عمادة البحث العلمي في جامعة اليرموك
د. محمد تركي بني سلامة
جو 24 :
تُعدُّ عمادة البحث العلمي في جلِّ الجامعات، العمادة الأهم باعتبارها المرآة التي تعكس واقع البحث العلمي في الجامعة، والذي يُعدُّ واحداً من أهم معايير تصنيف الجامعات العالمية، وخصوصاً المعيار الأكثر شيوعاً والمعروف بـ (QS)، وتحظى هذه العمادة باعتبارها منصة وحاضنة البحث العلمي، بدعم ورعاية متخذي القرار في الجامعة، حتى تتمكن الجامعة من أن تفي برسالتها، وترسم المستقبل الأكاديمي لها، وتطور كوادرها وتحسن مستوى مخرجاتها.
في هذه المقالة سنلقي الضوء على الجهود التي قامت بها عمادة البحث العلمي في جامعة اليرموك منذ مطلع العام الدراسي (2018/2019) حتى الوقت الحاضر، وسعيها المتواصل للنجاح والتميز وخدمة أعضاء هيئة التدريس والطلبة، رغم الكثير من المعيقات والحواجز والسواتر المرتفعة نتيجة ضعف الإمكانات المادية أو الإجراءات البيروقراطية أو الثقافة غير الموائمة للبحث العلمي، فالجهود التي بذلتها عمادة البحث العلمي في جامعة اليرموك جديرة بالإشادة، وهي محل تقدير كافة المعنيين في هذا المجال.
منذ بداية العام الجامعي عززت العمادة نشاطاتها وجهودها وفتحت أمام الباحثين آفاقاً جديدة وفرصاً عديدة من أجل نشر ثقافة البحث العلمي في ظل عزوف الكثير من أعضاء هيئة التدريس عن البحث العلمي وخصوصاً من فئة الأساتذة.
ولعل أول الخطوات التي قامت بها العمادة هي زرع ثقافة الثقة بديلاً لثقافة الشك والريبة في عقول ونفوس العاملين في العمادة في التعامل مع الباحثين، وبحكم التجربة الشخصية إذ أنني حصت على دعم العمادة في أكثر من مشروع بحث علمي، أزعم أنّ الثقافة التي كانت سائدة في الماضي هي أنّ الباحث متهم إلى أن تثبت براءته، وفي عهد العمادة الحالية بدأنا نلمس روحاً أكثر إيجابية وتعاون أثناء التعامل مع العاملين في العمادة، لذا نأمل أن تستمر وتتكرس كنهج في التعامل في المستقبل مع الباحثين.
لم تكتفي العمادة بهذه الخطوة بل عززتها بالعمل الميداني بالزيارات المكثفة والمستمرة لكافة الكليات، ولقاء الباحثين والحوار معهم والإستماع لآرائهم وملاحظاتهم والبحث عن الحلول العملية للمشاكل التي تواجههم، في سبيل تشجيعهم على البحث العلمي، وقد أثمرت هذه الزيارات في زيادة الإقبال على أنواع الدعم المختلفة للبحث العلمي المقدمة من العمادة.
وفي مسعى من العمادة لتحفيز البحث والنشر العلمي، فقد اتخذت العمادة سلسلة من التدابير والإجراءات، لعل من أهمها حوسبة طلبات النشر العلمي، وطلبات دعم المشاريع، وتسريع وتسهيل الموافقات اللازمة في الأقسام والكليات، وتوجيه الباحثين نحو الموضوعات ذات الأولويات الوطنية، بهدف توجيه البحث العلمي نحو قضايا المجتمع، واحتياجات التنمية الوطنية، وإيجاد حلول مناسبة للقضايا الوطنية المُلحّة.
تطلعات كبيرة وإمكانات متواضعة
في ضوء نتائج التصنيفات العالمية للجامعات التي صدرت مؤخراً، فقد تراجع تصنيف الجامعة، وحصلت على علامات منخفضة وبشكل لافت في معياري النشر والإستشهاد في البحوث وخصوصاً في الكليات الإنسانية، وقد سعت العمادة إلى معالجة هذا الخلل بتقديم مجموعة من الإقتراحات، إلا أنها للأسف تم رفضها من قبل الجامعة، وبالرغم من الأجواء المحبطة، إلا أن طموحات العمادة وتطلعاتها كبيرة، فلم تستسلم للواقع، وفي جعبتها الكثير من الأفكار والمقترحات التي إذا لقيت آذاناً صاغية من أصحاب القرار في الجامعة، وخرجت إلى النور، فإنها بلا شك ستسهم في تعزيز البحث والنشر العلمي، مما ينعكس إيجاباً على تصنيف الجامعة، علاوة على خدمة وتنمية المجتمع المحلي، وإيجاد حلول مناسبة لكثير من مشاكله، ولعل من أبرز هذه المقترحات: زيادة موازنة البحث العلمي، وتخصيص مكافأة للباحثين عن المشاريع المدعومة من العمادة أسوةً بما هو معمول به في الجامعات الأخرى، وتفعيل تعليمات البحث العلمي المتعلقة بخفض العبئ التدريسي للباحثين اللذين لديهم مشروعات بحثية مدعومة من جهات خارجية، وتعديل تعليمات حوافز البحث العلمي وتعليمات حوافز البرامج غير العادية (الموازي)، وتعليمات المشاركة في المؤتمرات العلمية وغيرها.
أخيراً، ورغم إدراك الجامعة أن البحث العلمي، والتقدم التكنولوجي، وتنوير العقول، هو الطريق إلى التقدم والتنمية والإزدهار في المستقبل، إلا أن معيقات البحث العلمي، والحواجز التي تقف أمام طموحات العمادة ما زالت كثيرة، وهذا يحتاج إلى مقالٍ منفرد آمل أن ألقي الضوء عليه قريباً، وسيكون بعنوان: إنه البحث العلمي يا غبي!