ظاهرة انتشار المساجد

قبل ان يتهمني احد ويحرف ما اقصد اقول انني مؤمن مسلم اشهد ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله وانني اصلي وارتاد المساجد واقوم بكل واجباتي الدينية خير قيام واتمنى ان ارى جميع الناس يؤمنون ويصلون كل حسب دينه. لكن ما دفعني الى الكتابة اليوم هو ما شاهدتة قبل قليل من بدء العمل ببناء مسجد قريب من بيتي واللوحة الموضوعة امام مكان البناء المتوقع، والتي تقول انه سيكون مسجدا فخما واسعا بتبرع من احد الاثرياء بالاردن، وحتى الآن الامور تبدو طبيعية، لكن ما هو ليس طبيعيا هو اذا عرفنا انه قرب هذا المسجد وبما لا يتجاوز الكيلوا متر الواحد يوجد ثلاثة مساجد كلها حديثة لم يمض على بنائها اكثر من سنتين، وانه في محيط ثلاثة كيلوا مترات من هذا الموقع يوجد تسعة مساجد كلها كبيرة وواسعة، واذكر انني عندما بنيت بيتي قبل حوالي سبعة عشر عاما كان هناك مسجد واحد في هذه المنطقة يخدم جميع اهلها، ولم يكن يمتلئ بالمصلين الا يوم الجمعة فقط وما زال كذلك، ورغم ان عدد السكان لم يزدد كثيرا بهذه المنطقة الا ان عدد المساجد ارتفع اضعاف حاجة المنطقة.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا اليس هناك دور لوزارة الاوقاف او امانة عمان او البلديات في تنظيم بناء المساجد حسب الحاجة وعدد السكان، لماذا يتم هدر الكثير من الاموال في بناء مساجد لا يؤمها الا اعداد قليلة طيلة ايام الاسبوع باستثناء يوم الجمعة او شهر رمضان المبارك، لماذ لا يتم توجيه هذه الاموال الى مشاريع تعود على الفقراء وعامة الناس بالنفع والفائدة، الم يقل جدنا الولي الصالح والفقيه العارف عبدالقادر الجيلاني ذات يوم في خطبة تعد من اقصر الخطب الجمعة بالتاريخ "لقمة في بطن جائع خير من بناء الف جامع وكسوة الكعبة بالبراقع"؟ ما الفائدة من بناء ابنية كبيرة لعدد قليل من المصلين خلال الايام العادية؟ لماذا لا يتم تجميع هذه الاموال لاحياء فكرة الوقف التعليمي او الخيري والذي يبقى اجره مدى الحياة؟ او بناء المستشفيات ودور الايتام والمدارس ودور العجزة والتي تخصص للفقراء والمساكين؟ لماذا لا يتم بناء المجمعات الخيرية التي تقدم الكثير من الخدمات المجانية لغير المقتدرين، او تعليم وتدريب ابناء الفقراء على مهن يحتاجها السوق وبالتالي تعليمهم الصيد بدل اعطائهم السمكة، وغيرها الكثير من الافكارالتي تسهم في تخفيف حدة الفقر وتنفع الناس ويدوم اجرها.

مرة اخرى اتمنى ان لا يفسر احد قولي هذا على انه انتقاص من دور المساجد او انه دعوة لمنع بنائها وانما كل ما اريده هو تنظيم ذلك حسب الحاجة وتوجيه هذه الاموال الى ما ينفع الناس في الدنيا والآخرة.