وزارة الإدارة المحلية وآفاق المستقبل
ناصر محمد الحجايا
جو 24 :
تعتبر الإدارة المحلية الأسلوب الأمثل في التنظيم الإداري لأقاليم الدولة، وهدفها الاستجابة لمتطلبات المواطنين وتميز الخدمات وملائمتها للمواطنين لتلبية احتياجاتهم اليومية من صحة وتعليم ومياه ومواصلات وخدمات وكهرباء ...الخ، ونظرا لتوسع وتطور المتطلبات المحلية للمواطنين، لجأت الحكومة إلى تجربة اللامركزية بغية التخفيف من أعباء الإدارة على السلطة المركزية، والتفرغ لمهام سياسية واقتصادية أكثر إلحاحا، وذلك من خلال تفويض بعضاً من صلاحياتها إلى مجالس محلية منتخبة.
وقبل الخوض في مفهوم الإدارة المحلية Local Administration) ( لابد من توضيح مفهوم اللامركزية (Decentralization) والتي عرفها عالم الإدارة (ليونارد وايت) بأنها: " عملية نقل السلطة بأنواعها التنفيذية والاقتصادية والتشريعية من مستوى إداري أعلى إلى مستوى إداري أدنى" . اي بمعنى آخر نقل بعض صلاحيات الموظفين الحكوميين في العاصمة إلى موظفين محليين في المحافظات، ولابد هنا من التناغم والتنسيق بين مفهوم اللامركزية ومفهوم الإدارة المحلية والتي هي شكل من أشكال التنظيم المحلي، يتم بموجبه توزيع المهام الإدارية بين الحكومة المركزية وهيئات محلية منتخبة ومستقلة، تؤدي وظيفتها تحت إشراف الحكومة المركزية ورقابتها، وبالعودة الى ضرورة انشاء وزارة الادارة المحلية والتي سيلمس المواطنين نتائج هذا القرار الايجابية والتي لم تاتي من فراغ وانما لحاجة ملحة وضرورية ولتجنب التضارب في عمل المجالس البلدية ومجلس المحافظات والفصل بين احتياجات البلديات والوزارات الاخرى التي هي بالنهاية تلبية لخدمات يطلبها المواطن والذي هو الادرى باحتياجاته وأولويتها بمعنى أن هرم تحديد وطلب الخدمات أصبح مقلوب ويبدأ من المواطن وهو الأسلوب الأفضل وهنا لابد أن تكون أدوات الإدارة المحلية المنتخبة (مجالس محلية ومجالس بلدية ومجالس المحافظات ) اضافة الى المجلس التنفيذي تحت مظلة واحدة ويحكمها قانون واحد ومرجعية واحدة تضمن تكامل أدوار هذه الأدوات وهذا يفعل دور الإدارة المحلية ويوسع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار وانعكاس نتائجه الايجابية على المواطن. وبما يضمن تكامل عمل المجالس وتخفيف المشاكل التي ظهرت بين المجالس الأربعة, وبالتالي لابد من اخضاعها إلى قانون واحد, ومرجعية واحدة لتجنب اية اختلالات في الاداء وضمان التناغم في العمل، ولعل النجاح الذي حققه وزير البلديات المهندس وليد المصري خلال السنوات الخمس الماضية يبشر بآفاق جديدة لهذه الوزارة المستحدثة .
وهنا لا ينكر أحد وبالأدلة والأرقام النقلة النوعية التي حدثت في قطاع البلديات خلال السنوات الماضية ومنذ تولي معالي وزير البلديات وليد المصري سدة القيادة في هذا القطاع الذي كان يمثل عبئاً كبيرا على الحكومات المتعاقبة ويظهر دور معالي وزير البلديات في رفع سوية العمل البلدي ضمن رؤية نوعية متخصصة، وما نتج عن هذه الرؤية التي يمتلكها من مخرجات على ارض الواقع كان من نتائجها خفض للمديونية للعديد من البلديات التي أرهقتها السياسيات السلبية السابقة والتي بدأت تتعافى تدريجيا منذ عام 2013 حيث بدا المنحنى التدريجي للمديونيات بالانخفاض يقابله ارتفاع ملحوظ في موازنة البلديات والتي أصبحت تقترب من حاجز 470 مليون لعام 2019 مقارنة مع 100مليون عام 2013 والفرق واضح هنا وبالأرقام وبالنقلة النوعية بدأت تنعكس ايجابيا على الخدمات المقدمة للمواطنين ناهيك عن توجيه الدعم وجلب المنح لهذا القطاع الذي دمر في سنوات مضت يقابلها جهود لضبط الإنفاق الغير مبرر ووقف التعيينات العشوائية وتطوير للقوانين والأنظمة والتشريعات الناظمة للعمل البلدي التي كانت نقلة نوعية يدركها المتابع للتفاصيل ولعل أهمها ضبط التعيينات عن طريق ديوان الخدمة المدنية إضافة ما ورد في قانون الانتخاب لعام 2015 والمتمثل بتعيين مدير تنفيذي لكل بلدية حسب شروط ومواصفات معينه تتطلبها مهام الوظيفة كخطوة إصلاحية رائدة ومتخصصة تحد من مشكلة عدم الخبرة لدى بعض رؤساء البلديات المنتخبين، وهذا يمثل تعافي وصعود مؤشرات ايجابية في هذا القطاع إن وجد التعاون والتقطت الرسائل الايجابية من قبل المجالس البلدية وطبقت التشريعات التي تصب في مصلحة العمل البلدي ومنها تحصيل المستحقات المترتبة ، إضافة إلى الرؤية النوعية بان يكون رئيس المجلس البلدي والأعضاء معنيون برسم السياسة العامة ودور التخطيط واستشراف المستقبل والتفكير بمشاريع ذات بعد استراتيجي للنفع العام والتوجه للاستثمار والاعتماد على الذات وان يكون المدير التنفيذي الذراع الداعم للمجلس البلدي من خلال قدرته على الإلمام بالأنظمة والتشريعات الناظمة للعمل البلدي وإدارة الجانب المالي والإداري للبلديات وبكل حيادية وبعيداً عن الضغوطات التي قد يواجهها الرئيس المنتخب وحجم العمل المترتب عليه.
ويلاحظ بأن المؤشرات على هذا التطور رسمت وبكل مهنية من خلال عدة محاور منها ما يتعلق بالموارد البشرية وتأهيلها لمواكبة التطور التكنولوجي وإكمال عملية الحوسبة في البلديات إضافة إلى محور الخدمات والبنية التحتية وعدم تناسي محور الدور التنموي للبلديات وجاءت هذه المحاور من خلال تطوير محور التشريعات رغم وجود الصعوبات في تفهم الدور المطلوب لوزارة الادارة المحلية إلا أن قادم الأيام وان استمر النهج الايجابي ستأتي نتائجها ايجابية ويشعر بهذه النقلة النوعية متلقي الخدمة وعلى امتداد مساحات الوطن من خلال حلقة متكاملة تبدأ بدعوة المجالس المحلية لمختلف قطاعات المجتمع بتحديد احتياجتها ومشاريعها سواء في القطاع البلدي أو القطاعات الأخرى ثم يتم عرضها على المجلس البلدي ليقوم بدورة برفعها إلى المجلس التنفيذي ضمن معايير محدده لكل وزارة وبالتالي عرضها على مجلس المحافظة ليتم إقرارها على ضوء الموازنة المخصصة لكل محافظة ويتم التنفيذ من خلال المجلس التنفيذي الذي يضم مدراء الدوائر المعنية لكل قطاع .