موسم الهجرة إلى العاصمة.. فشل حكومي وشارع فوق برميل بارود!
ايهاب سلامة
جو 24 :
أين عقل الدولة؟ .. وهل ثمة عاقلون يقدّرون الحالة التي وصلت لها البلاد والعباد من يأس وبؤس وإحباط ؟ وعلام يعول أهل "العقد والحل" الغائبون عن تصريف الإحتقانات التي وصلت فتيل الإنفجار؟
كيف لرئيس الحكومة أن لا يحسن التقدير والتدبير بهذا الشكل الذي يؤشر على فقدان البوصلة، دون تحرك فوري لرأب صدع مخيف بات يتشقق في جدران المجتمع الأردني الذي بلغ ما بعد مرحلة السخط بأشواط؟
خذ مثلاً .. شباب من الجنوب يحجّون إلى العاصمة على لحم أقدامهم، يدفعهم الفقر والعوز إلى إطلاق صرخات استغاثة على بوابة الديوان الملكي وهم غارقون في ماء المطر الذي داهم شوارع المدينة التي لاذوا اليها وهم لا يدركون أنها وأهلها يبحثون عمن يلوذون إليه..
ما الذي ينتظره رئيس الحكومة بحنكته؟ أن تستمر موجات الزحف إلى العاصمة بعد أن بلغ سيل يأس الناس وفقرهم زباه؟
لماذا لا يتخذ الرئيس الحصيف قراراً فورياً باخماد نار تلوح في الأفق قد تطحن الأخضر واليابس، ويصدر تعليماته لبلديات محافظات الجنوب مثلاً ، أو مؤسسات حكومية وشبه حكومية أو حتى خاصة، لاستيعاب بضع عشرات من الشبان اليائسين قبل أن يصل تعدادهم إلى رقم لن تستطيع حكومته ولا أجهزة الدولة كلها احتواءه ولا السيطرة عليهم ؟
لماذا لا يتعلم المسؤول الأردني من الدروس الغابرة التي اكتوينا بها سابقاً؟ حين توافد بضع عشرات من عمال الزراعة قبل نحو عقد من الزمان إلى الدوار الرابع، وأشعلوا شرارة الحراكات الشعبية قبيل حتى ثورة الربيع العربي، بعد أن صدّت حكومة الرفاعي آذانها عنهم، وهي التي كانت قادرة على احتواء مطالبهم البسيطة وكابرت، لتخضع لاحقاً عنوة تحت ضغط وسطوة الشارع؟
كيف لهؤلاء المتعطلين أن يسلّموا بنزاهة وعدالة حكومات بلادهم، وهم يرون الكتب الحكومية المسرّبة بتعيينات وتنفيعات برواتب فلكية لأقرباء وأشقاء نواب ومسؤولين، وهم يلتحفون أرصفة العاصمة في عز الشتاء والبرد القارس، ويتوقع منهم ان يتراجعوا عن مطالبهم، إن لم يجروا نحوهم ألوفاً مؤلفة من محافظات المملكة، وهم الذين يرون اللاجئ يكرّم ويعيّن بضمانات دولية في وطنهم، دون تمكنهم من تحصيل ربع مكتسبه؟
صرنا نشك بأن بقاء الأزمات والإحتقانات في الشارع وتأجيجها سياسة مقصودة للدخول في تسويات سياسية اقليمية لاحقاً تحت الضغط.. وإلا، كيف يصمت المسؤول الأردني على وجع الأردني وبؤسه وفقره، وهو الذي لم يصمت على من لجأ اليه واحتمى به؟ كيف؟
أين النواب عنهم؟ ولماذا لم يساهم واحدا منهم في تضميد جراحات مواطنيهم واحتواء أواجعهم، ولماذا لم نشاهد واحدا منهم يتفقدهم ويعتبرهم كلاجئين الى العاصمة وحاشاهم..
الرئيس الذي اتحفنا قبل مدة بخطاب هوليودي متلفز أطلق فيه وعوداً كبيرة على الهواء مباشرة، لم نشاهد منه حتى اللحظة ما يختلف عمن سبقه من رؤساء حكومات ما استسغناهم يوماً وكانوا أثقل من الهمّ على صدورنا..
أين الـ 30 الف فرصة عمل التي وعد بها دولة الرئيس في ذات الخطاب، وحكومته تعجز عن توظيف عشرات القادمين من الجنوب؟
اين وعوده بالتأمين الصحي الذي سيغطي 80% من الاردنيين؟
اين الـ 120 مدرسة الجديدة التي وعد بانشائها، وأين "المتسوق الخفي" الذي ما زال خفياً علينا حتى اللحظة؟
اين الشركة القابضة التي سنساهم فيها، وأين وعده بشمول 55 ألف عائلة أردنية بصندوق المعونة؟ أم أنه عوّل على ذاكرتنا المثقلة بالأوجاع والنسيان؟
في ذات الخطاب.. قال الرئيس انه سيمّكن المواطنين من مراقبة ومحاسبة حكومته، وهو بالفعل ما حدث، فبعد أن كشفت كتب تعيينات الموظفين في وزارة العدل والتلفزيون وقبلها اشقاء المسؤولين الأربعة المسربة.. تلاشت وعوده، وتعهدت حكومته بمحاسبة من كشف الخلل، لا من ارتكبه!