حتى لا تتكرر معاناة الغارمات
عندما تحاول الفقيرات تحسين اوضاع معيشتهن في ظل ظروف مالية واقتصادية واجتماعية ضاغطة يفترض ان لا نعاقبهن واسرهن عندما يفشلن، فالاساس ان يتم دراسة اسباب هذا الاخفاق واتخاذ قرار إنساني اقتصادي بمحاولة تمكينهن مرة ثانية وثالثة بعد ارشاد حقيقي لبلوغهن النجاح، وإحداث فرق في حياتهن ودمجهن في عملية التنمية في نهاية المطاف.
هذا هو جوهر التوجيه الملكي للمؤسسات المعنية حاليا ولاحقا بالساعين للحصول على القروض الصغيرة والمتوسطة، بدءا من الحكومة والبنك المركزي صاحب الولاية على السياسة النقدية في المملكة، ومؤسسات الاقراض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، فالفكرة يجب ان تنطلق من ان لا يحبس مدين بدينه، فكل من يسمع محليا وخارجيا ان عدة الاف من الاردنيات اما تم اداعهن السجون او الملاحقة قضائيا جراء إعسارهن وعدم قدرتهن على تسديد قروض صغيرة بمبالغ الف دينار فأقل يبادر مستنكرا بالقول ..هل هذا صحيح ؟!.
في مقدمة الاسباب التي ادت الى هذه المعاناة الاجتماعية الاسرية ارتفاع تكاليف الاقراض (الارتفاع المبالغ لهياكل اسعار الفائدة) التي تصل في بعض الاحيان مابين ( 15 % - الى 20 % ) لمؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة وربما المتوسطة، مع ميل التشدد والتأخير في منح الائتمان، وبدء سريان الفائدة برغم منح المقترضين فترة سماح لبدء تسديد القسط الاول.
الحملة الوطنية التشاركية لإنهاء معاناة الغارمات التي بدأت بتوجيه ملكي لم تحصد اموالا كافية حتى منتصف امس السبت حيث قدر المبلغ المسجل نحو 2.2 مليون دينار، والامل معقود ان تغطي الحملة المبالغ المطلوبة، الذي يطال 5672 من الاردنيات، وكان المأمول ان يبادر رئيس الوزراء او وزير العدل ان يصدر قرارا بإعفاء المبالغ المقيدة على الغارمات لدى المحاكم من رسوم وغرامات وغيرها التي قد تصل الى 20 % من إجمالي المبلغ، كما يؤمل ان تبادر نقابة المحامين بالتوجيه لأعضائها من المحامين بالتنازل عن اتعابهم في هذه القضايا التي اقل ما يقال عنها بأنها مؤلمة ومخجلة.
القرآن الكريم حدد الثمانية من مستحقي الزكاة في الآية الكريمة«إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» التوبة:60، وهنا من حق الاردنيين ان يطروحوا سؤالا بسيطا ..لماذا ضمن الحملة تبرع صندوق الزكاة بـمبلغ 250 الف دينار، ولماذا لم يقم بدوره الطبيعي قبل ذلك حتى آخر دينار موجود في الصندوق.
عدم السماح بتكرار معاناة الغارمات يتحقق بإصدار تشريعات واضحة تحول دون ذلك، وتحديد سقوف الائتمان المخصصة للمشاريع الصغيرة بحيث تشمل البنوك وشركات التمويل والصناديق المعنية بذلك.
الدستور
