jo24_banner
jo24_banner

عن الفتوى والتقوى!

حلمي الأسمر
جو 24 : فرق كبير بين الفتوى والتقوى؛ فقد يفتي مفتٍ بشيءٍ مباح.. لكن التقوى تنافيه!

قال ابن القيم رحمه الله: سألت شيخنا عن أشياء فقال: ليست بحرام، لكنها لا تليق بأصحاب الهمم! فأين همتك؟!

يقول العلماء/ التقوى: الدرة المفقودة، والغاية المنشودة، وصية الله تعالى للأولين والآخرين: «وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ» «النساء: 130»

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا بينكم وبين الحرام سترا من الحلال، من فعل ذلك استبرأ لعرضه ودينه، ومن أرتع فيه كان كالمرتع إلى جنب الحمى يوشك أن يقع فيه، وإن لكل ملك حمى، وإن حمى الله في الأرض محارمه» «ابن حبان والطبراني، وصححه الألباني في صحيح الجامع»

ويقول الصالحون: لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس..

فالزم (التقوى)، ولا تتفلت وراء كل فتوى..!

وقد عرّف التقوى علي رضي الله عنه بقوله: «هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل». وسأل عمر كعبا (رضي الله عنهما) فقال له: ما التقوى؟ فقال كعب: يا أمير المؤمنين أما سلكت طريقا فيه شوك؟ قال: نعم. قال: فماذا فعلت؟ فقال عمر: أشمر عن ساقي، وانظر إلى مواضع قدمي، وأقدم قدما وأؤخر أخرى مخافة أن تصيبني شوكة. فقال كعب: تلك هي التقوى»!

قال ابن القيم (في إعلام الموقعين): «ولما كان التبليغ عن الله سبحانه يعتمد العلم بما يبلغ والصدق فيه لم تصلح مرتبة التبليغ بالرواية والفتيا إلا لمن اتصف بالعلم والصدق، فيكون عالما بما بلغ، صادقا فيه، ويكون مع ذلك حسن الطريقة مرضي السيرة عدلا في أقواله وأفعاله، متشابه السر والعلانية في مدخله ومخرجه وأحواله، وإذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله ولا يجهل قدره، وهو من أعلى المراتب السنيات، فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسموات؟ فحقيق بمن أقيم في هذا المنصب أن يعد له عدته وأن يتأهب له أهبته وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه ولا يكون في صدره حرج من قول الحق والصدع به فإن الله ناصره وهاديه. وكيف وهو المنصب الذي تولاه بنفسه رب الأرباب فقال تعالى «وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُل اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ» وكفى بما تولاه الله تعالى بنفسه شرفا وجلالة إذ يقول في كتابه: «يَسْتَفْتُونَكَ قُل اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ». وليعلم المفتي عمن ينوب في فتواه وليوقن أنه مسؤول غدا وموقوف بين يدي الله».

نقول هذا الكلام، بعدما شهدنا ما شهدنا من فوضى عارمة في «سوق» الفتوى، مما أوقع الناس والجماعات في كثير من الحرج، والفوضى، ولم أجد في التطبيقات المعاصرة لثنائية التقوى والفتوى، أجمل مما قيل على لسان أهل السياسة والرئاسة في تركيا المعاصرة ولم تزل ماثلة في اجواء تركيا الحديثة: نحن نعمل بالتقوى لا بالفتوى، فاتقوا الله ما استطعتم!!

هذه المقولة كانت تتردد في جنبات ‹أحزاب› نجم الدين أربكان التي كان يعيد تأسيسها، فكان كلما حلوا حزبا اسس آخر، ومن ثم استلهمها حزب أردوغان «العدالة والتنمية» كما يبدو!

حينما تسمع رئيس كتلة الحزب في البرلمان التركي نورالدين تشانيكلي يقول: نحن لسنا أسياد الشعب ولكننا خُدامه، تدرك جيدا التطبيق العملي، لتلك المقولة! (الدستور)



hilmias@gmail.com
تابعو الأردن 24 على google news