تراكم الفشل يتهدد منظومتنا المؤسسية.. بقاء الامين استهانة بمصدر السلطات
جو 24 :
المحرر السياسي - لم يصدر عن الحكومة وأمانة عمان ما يمكن تسميته "ردّ فعل" على غرق العاصمة عمان جراء المنخفض الجوي الأخير، فرئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز الذي قدِم من لندن مساء الجمعة ونزل دون اصطحاب أمين عمان الدكتور يوسف الشواربة حصر حديثه وتصريحاته بعبارات فضفاضة لا تحمل أي بارقة أمل بمحاسبة المسؤولين عن غرق عمان ولا حتى تعويض المتضررين من التجار وأصحاب المركبات، بينما ذهب الشواربة لعقد اجتماع مع مديرين في الأمانة اليوم السبت.
ما جرى يحتاج إلى مراجعة وتقييم ودراسة حقيقية بعيدا عن الأعذار والمبررات المعلبة والجاهزة، خاصة وأن العاصمة شهدت حدثا مشابها قبل أربع سنوات، لكن يبدو أن أحدا لم يأخذ العبرة ولم يستفد من الدرس الذي كان ثمنه أرواح خسرناها. ومن غير المعقول أن يبقى الأمر مقتصرا على اعلان تشكيل غرف عمليات واعلان حالة الطوارئ عند كل منخفض ودون فائدة ملموسة على الأرض.
صحيح أن كميات الأمطار التي هطلت كانت كبيرة، لكنها كانت متوقعة أيضا وليست مباغتة، وأما الحديث عن كون ما شهدته العاصمة أشبه بالكارثة الطبيعية والطوفان فهو غير دقيق، والحقيقة أن ما شهدته عمان هو طوفان الترهل والتقصير وعدم الاخلاص في العمل، خاصة وأن الغرق لم يقتصر على وسط البلد فقط بل في كثير من أنحاء العاصمة؛ منطقة الدوار السابع، البيادر، المقابلين، وخريبة السوق وغيرها الكثير.
ولنفترض جدلا أن ما جرى كان استثنائيا وغير متوقع، هل سنرى اجراءات بعدية؟ هل سيتم تعويض الناس عن خسائرهم؟ ثمّ لماذا لم يرجع الشواربة من لندن بشكل فوري إذا كان الأمر استثنائيا؟! ولماذا غادر إلى هناك أصلا؟ ما الذي سيقدّمه؟ هل يعجبه أن العاصمة تغرق بينما هو يجلس هناك يُحدّث العالم عن بنيتنا التحتية؟!!
والأنكى من ذلك أن الرجل عندما اجتمع اليوم مع مديري الأمانة تجاهل كلّ الغضب الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي ومجالس الأردنيين على الحفل الذي أقامه وكرّم خلاله عددا من "المؤديات" قال إن الأمانة يجب أن تستمرّ في نشاطها ودعم الفن والثقافة والأدب.
الواضح من ردّة فعل الشواربة والرزاز أننا نعيش في بلد الكلّ فيها محصّن باستثناء المواطن العادي، والمسؤول فيها باقٍ ما دام صاحب القرار راضيا عنه! وإلّا فما هو مصدر هذا الاطمئنان والاسترخاء الذي يعيشه الرزاز والشواربة ومسؤولو الأمانة؟!!
هؤلاء، يعتقدون أن بقاءهم في مواقعهم لا يتأثر بسخط الناس ونقمتهم ، تماما كما يعتقد صناع القرار أن كلّ حادثة يشهدها الأردن ما هي إلا زوبعة في فنجان سرعان ما تنتهي وينتقل الناس للحديث في مصيبة أخرى، ولا يدركون أن تراكم الفشل في مختلف الملفات يخلق انطباعات لدى المواطنين بفشل الدولة والمنظومة، والواقع أن الانطباع دائما أقوى من الحقيقة، وإن تشكّل انطباع بفشل الدولة فهذا قد يؤدي بالمحصلة إلى ما لا يحمد عقباه..