«الجغرافيون الجدد».. أخطر من التطبيع !!
أستميح ابن العم الأستاذ الدكتور عبد الحكيم الحسبان العذر لاقتباس مصطلحه «الجغرافيون الجدد» الذي وصف فيه ما جرى من جدل في جامعة اليرموك قبل أسبوع تقريباً، عندما وافق أحد الأساتذة على رسالتي ماجستير تستبدل خرائطها اسم فلسطين بإسرائيل، ودافع عن تلك التسمية دون ان تحرك إدارة الجامعة أي ساكن.
وأتفق معه فيما ذهب إليه من رأي مستند الى معلومات وقراءات، خاصة وأنه ممن أشغلوا موقع عميد كلية الآثار والإنثروبولجي في نفس الجامعة، ومن المتخصصين في هذا العلم وممن كتبوا الكثير والمهم في هذا المجال، وأثروا المكتبة الأردنية بأبحاث ذات قيمة كبيرة تجمع ما بين البعدين العلمي والتاريخي من جهة، والواقعي من جهة ثانية.
لن أدخل في التفاصيل العلمية لهذا الموضوع الخطير، وأتركها للمختصين، لكنني أناقش ما المسألة بعموميتها من منظار وطني، ومن زاوية انتشار حالات أعتقد أنها أكثر خطورة من التطبيع...
فإضافة إلى ما حدث في الجامعة، هناك حالات من الانفلات لأدعياء سياسة و((أشلاء معارضة)) يحتمون في أحضان العدو وينتصرون به على أهلهم وذويهم.
فالتطبيع وإن كان مجرّماً على نطاق عربي واسع، كونه يحاول تجاوز الجرائم الصهيونية وتبييض صفحة العدو الإسرائيلي من خلال طي الصفحات السوداء والعمل على جعل التعاطي مع دولة الاحتلال أمراً طبيعياً، إلا أنه يقل خطورة عما حدث في الجامعة من ممارسات يرى المختصون أنها تشكل تزويرا للتاريخ وتجاوزا للحقائق الجغرافية والإنسانية وصولا إلى منح شهادات تبرر الاحتلال سعيا لمنحه صفة الشرعية.
وتزداد خطورة هذا الموضوع بحكم حدوثه في جامعة أردنية ومن خلال بحث غطاؤه علمي، حظي بالنقاش على أكثر من نطاق، وآخر ذلك لجنة أساتذة رفض بعضهم هذه التسمية ولاموا المشرف على تمريرها، كما لاموا الجامعة على سكوتها على تلك الفرضية التي تتقاطع مع الحق العربي والفلسطيني، وتتخطى حقائق التاريخ والجغرافيا.
فالحادثة التي أشار لها الدكتور الحسبان في مقالة نشرتها صحف ومواقع عدة، تفتح الباب أمام أخطار كبيرة نتمنى أن لا تكون بالحجم الذي نتخيله.
ففي حين انتشرت ظاهرة المنادين بالتطبيع، وربطه بموازين القوى المرحلية، وصولاً إلى ما يعتقدون أنه ((مصلحة وطنية))، هناك خشية من أن تمتد تلك الحالة إلى المؤسسات التعليمية وعلى رأسها الجامعات، كما حدث بجامعة اليرموك.
وهنا يبرز الدور الرسمي الذي عليه أن يحصن المؤسسات التعليمية من مثل ذلك الغزو، وأن يتمسك بالثوابت الوطنية التي يفترض أن تكون ركنا أساسيا من أركان المشروع التربوي والتعليمي والبحثي.
وأن يتم إبعاد العملية التعليمية عن أية ممارسات سياسية تفرضها بعض المعطيات، ويمارسها بعض الساسة رغم عدم قناعتهم بها.
كما يبرز دور الباحثين والمتخصصين الذين عليهم تعرية مثل تلك المحاولات والتصدي لها.
Ahmad.h.alhusban@gmail.com