دولة الواقع أم دولة الإنتاج ؟ ..
عيسى غزاوي
جو 24 :
- "إحنا موجودين بالسوق وبنعرف" بهذه الجملة سوف يخبرك أي مستثمر أو تاجر أو صاحب مصلحة في عمان والمحافظات عن المعاناة الحقيقية التي يعيشونها خلال تعاملهم مع الحكومة وبيوقراطيتها ووزرائها وقراراتهم.
يتم تعيين الوزراء وبلا أي برامج، وكل وزير يحاول إثبات نفسه من خلال عمل تسهيلات لفئات معيّنة، قرارات الوزارات تتناقض بمجرّد تغيير شخص الوزير مع أنّ أعضاء المجالس الوزارية تلك هو أنفسهم!، نحن نعيش حالة فوضى إدارية عارمة.
نتحدث عن الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية وبنفس الوقت لدينا 170 ألف مهندس ومهندسة مسجلين ضمن نقابة المهندسين الأردنيين ولدينا على مقاعد الدراسة ما لا يقل عن 60 ألف طالب وطالبة يتخرّج منهم سنوياً على الأقل 10 آلاف مهندس!، أين الاستراتيجية؟! وأين الوطنية؟! وأين الموارد البشرية؟! إنها فوضى مدخلات التعليم العالي، ومخرجات التعليم العالي، وتوفير فرص العمل!.
القطاع الوحيد الذي انتعش في الفترة الأخيرة والذي وجد فيه المتعطلون عن العمل ضالتهم هو تطبيقات النقل الذكية، ولكن للأسف لم تكتمل بعد فرحة هؤلاء الشباب لتبدأ الحكومة تدخلاتها بعد سبات طويل وبعد فوات الأوان لتنظيم هذا السوق العشوائي، وذلك بعد أن تورط مئات الشباب بشراء سيارات حديثة عن طريق البنوك وما زالت أقساطها جارية، حيث حددت عدد السيارات بـ 10 آلاف سيارة فقط، وقامت باستيفاء مبلغ 400 دينار عن كل سيارة مرخصة حديثاً دون أي نظر أو اكتراث بالكوارث الاقتصادية والاجتماعية التي أحدثتها في المجتمع وخاصة مجتمع الشباب!.
تاجر أو مستثمر لديه شركة تعمل بمئات الآلاف ولديه مئات الموظفين ويدفع مئات الآلاف لخزينة الدولة على شكل ضرائب وجمارك وضمان اجتماعي وغيرها من الخدمات اللوجستية وتشغيل القطاعات الأخرى يتحكم فيه موظف صغير في الجمارك، حيث يمنحه القانون سلطات تقديرية قد تصل لمرحلة أن ينهي أي نجاح أو إنجاز أو ربح قامت به الشركة في يوم ما!.
سمعنا كثيراً من النخب وهم يتحدثون عن فلسفة أننا شعب استهلاكية وربما كنت منهم أيضاً، وأننا نرغب فقط بوظائف حكومية أو بلدية أو التجنيد بالأجهزة الأمنية، ولكن عندما أعلنت غرفة تجارة عمان عن معرض للتوظيف لـ 600 وظيفة أغلبها في قطاعات المطاعم والفندقة والسياحة والتسويق وجدنا أنّ آلاف المتعطلين عن العمل ازدحموا على بوابات المعرض!، هل هذه هي دولة الإنتاج؟! أم أنها دولة الواقع!.
ما زلنا لليوم وقبل أشهر فقط نعيش صفقات فساد بالقانون بمئات الآلاف وبرعاية رئاسة الوزراء شخصياً وبمشاركة مؤسسات تحمل الصفة الاعتبارية للملك وأمام كل المستثمرين في القطاعات وبدون أي حسيب أو رقيب لأي من مؤسسات الرقابة ومكافحة الفساد التي ندفع رواتبها من خزينة الدولة وضريبة الأردني!.
هل دولة الإنتاج التي يريدها الملك تقول بأن تكون الحكومة معيّنة وليست منتخبة، وأن تكون بلا برنامج حقيقي يمثل حكومة ظل سابقة، وأن تكون بلا قاعدة شعبية تؤيدها، ولا حزب سياسي يمثلها؟.
نحن نعيش دولة الواقع وليس دولة الإنتاج، نحن نعيش فوضى إدارية خلّاقة بعيدة جداً عن أي توجه للإنتاج، الشباب ينتظرون حلولاً برامجية وحزبية من اختيارهم هم ينفذها وزراء من اختيارهم هم، لا يمكن أننا أن نصلح بنفس الأدوات، نحتاج أدوات جديدة!.