر مرضية نخشى أن تتحول الى أمراض سلوكية مزمنة يصعب معالجتها...بطالة مرتفعة وتوظيف أكثر من مليون عامل وافد يشتغلون في معظم القطاعات الإنتاجية والخدمية...ويخرج علينا من يشكو مرَّ الشكوى دون أن يُشمِّر عن ساعديه.

zubaidy_kh@yahoo.com


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news