"صفقة القرن".. الاردن سيدفع الثمن حال رفضه أو موافقته!
ايهاب سلامة
جو 24 :
ما حجم الضرر الذي ستلحقه ما يطلق عليها "صفقة القرن" الأمريكية على الأردن؟ وهل يمكن له القبول بها، أو رفضها؟ وما هو الثمن الذي سيدفعه في حال الرفض، أو القبول؟!
على أعلى مستويات القرار في الدولة الأردنية، أن تحسب المشهد بالغ التعقيد المقبل، بشكل دقيق للغاية، لا يقبل لبساً ولا تأويلاً، والاستعداد بل الاستنفار له.. فقبول الأردن بالصفقة التي أصبحت قاب قوسين من الإعلان، بعد قطع الإدارة الأمريكية طريق التفاوض على ملفات الوضع النهائي، القدس، وحق العودة، واللاجئين، يعني حرفياً قبوله بتصفية القضية الفلسطينية، وعلى حسابه .. مثلما يعني قبوله بتوطين 2.2 مليون لاجئ فلسطيني، وضعفيهما من الأردنيين ذوي الاصول الفلسطينية المهجرين من أراضي الضفة الغربية المحتلة سنة 67، وقبوله كذلك بشطب حق العودة، والإعتراف لاحقاً بيهودية الكيان، والتسليم بمدينة القدس المحتلة عاصمة له، ما يعني تلقائياً خسارته للولاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، التي يطبخ لها الان، أن توضع تحت وصاية إسلامية بقيادة السعودية!
قبول الأردن بصفقة ترمب، وفق أي من الصيغ المسربة عنها، له تبعات أمنية توازي السياسية خطورة، فالأردن الرسمي، سيجد نفسه في مواجهة مع الأردن الشعبي فوراً، وبشكل غير مسبوق، بمكونه من أصول شرق أردنية، الذي سيعتبر الحل قد نفذ على حسابه، وغرب أردنية أيضاً، الذي سيكون مرشحاً للانضمام الى حراك الشارع، بعد تمنع سواده الأعظم عن النزول اليه سابقاً، خاصة وأن الصفقة الامريكية الموعودة، تحمل في طياتها، تصفية للقضية والهوية الفلسطينية.
في ذات الوقت، فان رفض الأردن لصفقة ترمب، يضعه بمواجهة عداء أمريكي مباشر، له تبعات سياسية واقتصادية وأمنية فادحة..
سياسياً، الرفض الأردني، يعد تمرداً مباشراً على السياسة الأمريكية السافرة، وإدارتها الصهيونية، ويضع المملكة خارج حسابات تحالفاتها.
أمنياً، قد تسعى الولايات المتحدة لزعزعة الإستقرار والأمن في الأردن، وهو أمر وارد غير مستبعد، بل من القصور والغباء استبعاده، من رئيس أهوج على شاكلة ترمب، بصرف النظر عن حسابات التحالفات البراغماتية التقليدية التاريخية القائمة بين البلدين.
إقتصادياً، قد تُوقِف الولايات المتحدة مساعداتها السخية عن المملكة، في وقت هي بأمس الحاجة اليها، تحت وقع الظروف والتحديات الإقتصادية الصعبة التي تواجهها، وقد تضغط على مقربين منها ليحذوا حذوها، عرباً وغرباً، لاغلاق صنبور المساعدات الاقتصادية. وكذلك استخدام مؤسسات السيطرة المالية الدولية، للضغط على الاردن، في وقت سبق وأن جففت فيه واشنطن، موارد الأونروا عن اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في المملكة، ما يعني تحويل أعباء فاتورتهم إلى خزينة الدولة الأردنية المثقلة ..
زد على ذلك ما يمكن للمخيلة تصوره، من تضييق خناق سياسي واقتصادي سيقوده المختل ترمب، ومن يخلفه من الرؤساء الراكعين تحت حذاء الأيباك، واللوبيات الصهيونية المتحكمة في قراراتهم، وسياساتهم، ومفاصل دولتهم ..
ما يجب وضعه على ميزان الحسابات، أن الأردن، سيدفع ثمناً مقابل الموقفين، حال رفضه للصفقة، أو قبوله بها !، وهي معضلة بالغة التعقيد والخطورة، تضع المملكة في موقف لا تحسد عليه أبداً.
هذه السيناريوهات، بحساباتها الإفتراضية الواقعية، تَفرض على المطبخ السياسي والأمني الأردني، تشكيل غرفة عمليات سياسية وأمنية دائمة، وبشكل عاجل، للوقوف على كل المستجدات، والمتغيرات، وحساب كل الإحتمالات، والمآلات، والتوقعات، والتعاطي معها، بأعلى درجات الحكمة والحنكة، وعدم ترك الامور قيد لحظة، للوقت أو الصدفة..