2025-01-08 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

لمحترفي ركوب الموجات ..محاولات تطبيع الاردنيين مع سيناريوهات سوداء لن تنجح

لمحترفي ركوب الموجات ..محاولات تطبيع الاردنيين مع سيناريوهات سوداء لن تنجح
جو 24 :


كتب أ. د. حسن البراري -

في خضم الأزمات السياسية والاجتماعية والتقلبات الجيوسياسية التي تعصف بالمنطقة، يطفو على السطح بين الحين والآخر خطاب سوداوي يسعى لتشويه صورة الأردن والتشكيك في صلابته واستقراره.

هذا الخطاب يبرز بشكل واضح من خلال فيديوهات ومواد إعلامية تتوقع سقوط الأردن في حالة من الفوضى والاضطرابات في الفترة القادمة وتصوره كدولة ضعيفة أو "كرتونية” لا حول لها ولا قوة.

يقدم هذه التوقعات او للدقة التخرصات بعض المنجمين المرتبطين بدوائر استخبارية أو صناع محتوى من فلول تيارات سياسية من اليمين واليسار هزمت في الإقليم وممولة من دول ومحاور تلعب دورًا وظيفيا أو من رموز التطرف والإبادة غرب النهر.

ويزداد الأمر حيرةً وخبثًا عندما ينقل بعض مثقفينا او كتابنا تصريحا او تلميحا هذه الترهات والتخرصات والسيناريوهات للتحذير من تداعيات "الأزمة" الأردنية أو "القضية" الأردنية – على حد وصف أحدهم - وكأنها تحليل رصين ، دون أن يدرك هو او يدرك غيره من محترفي ركوب الموجات، أن مجرد ترديد مثل هذه الترهات والتحليلات السطحية يهدف إلى اضعاف الروح المعنوية الوطنية وتطبيع العامة مع مثل هذه السيناريوهات السوداء من أجل التكيف وربما القبول! فالصورة واضحة: منجمون يتوقعون "سقوط" الأردن وكتاب ينظرون لحتمية انتقال الثورة إلى الأردن !!!!

من دون الدخول في تفاصيل من نقل ولماذا، أقول لا يمكن اسقاط التجربة السورية "الحدث المحلي هناك " على الأردن او غيره من دول الاقليم على الرغم من أمنيات البعض أن تكون الأردن هي المحطة التالية فيما أطلقوا عليه بالمرحلة الثانية من الربيع العربي.

القول بأن الجيوش في اقليمنا لا تحارب وعندما تأتي لحظة الحقيقة تهرب ، يعكس خبثًا شديدا وربطا اعتباطيا غير موضوعي بالحالة السورية ، هل يتوقع هؤلاء على سبيل المثال من الجيش الاردني ان يلقي بندقيته في حالة تشكل تهديد خارجي او داخلي على امن واستقرار الاردن ، هذه فرضية ساقطة تماما ، لان هؤلاء يعرفون جيدا -وهم بالمناسبة من ابناء جلدتنا - ان هوية الجيش الاردني وبنيته وعقيدته لا يمكن تفكيكها وتزداد صلابة وعندما تلوح ازمة في الافق ، ناهيك عن التفاف الاردنيين جميعا من شتى اصولهم ومنابتهم حول مؤسستنا الامنية بغض النظر عن طبيعة الازمة وحجم التضحية ، الجيش الاردني كان وما زال العمود الفقري للدولة والتعبير الادق والاصدق عن هويتها ، هذه المقاربة تعكس تجاهلا ليس بريئا لحقيقة أن يد النظام الأردني ليست ملطخة بدماء الأردنيين وان النظام الأردني لم يواجه أزمة في شرعيته كما هو الحال مع غيره.

منذ تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية، كان الجيش الأردني حاضناً لهوية الدولة وحامياً لسيادتها. ناهيك عن حقيقة أن الجيش الأردني ليس جيش نظام أو عصابة او فصيل او مكون بعينه ، كما هو الحال في أنظمة قمعية ووحشية مجاورة مثل النظام السوري حتى يهرب بهروب الرئيس، بل هو جيش وطني ذو عقيدة راسخة في حماية الأرض والشعب. والحق أن الجيش كان وما يزال مصدر فخر الأردنيين، فهو من دافع عن حدود الوطن بنجاح عبر العقود، وقدم تضحيات جسيمة في سبيل حماية أمن الأردن واستقراره، سواء في مواجهة التحديات الداخلية أو التهديدات الخارجية. ومع ذلك كله ، تتغاضى هذه الفئة من الكتاب والفلول أن الجيش الأردني خاض العديد من المعارك الشرسة مع العدو الصهيوني وكان وسيظل دوما صمام الأمان للبلاد.

أتفهم مطالبات الإصلاح، وقد كنت وما زلت من أشد المتحمسين لإصلاح سياسي حقيقي، ومن أشد المنتقدين للنخب الحاكمة التي لم تكن جادة في موضوع الإصلاح الحقيقي، ولا أحد يزايد على كاتب هذه السطور في هذا المضمار . ومن دون شك، المطالبة بالإصلاح حق مشروع، فكل دولة تسعى إلى التقدم تحتاج إلى تحسين مؤسساتها وتلبية مطالب شعبها. لكن ما يثير الريبة هو توقيت هذه التحذيرات المشبوهة التي تتزامن غالباً مع ظروف إقليمية صعبة، مما يضعها في خانة الاستغلال والتوظيف بدلاً من الإصلاح البنّاء، فهناك قوى تسعى لضرب الأردن من الداخل عبر زعزعة ثقة الأردنيين بمؤسساتهم، وهي تشن حربًا شرسة تستخدم فيها بعض مظاهر الجيل الخامس من الحروب. للأسف الشديد، هناك بعض الكتاب السذج الذين يفتقدون للوعي الاستراتيجي ينقلون ترهات المنجمين أو ربما يعبرون عن مواقف دوائر استخبارية على شكل مراكز أبحاث أجنبية تسعى إلى خلق حالة من الفوضى تستفيد منها إسرائيل للتوسع وخلق الشرق الأوسط الجديد الذي يسمح لها بالهيمنة وحل مشاكلها الديمغرافية على حساب جيرانها العرب وفي مقدمتهم الأردن.

كان الأولى بمن يحذر ويرفع شعار "الإصلاح الآن أو الفوضى وحمل السلاح" أن بفهم السياق العام للأحداث الجارية وألا ينساق مع الإسرائيليين في محاولات ضرب الروح المعنوية للشعب وافقاده الثقة في مؤسساته في هذا الظرف الدقيق.

الكتاب والمنجمون وصناع الفيديوهات التحريضية الممولة الذين يتنبأون بالفوضى في الاردن ، يهدفون إلى زعزعة الروح المعنوية وزرع الشكوك في نفوس الأردنيين. لكن الحقيقة أن هذه المحاولات لم ولن تؤثر في دولة تمتلك إرثاً تاريخياً ومؤسسات قوية، في مقدمتها الجيش الذي يشكل صمام الأمان، فالأردنيون واعون لما يحاك ضدهم، ومثل هذه المحاولات لا تزيدهم إلا تمسكاً بوطنهم ونظامهم السياسي .

الأردن ليس دولة كرتونية، بل وطن يحمل تاريخاً غنياً وهوية متجذرة. وقد أظهرت التحديات التي مر بها الأردن داخلياً وخارجياً مرونته وصلابته. فمن حرب النكبة مرورا بالحرب الباردة العربية واستهداف الأردن إلى الربيع العربي، تمكن الأردن دائماً من تجاوز الأزمات. لذلك، من غير اللائق اسقاط التجربة السورية على الأردن أو التشكيك بمؤسسة الجيش الأردني التي تقدم نموذجاً يُحتذى به في الوطنية والانتماء.

ختاماً، الأردن أكبر من أن تؤثر فيه إشاعات المنجمين المرتبطين بدوائر صنع القرار الإقليمية منها والدولية، فالجيش والمجتمع يقفان يداً واحدة في وجه أي تحدٍ، والإصلاح يبقى ضرورة لتحقيق التنمية، لكن يجب أن يكون بناءً بعيداً عن التوقيتات المشبوهة والأجندات الخفية. ولابد من التأكيد على أن المسؤولية الوطنية تفرض على الكاتب الأردني، وخاصة أولئك الذين استفادوا من مكتسبات الدولة، أن يتحلوا بالوعي الكامل لدورهم في دعم استقرار الوطن وتعزيز وحدته، وعليهم أن يتجنبوا الانسياق وراء أجندات خارجية تهدف إلى تفكيك الوحدة الوطنية، سواء كانت من خلال القوى الإسرائيلية أو المرتبطين بهم . وبدلًا من أن يكونوا أدوات للهدم والترويج لسيناريوهات مشبوهة، يجب على هؤلاء الكتاب أن يكونوا دروعًا حامية للوطن. وهنا تبرز ضرورة الحفاظ على التماسك الداخلي وربما إعادة ترتيب الأولويات حتى تبقى سفينة الوطن راسية مستقرة في محيط تعصف به النوائب ،ونتمكن من مواجهة التحديات المتزايدة بكل عزم وثبات.

هذا ردنا المبدئي وللحديث بقية ..

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير