النسور والحمامة
المناقشات النيابية لبيان الحكومة ومنحها الثقة لاحقاً تأخذك الى عالم الحيوان الكبير ويمنحك الخيال للمقارنة التي لا تحتاج الى عبقرية بل هم بأنفسهم يعطوك الصورة التي تثير السخرية والأسى بآنٍ واحد , فأحد النواب شبه النسور النائب قبل رئاسته للوزراء كالنسر الذي كان ينقض على فريسته من رؤساء الوزراء السابقين بالنقد والهجوم وحجب الثقة حتى على أكبر الرؤساء وعوداً وعطايا ما هو تحت الطاولة وما فوقها أيام الرقم 111 العتيد في تاريخنا الأردني ، يومها أثار النسور أعجابنا ورفعنا له القبعة لكونه وصل من العمر عتياً وحاز على المناصب والوزارات ما يجعله عفيفاً حتى على أكبر المراكز التي يمكن أن يحصل عليها إنسان أردني طامحاً مستوزراً وكأن عودته للحياة السياسة ونجاحه في الإنتخابات النيابية عام 2010 جاءت سداداً للآردن شعباً فقيراً مهمشاً مستغلاً( بفتح الغين) منهوباً ومنهوكاً ، فرأيت بشخص النسور هذا المنقذ الغاضب الذي يود أن يضع بصمته المضيئة في تاريخه السياسي قبل أن يداهمه القدر المحتوم .
ولكننا الأردنيون المخيبون دائماً لم تطل وقفتنا الإعجابية بهذا القادم بعد غياب لعقد ونيف عن العمل السياسي حتى يكشف عن صلعته ويرضى بالمنصب ليتحول الى وحشٍ كاسرٍ يود لو أنه يفرم لحمنا كفتة ويدق عظامنا طحيناً إرضاءً للوصفات المفروضة وأقطاب الشر المفسدون الهارب منهم والمقيم على صدورنا غصباً وعنوةً.
أشعر بالتشفي والشماتة وأقاوم نوازع نفسي وأقول اللهم لا شماته , وعندما أرى أحد النواب يشبهه بالحمامة بعد أن كان نسراً محلقاً بالأعالي وقبع جالساً صامتاً يتلقى الكلمات المؤلمة والمؤذية بعد هذا العمر الطويل ليختمه بهذه المذلة ليقايضهم بالثقة المدعودة ممن لا يساويه بعلمه وماضيه ومناصبه, وللأسف المقايضة بعدم رفع أسعار الكهرباء والماء , أبعد هذا العمر وهذا الإنتماء وهذه الخطابات الرنانة له بالوطنية والوقوف بجانب الشعب الأردني المكلوم يقف في صف من يريد تجويع أحفاد عودة ابو تايه وكليب الشريدة ونمر العدوان ومصطفى وهبي التل وعبدالحليم النمر وسليمان النابلسي وبشارة غصيب ومنيف الرزاز ووصفي التل وهزاع المجالي , أبعد أن كان مشعل نورٍ في وزارة التربية والتعليم يريد إطفاء بيوت الأردنيين ونشر الظلام والحلكة إذا لم يدفعوا فواتير الكهرباء لسداد الديون التي راكمها الفاسدون وهم الآن أصبحوا أصدقاءه وندمائه ويحاول الدفاع عنهم وعن فسادهم وأصبح عاجزاً عن إتهامهم أو القبض عليهم أو ملاحقة الهارب منهم في مدينة الضباب ونعود هنا إلى عالم الحيوان الكبير الذي أشرنا له بالبداية فهو للآن لم يقبض على قطٍ أو ثعلبٍ أو حتى فأر بينما القى خطابا رناناً في مدينة الزرقاء يسترزق ثقة النواب بأنه سيكسر وسيحطم و.......و..... أكبر رأس من الفاسدين ، وبرغم مرور ما يزيد على خمسة أشهر من رئاسته للوزارة ولكن سجله حفل بتكسير رأس الشعب الأردني في عمان وأربد ومعان والكرك وذيبان وحتى مدينة السلط مسقط رأسه حاصر أبناء عمومته وعشيرته بيته وحرموه من النوم به .
أيها النواب المحترمون كونوا كالأسود في خطاباتكم وكونوا كالأسود في حجبكم للثقة وأرحمونا من هذا المتذاكي الذي يحلم بأطفاء بيوتنا ونشر الظلام لتبقى الخفافيش تحلق بسمائنا بعد أن غابت النواطير.