أي بوصلة لا تتجه للقدس ظالمة
منذ العام 1946 سبعة عقود ونيف من القمم العربية كانت حافلة بالوعود والكثير من الخلاف واليوم يقف العرب امام مفترق طرق إما إعادة توجيه البوصلة العربية بالاتجاه الطبيعي وهي القدس وفلسطين، أو مواصلة خلافات اثبتت السنوات والعقود الفائتة انها تؤخر التنمية وتتجاهل القاسم المشترك العربي من تطلعات التنمية المستدامة والاعتماد المتبادل والتجارة البينية، فالشعوب العربية من المحيط الى الخليج تعاني من الفرقة والحروب الجانبية، وفي قمة تونس وضع الملك خطوطا واضحة للمرحلة وسبل تلبية استحقاقاتها من كافة النواحي، وان الحاجة باتت واضحة بأن البوصلة العربية يجب ان يعاد توجيهها نحو القدس الشريف مسرى النبي صلى الله عليه وسلم وأولى القبلتين وثاني المسجدين.
ما انفقه العرب على السلاح وهدر استثمارات في أزمات عالمية الواحدة تلد الاخرى خلال آخر عقدين ماضيين يكفي لبلوغ تنمية حقيقية مستدامة .. وهي كافية لمد الطرق البرية الدولية والانابيب والسكك والموانئ والمطارات وبناء المصانع، بما يضع المنطقة العربية على قدم المساوة مع دول العالم المتقدمة فمواطنو المنطقة يتحدثون لغة جامعة ولهم تاريخ مشترك ودين واحد ويعيشيون بتآخٍ رائع مع الاديان السماوية.
الفرقة العميقة بين أطراف الانظمة هدرت الموارد البشرية والمادية، وسهلت تدخل دول اقليمية وعالمية التي فرضت مناطق نفوذ لها كانت ولا زالت مرفوضة، ومكنت الكيان الصهيوني من تنفيذ ممارسات نازية من قتل وتدمير بحق الفلسطينيين، ويحاول اليوم فرض نفسه متحكما بمقدرات المنطقة ويحاول السيطرة على مكامن ثروة شرقي المتوسط وسط غياب عربي شبه كامل، وفي نفس الوقت فقد تمادت دول اوروبية وامريكا على السيادة العربية وعاثت بها فسادا باسم الحرية والديمقراطية تارة، وكبح أطماع اقليمية ايرانية وروسية تارة اخرى، والخاسر الاكبر من ذلك المنطقة وشعوبها التي غرقت في الديون والبطالة والفقر.
ان استثمارات دول عربية خسرت جل مدخراتها وصناديقها السيادية في ازمات مالية مفبركة وحروب عبثية بدعوى حماية السيادة العربية التي اصبحت في مهب الرياح، بينما الاستثمارات العربية في المنطقة برغم محدوديتها فهي مصانة وتنمو سنة بعد اخرى، وهي استثمارات حقيقية، وان اية استثمارات جديدة مرحب بها فهي تحمي نفسها وترتقي باقتصادات المنطقة.
حان الوقت لإعادة تقييم ما تم خلال السنوات الماضية، واخذ قرارات تعيد الامور السياسية والاقتصادية الى نصابها وتحديد منحنى جديد لقادم السنوات القادمة، فالسنوات التسع الفائتة سجلت غياب الرؤى وسيطرت القُطرية المقيتة على حساب مصلحة الاقليم الذي كان قبل عقود ماضية افضل الف مرة مما نعانيه الآن.. لكن القاسم المشترك العربي يجمعهم على بوصلة واحدة هي فلسطين..وفي قمة تونس تم إعادة طرح هذا القاسم مجددا ومذكرا بأن اي بوصلة لا تتجه الى القدس ظالمة.