باسم سكجها يكتب: اللقاءات المباشرة والقنبلة الموقوتة والمسمار والحافر!

 أيّ لقاء مباشر بين المسؤولين والناس، هو قنبلة موقوتة، فلا الحكومة قادرة على عرض نفسها على المواطنين، ولا المواطنون في وارد تصديق الوعود التي تنهال عليهم، وذلك ما حصل خلال جولات شرح قانون ضريبة الدخل، ويحصل الآن في مسألة العاطلين عن العمل، ومدينة معان نموذج واضح.

رئيس وزراء سابق مخضرم نصح رئيس الحكومة خلال حفل عشاء ألاّ يخوض الفريق الوزاري أمر اللقاءات المباشرة في المحافظات، لأنّ هذا سيقلّل من هيبة الحكومة، وبالتالي هيبة الدولة، ولكنّ رأي وقرار الرئيس كان بأنّ الواجب هو التوضيح للناس، وأنّه ليس لدينا شيئ لنخفيه، والمصارحة هي التي ستعيد انتاج الثقة مع المواطنين.

على أنّ الاحتقان الذي يعيشه الشارع، ومصائب وكوارث الطبيعة، وتراكم استحقاقات الماضي، واصرار الحكومة على عدم ترحيل المشاكل، وضيق ذات اليد، والحسابات الدفترية المتفائلة بالمستقبل دون انعكاس على الواقع الحالي، وغيرها من التناقضات تجعل من هذه اللقاءات المباشرة وجهاً لوجه مشروع تفجير حقيقياً.

من حقّ المواطنين التساؤل عن المنح والمساعدات التي يُعلن عن وصولها إلى البلاد، إن كان ذلك في قمّة مكّة أو في مؤتمر لندن، ومن حقّهم التشكيك ما دامت لا تنعكس على حياتهم اليومية، وخصوصاً وهم يتابعون تعيينات متسرّعة، واسراف مالي في غير مكانه، في وقت يعرفون فيه أنهم باتوا إلى الفقر أقرب.

العاطلون عن العمل ليسوا قنبلة موقوتة لمجرد أنّهم عاطلون عن العمل فحسب، وهذا سبب وجيه، بل لأنّ أسرهم لم تعد تستطيع المساهمة مالياً ودعمهم خلال رحلة البحث عن عمل، وهكذا فنحن لا نتحدث عن ثمانية عشر بالمائة فقط، بل عن ثلاثة أضعافها على الأقل.

الضرب على الحافر وحده في لا يجدي، فقديماً قالت العرب "ضربة على الحافر وضربة على المسمار”، وهذا يعني التروّي والعمل بعلمية وحرفية، فالحكومة الحالية لن تحلّ مشاكل عمرها عشرات السنوات بين ليلة وضحاها، كما يريد صندوق النقد الدولي، ولا يضيرها الخروج عن مسار برنامجه ثقيل الظلّ، المضرّ اجتماعياً حيث كلفة عالية من التفكّك الوطني، وأن تتوسّع في الصرف على الناس، وتضيّق من الجباية منهم، ويبقى أنّنا نؤيد رئيس الوزراء المخضرم الذي نصح بعدم التواجد المباشر وجها لوجه مع المواطنين، في مواجهة معروفة نتائجها سلفاً، وللحديث بقية.