تجربة اليونان جديرة بالدراسة
تعتبر اليونان حجر الرحى التاريخي للاتحاد الاوروبي لذلك تداعت كبريات الدول الاوروبية ..المانيا وفرنسا وصندوق الإنقاذ الاوروبي لإقالة عثرة الاقتصاد اليوناني الذي عاني من تداعيات ازمة الديون السيادية والتخلص من الاصول المسمومة، وبعد ثماني سنوات من المعاناة اتجهت اثينا مؤخرا نحو التعافي وسددت اول دفعة لصندوق النقد الدولي ( القسط والفوائد ) وتتجاوز المليار دولار.
الدين العام اليوناني تجاوز 160 ٪ نسبة الى الناتج الاجمالي، وبرغم محاولات صندوق النقد الدولي تسريع الخصخصة، الا ان الدولة حافظت على ملكية موجوداتها الكبرى، وعمدت الى تجميد الرواتب والاجور ورشقت القطاع الحكومي وخفضت القطاع العام بمعدل 25 ٪، وبرغم الاحتجاجات الشعبية الا ان النجاح كان حليف اليونان باستيعاب تداعيات الازمة المالية والديون السيادية التي اجتاحت معظم الاقتصادات الاوروبية.
تعداد سكان اليونان يزيد قليلا عن عشرة ملايين نسمة ويقدر الناتج الاجمالي بـ 200 مليار دولار، وبمساحة تزيد عن 132 الف كيلو متر مربع، وتطل على البحر الابيض المتوسط، وتشكل السياحة 24 ٪ نسبة الى الناتج الاجمالي ( المباشر وغير المباشر) ويزور اليونان 23.5 مليون سائح ونما القطاع السياحي ثلاث مرات خلال السنوات القليلة الماضية، وساهمت السياحة في تخفيف تداعيات الازمة المالية، ووصف نجاح السياحة في اليونان بمثابة معجزة.
إدارة الدولة كانت ناجحة بكل المقاييس سواء في إدارة الموجودات والمطلوبات او مواصلة التقشف دون الحاق اذى بمستويات معيشة محدودي الدخل، ونجحت الحكومة في التعامل على المستويات الداخلية والخارجية خصوصا مع مؤسسات التمويل الاقليمية والدولية في مقدمتها صندوق النقد الدولي والصندوق الاوروبي.
الازمة المالية والاجتماعية الطاحنة التي تعرضت لها اليونان وساهم في تسريع وتيرتها قروض البنوك اليونانية والاوروبية، سرعان ما تم استيعابها ووضع الاقتصاد والمالية العامة في الاتجاه الصحيح وتحول الاقتصاد الى النمو مجددا بحدود 2 ٪، ومن المتوقع ان يحقق معدلات نمو افضل خلال السنوات القادمة في ظل سياسات تنموية محددة ركزت على الاقتصاد الحقيقي ( الانتاجي ) السلعي والخدمي وكانت السياحة قاطرة رئيسية ومحركا من محركات النمو.
التقارب الاردني اليوناني فالقمة الثلاثية التي ضمت قبرص اليونانية وعقدت في عمان مؤخرا مهمة للاستفادة منها في معالجة معضلات الاقتصاد الاردني من الديون والبطالة والفقر والعجز التجاري، فالاردن بأهميته التاريخية والجيوسياسية فهو صانع سلام ومنه بنفس القوة تنطلق الحروب، وهي مفترق طرق دولي من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى الجنوب، ولديه قيادة تلقى احتراما وتقديرا دوليا، وموارد بشرية شابة مدربة قادرة على الانجاز وتحرص على النجاح، والمطلوب جهاز تنفيذي حكومي كفؤ يحسن الإدارة..قصة اليونان خلال السنوات التسع الماضية جديرة بالدراسة والاستفادة منها.
الدستور