من نحن؟ سؤال الهوية القاتل في معان وغيرها
ياسر ابو هلاله
جو 24 : أتاحت شبكات التواصل الاجتماعي فرصة نادرة لمعرفة تفاصيل يصعب معرفتها من خلال وسائل الإعلام التقليدي الخاضع للتحرير والتدقيق. تكتشف المشاعر الدافعة والأفكار المحركة للعنف الذي يعصف بالبلاد وشبابها خصوصا في الجامعات. وإنْ أسهم الإعلام الحديث في توتير الأجواء وتفجيرها لكنه يوفر تشخيصا يساهم في العلاج لمن أراد العلاج.
قبل معان، وعندما وقعت أحداث جامعة مؤتة حُمّل على اليوتيوب فيديو لأبناء عشيرة الحمايدة يرسم بدقة إشكالية الهوية الغامضة. في الجامعة لا يتحدد الانتماء وفق الكلية أو التخصص أو السنة الدراسية أو الفريق الرياضي أو الانتماء السياسي. كلمات الدبكة عبثية تعكس اللامعنى والضياع: "بالدكان بي قرشلة ..بي قرشلة بالدكان تؤرش ولا ما بتؤرش يا بتؤرش يا ما بتؤرش يا بتؤرش يا ما بتؤرش!". تنتهي الدبكة بتعريف الهوية "وي آر حمايدة". ولا تحدد مَن الهوية المقابلة أو العدو ولكن بالمطلق "وي نيد هوشة"! بالنتيجة فقدت الجامعة في هوشة عبثية شابا عاد إلى ذويه جثة بلا شهادة .
تمتد عشيرة الحمايدة على ثلاث محافظات جنوبية اتسمت بحراك سياسي على مستوى وطني. ومن يؤرخ للحراك الأردني يلاحظ أن ذيبان كانت البداية، وظلت منطقة ساخنة. والعشيرة تاريخيا قدمت رموزا في العمل السياسي عرفت على مستوى عربي، كضافي الجمعاني الذي يعتبر مانديلا العرب، وسالم الفلاحات المراقب العام للإخوان المسلمين وغيرهما. كل ذلك ذوى لصالح "وي آر حمايدة".
يمكن رصد الهويات القاتلة في صفحات التواصل الاجتماعي في مأساة جامعة الحسين، فتلك الكارثة التي أدمت قلب كل أردني تحولت في الفضاء الإلكتروني إلى صراع وجودي بين هويات فرعية تم استحداثها لغايات الشجار لا غير. فما حدث في جامعة الحسين حدث مثله في كل الجامعات والخلاف فقط في الدرجة لا النوع. من حيث الانقسام في كل جامعة ونوعية السلاح المستخدم.
في مقالته العظيمة يرصد الصديق الدكتور باسم الطويسي شخصية محمود البواب الذي قتله الرصاص الأعمى، وكيف كان يتعبد الله في العمل مع أبناء الجفر (الحويطات) في تدريبهم مترفعا عن الشجار الذي حصد روحه، لم يكن محمود يعتقد أن ابن الجفر ينتمي لهوية أخرى، فهو شريك أجداده وشريك أبنائه. وقد ظلت معان أنموذجا في حسن الجوار بين البادية والريف والمدينة، ولم تشهد ما شهدته تاريخيا كثير من المدن من عداوات بينها وبين جوارها. وقد يعود ذلك للطبيعة المفتوحة لمدينة بلا أسوار، انفتحت على باديتها كما انفتحت البادية عليها. وليس أدل على ذلك من بناء عودة أبو تايه لقصر فيها. وعلاقات الأحلاف التي مزجت عشائرها بعشائر البادية.
داخل العشيرة الواحدة يحدث ما حدث بين أبناء الحويطات وأبناء المدينة، ولا يمكن تحويل علاقات القرابة والمودة الاجتماعية إلى هوية تتعدى الدولة والوطن، بحيث تصير معان هوية متقدمة على الانتماء للأمة والوطن مقابل هوية الحويطات المتقدمة على الأمة والوطن.
يكفي الدخول إلى صفحات الفيس بوك لمعرفة من نحن؟ ستجد كل الهويات الفرعية حاضرة ومتضخمة على حساب الهويات الجامعة، من مواطنة تحت سقف الدستور والقانون إلى الانتماء الحضاري العربي والإسلامي. إن هذه المنطقة المحتربة التي تضيق بالحويطات والمعانية شهدت ميلاد الدولة الأموية في جبل التحكيم، وميلاد الدولة العباسية في الحميمة. وفيها البتراء، إحدى عجائب الدنيا، أو إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد! قليل من الاحترام إلى المنطقة التي تؤوينا سنعرف من نحن.
قبل معان، وعندما وقعت أحداث جامعة مؤتة حُمّل على اليوتيوب فيديو لأبناء عشيرة الحمايدة يرسم بدقة إشكالية الهوية الغامضة. في الجامعة لا يتحدد الانتماء وفق الكلية أو التخصص أو السنة الدراسية أو الفريق الرياضي أو الانتماء السياسي. كلمات الدبكة عبثية تعكس اللامعنى والضياع: "بالدكان بي قرشلة ..بي قرشلة بالدكان تؤرش ولا ما بتؤرش يا بتؤرش يا ما بتؤرش يا بتؤرش يا ما بتؤرش!". تنتهي الدبكة بتعريف الهوية "وي آر حمايدة". ولا تحدد مَن الهوية المقابلة أو العدو ولكن بالمطلق "وي نيد هوشة"! بالنتيجة فقدت الجامعة في هوشة عبثية شابا عاد إلى ذويه جثة بلا شهادة .
تمتد عشيرة الحمايدة على ثلاث محافظات جنوبية اتسمت بحراك سياسي على مستوى وطني. ومن يؤرخ للحراك الأردني يلاحظ أن ذيبان كانت البداية، وظلت منطقة ساخنة. والعشيرة تاريخيا قدمت رموزا في العمل السياسي عرفت على مستوى عربي، كضافي الجمعاني الذي يعتبر مانديلا العرب، وسالم الفلاحات المراقب العام للإخوان المسلمين وغيرهما. كل ذلك ذوى لصالح "وي آر حمايدة".
يمكن رصد الهويات القاتلة في صفحات التواصل الاجتماعي في مأساة جامعة الحسين، فتلك الكارثة التي أدمت قلب كل أردني تحولت في الفضاء الإلكتروني إلى صراع وجودي بين هويات فرعية تم استحداثها لغايات الشجار لا غير. فما حدث في جامعة الحسين حدث مثله في كل الجامعات والخلاف فقط في الدرجة لا النوع. من حيث الانقسام في كل جامعة ونوعية السلاح المستخدم.
في مقالته العظيمة يرصد الصديق الدكتور باسم الطويسي شخصية محمود البواب الذي قتله الرصاص الأعمى، وكيف كان يتعبد الله في العمل مع أبناء الجفر (الحويطات) في تدريبهم مترفعا عن الشجار الذي حصد روحه، لم يكن محمود يعتقد أن ابن الجفر ينتمي لهوية أخرى، فهو شريك أجداده وشريك أبنائه. وقد ظلت معان أنموذجا في حسن الجوار بين البادية والريف والمدينة، ولم تشهد ما شهدته تاريخيا كثير من المدن من عداوات بينها وبين جوارها. وقد يعود ذلك للطبيعة المفتوحة لمدينة بلا أسوار، انفتحت على باديتها كما انفتحت البادية عليها. وليس أدل على ذلك من بناء عودة أبو تايه لقصر فيها. وعلاقات الأحلاف التي مزجت عشائرها بعشائر البادية.
داخل العشيرة الواحدة يحدث ما حدث بين أبناء الحويطات وأبناء المدينة، ولا يمكن تحويل علاقات القرابة والمودة الاجتماعية إلى هوية تتعدى الدولة والوطن، بحيث تصير معان هوية متقدمة على الانتماء للأمة والوطن مقابل هوية الحويطات المتقدمة على الأمة والوطن.
يكفي الدخول إلى صفحات الفيس بوك لمعرفة من نحن؟ ستجد كل الهويات الفرعية حاضرة ومتضخمة على حساب الهويات الجامعة، من مواطنة تحت سقف الدستور والقانون إلى الانتماء الحضاري العربي والإسلامي. إن هذه المنطقة المحتربة التي تضيق بالحويطات والمعانية شهدت ميلاد الدولة الأموية في جبل التحكيم، وميلاد الدولة العباسية في الحميمة. وفيها البتراء، إحدى عجائب الدنيا، أو إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد! قليل من الاحترام إلى المنطقة التي تؤوينا سنعرف من نحن.