كانوا يستعدون لقطع رأسها في بث حي، لكن انتهى بهم الأمر إلى أن يدلِّلوها بالشوكولاتة.. قصة صحفية ألمانية اختُطفت في سوريا
جو 24 :
كشفت صحفية ألمانية تعرَّضت للاختطاف في سوريا وأُسِرَت قرابة العام كيف كان خاطفوها مستعدين «لقطع رأسي أمام كاميرا في بثٍ حي»، لكن انتهى بهم الأمر إلى أن يدللوها بالشوكولاتة، والألعاب، والحفاضات الباهظة بعدما ولدت طفلاً في الأسر.
حسب صحيفةThe Guardianالبريطانية، فقد تحدَّثت صحفية ألمانية يانينا فيندايسن، التي أُطلِق سراحها هيَ ووليدها في سبتمبر/أيلول عام 2016، للمرة الأولى عن الظروف التي سافرت بسببها وحدها لمنطقة حربٍ وهي في الشهر السابع من حملها، وكيف استطاعت النجاة من محنتها.
تصوير فيلم وثائقي حول صديقها «المجاهد»
في مقابلةٍ نُشِرَت في صحيفة Süddeutsche Zeitung الألمانية، قالت يانينا إنَّها ذهبت إلى سوريا في أكتوبر/تشرين الأول عام 2015 لصناعة فيلم وثائقي عن صديقٍ لها من أيام المدرسة قَصَد الجهاد منضماً لأحد فصائل جماعة جبهة النصرة المنتسبة سابقاً لتنظيم القاعدة.
وقالت صحفية ألمانية إنَّ حملها دفعها للقيام برحلتها تلك، فضلاً عن أن يجعلها أكثر وعياًلمخاطرها الفادحة؛ إذ قالت: «شعرتُ بضغطٍ للسفر بسبب حملي تحديداً. أردتُ أن أروي قصَّةً أخرى قبل ألَّا يتسنَّى لي العمل من جديد إلَّا بعد شهورٍ من الولادة. لم أدرك وقتها أنِّي كنتُ في تِلك اللحظة أقترف أفدح غلطةٍ في حياتي».
قالت يانينا، التي استعانت بمهرِّب في أنطاكيا، جنوب تركيا، ليعبر بها الحدود إلى سوريا، إنِّها لم تُعلِم أحداً بخطط سفرها سوى والد طفلها ولم تأخذ معها هاتفاً نقَّالاً ولا جهاز تعقُّبٍ لموقعها بتقنية GPS. وفيما أقرَّت يانينا بأنَّه كان بوسع الآخرين أن يمنعوها من المضي قدماً في خطتها تلك، إلَّا أنَّ الأمر على حد قولها: «كان في النهاية خياري أنا، وغلطتي أنا».
لتتعرض للاختطاف وهي حامل
ومع أنَّ صديقها الجهادي كان قد وعدها في رسالةٍ إلكترونية بألَّا يطالها أذى، نُصِب شَرَكٌ ليانينا وسائقها وهما يحاولان عبور الحدود عائدين إلى تركيا. وضعت عصابة على عين الصحفية، البالغة من العمر آنذاك 27 عاماً، تحت تهديد السلاح واُقتيدت إلى بيتٍ في موقعٍ معزول.
قالت يانينا، التي يصدُر كتابها My Room in the House of War «غرفتي في بيت الحرب» الشهر المقبل في ألمانيا: «في الليلة الأولى ظننت حقاً أنَّ الضمان الذي وعدني به صديقي يعني أنَّه سيُطلق سراحي عمَّا قريب. لكن سرعان ما أدركت أن آمالي تِلك لم يكن لها أساس».
وقالت صحفية ألمانية إنَّها لا تعتقد أنَّ صديقها الجهادي كان على علمٍ بخطط اختطافها، لكن علم بها أفرادٌ من جماعته.
وعندما سُئِلت عن المعاملة التي تلقَّتها في الأَسْر، قالت يانينا: «تعرَّضت لبضعة مواقف غير سارة، لكنَّني كنت في حالٍ جيدة نسبياً. ومع ذلك، كان واضحاً أنَّ هؤلاء لم يكونوا أشخاصاً لطفاء أو إنسانيين… كان بإمكانهم أن يقطعوا رأسي أمام كاميرا في بثٍ حي».
وفيما كانت تحت الأسْر، كتبت الصحفية مذكراتها بخط يدٍ صغير، مستخدمةً عُلب الطعام بعد أن نفد الورق. حاولت دون جدوى أن تلفت انتباه سكَّان المنازل المجاورة وجمعت سراً أدواتٍ قد تسهِّل هربها.
تغير معاملة صحفية ألمانية بعد الولادة
وأخبرت يانينا مَن أجروا المقابلة معها: «حتى آخر لحظة آمنتُ بأنِّي سأعود إلى ألمانيا قبل ولادة طفلي. كان أمراً مستحيل التصوُّر أن ألد طفلي في سوريا. تجاهلت واقع الموقف حتى لم يعد بإمكاني تجاهله».
ابتزَّ خاطفوها طبيباً ليولِّد ابنها، وتمَّت الولادة دون مضاعفات. قالت: «فجأة أصبح كل شيءٍ بعيداً: الحرب، وخاطفيّ، لم يكن هناك سواي وابني. كان ضئيلاً جداً، وهشاً جداً، لكنَّه كان في صحةٍ جيدة».
قالت يانينا صحفية ألمانية إنَّ معاملة خاطفيها لها تغيَّرت بعد الولادة: «كنت أكثر عجزاً من ذي قبل ومعي طفلٌ وليد. عندما كان ابني يستيقظ ليلاً ويصرخ، كانوا يسألونني في الصباح التالي ماذا ألمَّ به؟».
جلب لها خاطفوها شوكولاتة، وعصيراً مقوياً بالفيتامينات، ودمية دُب محشو، ولم يبخلوا فيما تعلَّق الأمر بالحفَّاضات، إذ قالت مفسِّرة: «في سوريا يوجد نوعان من الحفاضات، الأول يُعرَف باسم «حفاضات الأسد» وتلك رديئة، والنوع الآخر هو حفاضات مولفيكس، وهي النوع الراقي من الحفاضات في سوريا، وذلك ما جلبوه لي».
وعندما سُئلت عما إذا كانت تعتقد أنَّ ابنها سيلومها يوماً على ولادته في ظروفٍ عصيبة كتلك، قالت يانينا: «فكَّرت بهذا الاحتمال كثيراً. عندما يحين وقته، سأتحمَّل المسؤولية كاملة».
لتُحررها جماعة أخرى من «الإسلاميين»
في النهاية حُرِّرَت صحفية ألمانية ، التي درست علم الأعراق ومقارنة الأديان قبل التوجُّه للبحث في الجهاد الحديث بصفتها صحفية، لا بيدِ جهاز المخابرات الألماني بل بفضل جماعة أخرى من الإسلاميين.
بعد سماعها صوت إطلاق نارٍ خارج مجمَّعها السكني، وجدت الصحفية نفسها محاطة برجالٍ يرتدون أقنعة يقولون لها إنَّهم سيعيدونها إلى ألمانيا.
أعلنت الجماعة، وتُدعَى جبهة فتح الشام، في بيانٍ إلكتروني، أنَّها حرَّرت امرأةً ألمانية بعد أن حكمت محكمة الشريعة بأنَّ خطفها عملٌ غير إسلامي في ضوء ضمان الأمان الذي وعدها به صديقها.
أخبرت يانينا صحيفة Süddeutsche Zeitung أنَّها تعتقد أنَّ ذلك ما حدث، وأنَّها ليست على علمٍ بما إن كانت الدولة الألمانية قد دفعت أي قدرٍ من مبلغ 4.3 مليون يورو (4.86 مليون دولار) الذي طلبه خاطفوها مقابل إطلاق سراحها.
وقالت يانينا: «مُنِحت فرصة ثانية. وهو أمرٌ لم يحظَ به جميع مَن اُختطفوا في سوريا».