عن الحبيب طارق مصاروة
باسم سكجها
جو 24 :
أستاذنا، وحبيبنا، وزميلنا، وصديقنا طارق مصاروة يغيب مُعلناً رحيل زمن الكبار، المعلّمين الذي كان كلّ واحد منهم مدرسة في تخصّصه، وحصّة طارق كانت كتابة العمود اليومي، ولا أعرف زميلاً واحداً ظنّ، مجرد ظنّ، أنّ بامكانه منافسته على موقع الكاتب الأردني الأوّل.
الكلّ كان يقرأ لطارق، وفي يوم قال الراحل الحسين لرئيس تشريفاته: ”اتّصل بطارق واسأل عن أحواله، فلدي شعور من طريقة كتابته بأنّ لديه مشكلة"، وهذا ما حصل، ومن الصعب تصوّر أنّ أحداً من قرّاء ”الرأي" لا يبدأ القراءة إلاّ من مقالته، حتّى هؤلاء الذين خالفوا أفكاره كانوا يفعلون الشئ نفسه.
كانت الحكومات تحسب حسابه، لما لكلماته من تأثير على الرأي العام، وكثيراً ما مُنع من الكتابة، وفي مرّة مُنع مع الراحل فهد الفانك فخرج الراحل محمود الكايد بفكرة أن يكتب الأول تحت إسم: ”محرر الشؤون السياسية" والثاني: ”محرر الشؤون الاقتصادية" وعلى الصفحة الأخيرة، وبالضرورة فقد عرف كلّ الأردنيين أنّ هذا ما يكتبه طارق، وذلك ما يكتبه فهد!
كان مسيحي الديانة ولكنّه سمّى إبنه البكر علي، فهو لا يعرف التفرقة، واختاره الربّ إلى جواره صباح عيد الفصح، وربطته صداقة مع الشهيد وصفي التل، وشاهدت شخصياً مدى احترام الراحل ياسر عرفات له، وهو صاحب مقالة :”زيتون برما ليس داشراً"، والكثير من المقالات التي شكّلت علامات فارقة في حياتنا الصحافية.
قبل نحو عشر سنوات، قال لي إنّه يجري عملية زراعة أسنان، واستغرب أنّ هناك من اصدقائه مَن استغرب ذلك باعتباره قفز على السبعين، وأضاف وهو يطلق ضحكته المميزة: مولانا … ما زلنا شباباً، وكثيراً ما كان يستخدم كلمة ”مولانا"!
على الجانب الآخر من هذه الصفحة كان إسم طارق مصاروة نقشاً محفوراً على الصخر، يُعلن عن موقفه اليومي بالكلمات الأنيقة، ولكنّ المرض غيّبه لفترة، وها هو الموت يأخذه منّا، رحمه الله فـ”الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ".