اي فوتيركم.. بأي حق أو قانون يُجبر المواطن على طريقة دفع بعينها مع تحميله عمولة اضافية؟!
جو 24 :
كتب المحرر الاقتصادي - ما زالت المعلومات المثيرة حول نظام "اي فواتيركم" التابع لشركة "مدفوعاتكم" تتدفق لتثير مزيدا من التساؤلات حول عمله في الأردن وخاصة في ظلّ الرعاية الرسمية لهذا النظام التابع لشركة خاصة، على الرغم من امكانية انشاء البنك المركزي نظام مماثل يكون تحت ادارة البنك نفسه ، ودون الحاجة لوسطاء وشركاء ووجع رأس.
نعود هنا إلى أصل الحكاية، فبحسب تصريحات صحفية، فقد بدأت شركة "مدفوعاتكم" العمل كشركة ناشئة ضمن شركة اويسس 500 ، حيث كانت تعمل ضمن المجموعة المطبقة لنظام "سداد" السعودي، وهو ما أكده نائب محافظ البنك المركزي مؤخرا عبر قناة المملكة، أي أن نظام "اي فواتيركم" وشركة مدفوعاتكم ليست مبتكرا أصيلا، بل مقتبس من السعودية وأجري عليه بعض التعديلات.
وفي الوقت الذي كان فيه البنك المركزي قد تعهد لصندوق النقد الدولي بتنفيذ تعليماته الخاصة بأتمتة المعاملات المالية، ضمن اتفاقية المملكة مع الصندوق آنذاك -أي قبل أكثر من 6 سنوات- تقدم ناصر صالح للبنك المركزي عارضا عليه نظامه الذي "ابتكره"، ولقي هذا الأمر ترحيبا من المركزي وتبنى النظام المنقول من "سداد" السعودي، فيما تحدثت مصادر عن اتفاق أُبرم في حينها يقضي بالتنازل عن هذا النظام ليصبح مملوكا للبنك المركزي الأردني، مع ابقاء الحرية لناصر صالح لاستخدامه خارج المملكة، وقد جاء طلب المركزي بناءا على خصوصية السياسة النقدية في المملكة كما هو الحال في كل دول العالم.
وعلى اثر ذلك انشأ ناصر صالح الشركة المعروفة باسم مدفوعاتكم، وكان أول شريك له مستثمر سعودي قام بدفع 500 ألف دولار مقابل حصة في الشركة. حينها أصبح من المفترض أن يكون هناك مشغل لهذا النظام، خاصة بعدما جند المركزي دائرة تكنولوجيا المعلومات لديه للقيام بتأصيل النظام داخله و ادخال تعديلات وتحسينات عليه ، لكن "لدواعي الشفافية" تم اعلام ناصر صالح بأنه لن يكون مشغلا للنظام إلا من خلال عطاء يطرحه المركزي لتشغيل هذا النظام.
وبالفعل تم طرح العطاء ولم يتقدم له سوى شركتين محليتين إحداهما "مدفوعاتكم" والاخرى لا يحضرنا اسمها الان ، وبطبيعة الحال فازت مدفوعاتكم بالعطاء، لتكلف بتشغيل نظام "إي فواتيركم".. (..)
ادارة دائرة تكنولوجيا المعلومات في البنك المركزي اصبحت ضمن المنظومة التي ستساعد المركزي في أتمتة عمليات تحويل الأموال والسداد الالكتروني، واضطلعت بمهمة ربط الدوائر الحكومية ذات الصبغة المالية كالجمارك والأراضي والمساحة والضريبة وأمانة عمان وغيرها، وكان ذلك يتم تباعا وبسرعة كبيرة، لينتقل الأمر إلى شركات الخدمات وكان أصعبها والتي أخذت وقتا لتوقيع اتفاقية استخدام النظام شركة الكهرباء الأردنية.
ولاتمام صورة "الدفع الالكتروني" تم تشكيل مجلس المدفوعات الوطني، وضم في عضويته عددا من الوزراء منهم وزير المالية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وغيرهم، وبالطبع جرت أتمتة النقد تحت مظلة الحكومة الالكترونية لخصوصيتها.
بذل القائمون على المشروع جهدا لاقناع الجميع بالربط ضمن النظام، وتطور الأمر للحديث عن الشمول المالي وهو المفهوم الذي يبدو ان "نص الحكومة مش فاهمة معناه" إلا أنه متطلب أساسي من الصندوق. وكان الاتفاق أن يأخذ البنك في البداية حصة من الأرباح المتأتية من عمليات الدفع عبر النظام ضمن الخطة الموضوعة، ليصبح الجميع مستخدما له ولو بالاكراه كما لاحظنا مؤخرا..
جرى اقناع عدد من البنوك للاستثمار في الشركة بحصص متفاوتة، وذلك لجعل هذا النظام الطريقة الوحيدة لدفع التزامات المواطن، وتم تقييم مدفوعاتكم بـ 70 مليون دولار أمريكي بعد أربع سنوات فقط من عملها، علما أن الشركة وللحظة الحالية وحسب افصاحاتها المالية وتصريحات العاملين فيها تتكبد خسائر ولم تتعادل ايراداتها مع مصروفاتها.
قبل أقل من عام، قام البنك المركزي ولغاية ما بتأسيس شركة تضم تحتها جميع حلول الدفع الالكتروني والتي ستكون بالاجبار تمر من خلال منصة "إي فواتيركم" لضمان عمولتها وسميت بشركة "جو باك"، مملوكة للمركزي، وتتقاضي الشركة 10% من عمولات التحويلات عبر مدفوعاتكم، الأمر الذي يطرح تساؤلا فيما إذا كان البنك المركزي قد تحوّل إلى بنك تجاري يلاحق الأرباح؟!
ولا بدّ هنا من التذكير أن أي اعلان عن أي حلول مالية سيكون من خلال النظام، اضافة إلى أن كلّ العمليات الجمركية تتم من خلال النظام، ما يضمن ارتفاع معدل عمل "إي فواتيركم".
المشكلة، أن البنك المركزي والحكومة تناست حقّ المواطن في حرية اختيار طريقة الدفع، على أساس أن شركات الخدمات (مياه، كهرباء، اتصالات) ستدفع قيمة العمولة التي تبدأ من نصف دينار والبعض يقول ربع دينار والله أعلم، فيما يدفع المواطن قيمة الفواتير و عمولة الشركتين (مدفوعاتكم وجو باك) بالاجبار.
الواقع أن هذا الاجراء لم يرشق الجهاز الحكومي بل على العكس تماما، زاد من نسبة البطالة المقنعة وسلب المواطن حقه باختيار آلية الدفع لضمان ربح شركة مدفوعاتكم بكل مساهميها، إلا أن البعض ما زال يفضل الدفع كاش أو من خلال البطاقات البلاستيكية والتي بالرغم من أنها تجارية فلا تقتطع عمولة من المستخدم.
وتثير هذه الحقائق سيلا من الاسئلة المتعلقة بهذا الملف، فهل يحق للبنك المركزي تحصيل عملات كبنك تجاري؟! وأين الشفافية في طرح عطاء تشغيل النظام، خاصة وأن الشركة المشغلة للنظام هي صاحبته؟ ولماذا لم يتبنّ البنك المركزي التعريف عن النظام ومفاتحه الرئيسة لاتاحة الفرصة أمام شركات أخرى لديها القدرة المالية للدخول في العطاء؟!
ثم لصالح من يتم اجبار المواطنين على دفع العمولات؟ ولماذا وافق البنك المركزي على انشاء شركة الثقة التي تسهل عملية الدفع من خلال النظام وهو يعلم من مالكها الحقيقي،علما بانها فشلت وتم اغلاقها؟ ولماذا يدخل البنك المركزي بكل حساسية عملياته في دوامة لا نعلم ما هي؟! وعلى أي أساس يشاع تقييم الشركة بهذا المبلغ الكبير جدا على الرغم من خسارتها؟!
والأمر المهم الاخر، لماذا منح البنك المركزي مقدم النظام حرية العمل خارج الاردن بهذا النظام مع كل التسهيلات المقدمة له محليا، كما اتاح له الفرصة لبيع النظام، مع العلم أن تطور التكنولوجيا يرافقه تطور الهجمات الالكترونية، ما يعني امكانية اختراق النظام في الاردن؟!!