عشرة نجح منها أربعة... مسلسل الانقلابات العسكرية في السودان
جو 24 :
ظل التدخل العسكري في السياسة السودانية ومنذ الانقلاب الأول في نوفمبر 1958 سمة ملازمة للعلاقة بين المؤسسة العسكرية والعمل السياسي.
المتتبع للانقلابات العسكرية في السودان يلاحظ ارتباطها الوثيق بالسياسيين المدنيين، وفقا لورقة بحثية حول أسباب الانقلابات العسكرية في السودان وأنماط التدخل العسكري.
فرضيات هذه الورقة هي: أولا؛ أن الانقلاب العسكري في السودان هو استمرار للعملية السياسية بوسائل أخرى بسبب عوامل هيكلية.
وهذا يعني أن الدافع الرئيس للانقلاب ليس السمات التنظيمية للقوات المسلحة أو المظالم الشخصية للضباط، فهذه تشكّل فقط حافزا مهيئا للانقلاب، وفقا للورقة البحثية.
ثانيا؛ أن توسّع المهام المهنية للقوات المسلحة — المهنية الجديدة- وحكم العسكريين المتطاول، بجانب تجييش الشعب في فترة الإنقاذ، قد قلل الهوة بين المدنيين والعسكريين، وجعل حالة تداول المدنيين والعسكريين على السلطة ينظر إليه بحسبانه جزءاً "طبيعياً" من العملية السياسية في السودان.
ثالثا؛ عندما تزداد حالة الصراع والاستقطاب السياسي تتزايد فرص الانقلاب، كما تزداد للسبب ذاته فرص انهيار النظام العسكري عندما يكون العسكريون في السلطة. أي أن تزايد الاستقطاب والصراع السياسي يسهم في انهيار الأنظمة المدنية والعسكرية في السودان.
رابعا؛ أن قدرة النظام الحاكم التكتيكية في منع الانقلاب تجعل الاستقرار مرهوناً بتلك القدرة وليس بسبب السمات الهيكلية للدولة.
بدأ مسلسل الانقلابات العسكرية في السودان عام 1957، بعد أن تم انتخاب أول حكومة ديمقراطية في نفس العام من الاستقلال عن إنجلترا (1956).
محاولة انقلاب عام 1957
قادها مجموعة من ضباط الجيش والطلاب الحربيين بقيادة إسماعيل كبيدة، ضد أول حكومة وطنية ديمقراطية بعد الاستقلال برئاسة الزعيم السوداني إسماعيل الأزهري، وحكم على هذه المحاولة بالفشل وتم إحباطها في مراحلها الأخيرة.
انقلاب 17 نوفمبر 1958
يعتبر انقلاب 1958 أول انقلاب عسكري ناجح في تاريخ السودان، ضد حكومة ائتلاف ديمقراطية بين حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي يرأسها مجلس السيادة المكون من الزعيم الأزهري ورئاسة الوزارة الأميرلاي عبد الله خليل. قاده الفريق إبراهيم عبود، وسرعان ما شكل الانقلابيون حينها حكومة عسكرية برئاسة عبود، حكمت السودان لمدة 7 سنوات.
وتخلل محاولة انقلاب 1958 محاولة انقلابية أخرى، قادتها مجموعة من الضباط، ولكن تم فيها استيعاب الانقلابيين في نظام الحكم بدلا من محاكمتهم.
انقلاب 25 مايو 1969
قاده العميد آنذاك جعفر محمد نميري ومجموعة من الضباط المحسوبين على الحزب الشيوعي والقومية العرب.
ومن أبرز قادة الانقلاب اللواء خالد حسن عباس، وزين العابدين محمد عبد القادر، وأبوالقاسم محمد ابراهيم، وأبو القاسم هاشم، وهاشم العطا، وأسس النميري على الأثر نظامه القابض الذى امتد لـ 16 عاماً، ليعرف هذا الإنقلاب بأنه أكثر الانقلابات تأثيرا على البلاد.
وشهدت فترة النميرة محاولات انقلابية كثيرة، لكن استطاع التغلب عليها مستفيدا من التجارب السابقة.
محاولة انقلاب 19 يوليو 1971
عرف بانقلاب هاشم العطا، الذي استولى جزئيا على العاصمة الخرطوم لمدة يومين.
استطاع النميري أن يعيد سلطته ويقوم بمحاكمة الانقلابيين من المدنيين والعسكريين وطالت كلا من زعيم الحزب الشيوعي السوداني آنذاك عبد الخالق محجوب، ومساعده الايمن الشفيع احمد الشيخ، وبابكر النور وآخرين من المدنيين ومن الضباط قائد الانقلاب هاشم العطا وعشرات من الضباط والجنود.
محاولة انقلاب عام 1975
وقعت محاولة انقلابية أخرى فاشلة بقيادة الضابط حسن حسين ولقي الانقلابيون على رأسهم المدبر حسين حتفهم رميا بالرصاص أو شنقا حتى الموت.
محاولة انقلاب 2 يوليو 1976
حاولت القوى السياسية المعارضة لنظام النميري التي كانت تنطلق من ليبيا قلب نظام الحكم، وأوكلت المهمة للعميد في الجيش محمد نور سعد بمشاركة واسعة من عناصر المعارضة تسللت إلى الخرطوم عبر الحدود مع ليبيا، وقد تعامل نظام النميري مع المحاولة بعنف غير مسبوق.
بعد أربع محاولات انقلابية فاشلة، لم يتعرض نظام النميري بعد ذلك لأية محاولة انقلابية، إلى عام 1985، حينما عصفت به ثورة شعبية عارمة في 6 أبريل/ نيسان عام 1985، عرفت الثورة حينها بـ "انتفاضة أبريل".
انقلاب 30 يونيو عام 1989
جاء الانقلاب من قبل الرئيس المنقلب عليه عمر البشير، بمساعدة الإسلاميين في السودان من قبل حزب "الجبهة الإسلامية القومية"، والذي كان يتزعمه حسن عبد الله الترابي.
محاولة انقلاب رمضان عام 1990
كان الانقلاب بقيادة اللواء عبد القادر الكدرو، واللواء الطيار محمد عثمان حامد، وانتهت المحاولة الانقلابية بإعدام 28 ضابطا في الجيش، أبرزهم قائدا الانقلاب الكدرو حامد.
محاولة انقلاب عام 1992
كانت المحاولة الانقلابية الفاشلة يتزعمها العقيد أحمد خالد.
محاولة انقلاب عام 2004
تحدثت الحكومة حينها عن محاولة انقلابية ونسبته إلى حزب المؤتمر الشعبي المعارض.
رحيل البشير 2019
أعلن وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف اليوم الخميس عزل الرئيس عمر البشير واعتقاله، وبدء فترة انتقالية لعامين تتحمل المسؤولية فيها اللجنة الأمنية العليا والجيش، فيما اعتبره تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود الاحتجاجات في السودان انقلابا عسكريا.
وجاء تدخل الجيش بعد أشهر من احتجاجات شعبية تصاعدت ضد غلاء الأسعار وتحولت مؤخرا إلى المطالبة بتنحي البشير، التي عدها مؤامرة تعود لأيام الربيع العربي.
وبإطاحة الجيش السوداني، برئاسة البلاد، المشير عمر البشير، تكون الخرطوم شهدت تاريخا حافلا منذ استقلالها عام 1956 بنحو 10 انقلابات، نجح منها 4 انقلابات.
وكالات