عندما يتحمل موظف بسيط وزر حكومة غافلة !
جو 24 :
كعادتها حكومتنا الرشيقة والمتأنقة وجريا على سنة الحكومات الفارطة غير الحميدة لا زالت تتعامل مع المواطنين بأسلوب التورية والتعمية والاستغفال والاستهبال وهي تغطي فضائحها وعجزها وإهمالها بغربال ذو ثقوب واسعة تحت أشعة شمس ساطعة وكما عودتنا ها هي تستفيق متأخرة من غفوتها وتصحو على مضض من غفلتها بعد كل كارثة ومصيبة وبلاء على وقع ضجيج الاحتجاجات الشعبية وثورة مواقع التواصل الاجتماعية ونفير الناس وهبتهم للدفاع عن وطنهم وحماية مكتسباته الدينية والتاريخية والحضارية التي باتت في خطر ومعرضة للتشويه والتزوير والتدنيس من أحفاد هيرتزل
لم تكن الحكومة ممثلة بذراعها الديني وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية موفقة ولا مقنعة وغير محقة وهي تسوق حججها الضعيفة وتبحث عن مشجب تعلق عليه غيابها وأخطائها وتبرر تقصيرها وإهمالها في كل ما حدث مؤخرا بمقام النبي هارون في منطقة البتراء من قبل قطعان المتدينين المنفلتين رعونة وهمجية وقد جانبت الوزارة الحقيقة والصواب وهي تحمل " وزر " ما حدث لحارس المقام النبوي الموظف البسيط " مطلق البدول " الذي قال في بث مباشر له ( انأ لم استطع مقاومة هؤلاء القادمين فعددهم كبير واندفعوا لخلع باب المقام وانأ لا استطيع منعهم ) وهو بالفعل لا يستطيع ولا يملك ما يدافع به عن المقام في مواجهة 350 علج من ذوي الجدايل الطويلة والروائح النتنة الذين لم يأتوا كسياح وإنما لممارسة طقوسهم الدينية الاستفزازية بصلف وعنجهية وربما لو واجههم الحارس بعنف وشدة وضربهم وأذاهم لأتهم بالإرهاب وأودع غياهب السجن يا سادة ما حصل كان مرتبا ومنسقا مسبقا مع دهاقنة الحاخامات في تل أبيب وحكومتنا الرشيدة في عمان غارقة في العسل وفي غفلة مركزة وغيبوبة حثيثة عن جميع المخاطر التي تتعرض لها البتراء ومكوناتها والخطر اليهودي الداهم على محيطها
مع غياب كامل لجميع أجهزة الدولة التنفيذية والإجراءات الوقاية في المنطقة لمنع مثل هذه التصرفات المشبوهة بقوة القانون والنظام وفرض هيبة الدولة وزجر المتغطرسين والذين تحتاج عملية السيطرة عليهم بهذا العدد الكبير إلى كتيبة أو أكثر من قوات الدرك والشرطة ومن المؤسف أن السلطات الرسمية لم تتدخل إلا بعد ضجة عارمة وغضب شديد اجتاح الشارع ووسائل التواصل الاجتماعي عقب انتشار مقاطع فيديو لسياح إسرائيليين يقومون بطقوس تلمودية في منطقة البتراء وداخل مقام النبي هارون حيث سارع وزير الأوقاف إلى إصدار قرار بإغلاق المقام ومنع زيارة السياح إلى داخله دون تنسيق مسبق
لا نعرف حقيقة أي الحراس هم المسؤولين عن هذه الاحتفالية العبثية وغير القانونية والماسة بأمن وسيادة الأردن اهو حارس المقام المسكين الغلبان أم هم حراس المعبر الحدودي الذين تعاموا وتغاظوا وسمحوا بإدخال كل هذه الملابس الخاصة بالصلوات والعبادات اليهودية المعروفة بأسم ( طاليت ) والأدوات والمعدات اللازمة لإقامة الطقوس التلمودية وهي ممنوعة أصلا أم هم حراس ومرافقي خط سير القافلة الذين سهلوا وصولهم الى الضريح ووقفوا مراقبين ومتفرجين على ما جرى ولم يبلغوا أحد آو يطلبوا النجدة لصدهم " حيث كان يتواجد ثلاث عناصر من الشرطة السياحية في الموقع " وهنالك أحاديث من بعض المكاتب السياحية تدعي قيام جهات أو أشخاص بتزويد السياح اليهود بمعدات الصلوات والطقوس اليهودية من داخل الأردن بعد عبورهم الحدود
كيف يا معالي الوزير نجعل من حارسا بسيطا على ضعفه كبش فداء " هو لازم واحد يلبس القضية " ومن قبله وزيرة السياحة والآثار السابقة في حكومة الرفاعي الابن" مها الخطيب " ورغم قوتها وثقلها أخرجت من الحكومة في أول تعديل وزاري في إعقاب شكوى قدمها ضدها السفير الإسرائيلي في عمان على أثر احتجاج وكلاء السياحة الإسرائيليين في حينه بعد منعها إدخال السياح لملابسهم وقرونهم ومزاميرهم الدينية لإقامة الصلوات التي هي ضمن نهجهم وممارساتهم الصهيونية المبرمجة لطمس عروبة البتراء وهويتها والعبث بتاريخ وتراث الوطن حيث يقوم هؤلاء اليهود أثناء سياحتهم بدفن مخطوطات وعملات يهودية مزورة في المنطقة ومن ثم الادعاء بأن لهم تاريخا ووجودا فيها
كل هذه التصرفات تندرج في إطار معتقدات دينية يتم توظيفها لتحقيق أهداف وأطماع سياسية مع تنامي ظاهرة تحول المجتمع الإسرائيلي من مجتمع علماني إلى مجتمع ديني يسعى إلى إقامة الدولة الدينية " المشيخية " في أرض إسرائيل
ومن المعلوم تاريخيا ان الحركة الصهيونية قامت على أساس تحويل الدين اليهودي إلى قومية لإقامة الدولة اليهودية في أرض الميعاد " أرض إسرائيل الكبرى" والتي تمتد في حدودها إلى شرقي الأردن باعتبارها أرض إسرائيل الشرقية استنادا ً الى ما ورد في التوراة حسب زعمهم المكذوب وأن مسألة البحث عن المقامات والأماكن التي يدعي اليهود أنها أماكن دينية تخصهم في الأردن لا يتوقف على مقام النبي هارون وإنما تشمل البحث عن مقامات كأماكن يهودية دينية في مناطق مختلفة من بينها وادي بن حماد قرب الكرك وأماكن في منطقة مادبا والسلط وطبقة فحل شمال البلاد
وفي ظل متاهات الضحك الحكومي على الذقون وتسخيف المسؤوليات وتحميلها للحلقة الأضعف بدل محاسبة المسؤولين المقصرين إضافة إلى اللجوء إلى سياسات ترقيع المعالجات وتجميل الإسقاطات والتي نشاهدها يوميا بحسرة وخذلان يأتي السؤال أين كانت عيون الدولة عن مجموعات يهودية معروفة اهدافها تسرح وتمرح في البلاد بلا مراقبه و دون متابعة أمنية دقيقة مما يتوجب إن نبين ان الحارس " مطلق البدول " إذا كان مسؤول فعلا عن مفاتيح بوابة المقام فهو بكل تأكيد لا يملك مفاتيح الحدود والمعابر والموانئ والمطارات وهو لم يسمح لقطعان اليهود بدخول المملكة ولم يوقع مع قتلة الأنبياء اتفاقية وادي عربة للسلام والتي تنص المادة التاسعة منها على ( سيمنح كل طرف للطرف الآخر حرية الدخول للأماكن ذات الأهمية الدينية والتاريخية ) ولا نعرف هنا حقيقة عن أي أماكن دينية آو تاريخية لليهود في الأردن التي تتحدث عنها المعاهدة وحبذا لو تم اطلاعنا عليها من قبل الحكومة الموقرة حتى لا نفاجئ في المستقبل بحوادث وصلوات وطقوس واحتفالات يهودية في أماكن أخرى غير مقام النبي هارون
ما حدث في البتراء ومقام النبي هارون عمل خطير جدا وهو ليس مجرد فيلم توثيقي يؤسس لمزاعم توراتية باطلة والأمر ليس مجرد صلاة لمجموعة يهود متدينين وليس كذلك مجرد ترويج للبتراء منذ أربعة عقود على أنها جزء من الأراضي المقدسة لليهود وجزء من إسرائيل وليست فوق ذلك جريمة سرقة للآثار وإعادة دفنها في أماكن متفرقة ومحددة لإثبات حق زائف لليهود في المنطقة كل هذه بعض من المقدمات والمقبلات في طريق المشروع الصهيوني للاستيلاء على الأردن من " بوابة البتراء " من خلال خلق نصوص توراتية محرفة ذات صبغة شرعية ودينية وتاريخية و ديمغرافية وهو ما بدأ واضحا في ترويج الصهيوني أيدين كوهين لخديعة ان " عشائر البدول يهود ألأصل اضطروا إلى اعتناق الإسلام " إضافة إلى ادعاء اليهود بأن معركة نهاية الزمان (هر مجدون ) بين أساطين الإيمان وجيوش الكفر لن تقوم إلا والبتراء تحت سيطرة اليهود مع معرفتنا الفكرية والتاريخية بوجود رؤية دينية يهودية تتحدث عن هروب اليهود آخر الزمان إلى البتراء طلبا للنجاة وفقا للتنبؤات التوراتية فضلا عن الحملات المتواصلة لشراء وتملك الأراضي والعقارات في البتراء خاصة بعد تغيير قانون سلطة البتراء والسماح لغير الأردنيين بالتملك وعدم استثناء اليهود وهو ما سيجعل أهالي البتراء أقلية غريبة عنها خلال بضع سنوات قادمة
كما يتوجب على الحكومة منذ الآن تفعيل الرقابة والاهتمام بالمعالم الدينية والسياحية وعدم الاستمرار بتجاهل الحاجات التنموية الأساسية في المنطقة وتغييبها عن خارطة المناطق الاستثمارية ذات الأولوية وإنهاء عمليات النصب " التعزيم " التي أدت إلى رهن العقارات والممتلكات من قبل أهالي المنطقة والتي اعتبرت مقدم لتهيئة الأجواء النفسية لقبولهم ببيع أراضيهم وممتلكاتهم للأجانب بدعوى إقامة مشاريع استثمارية وخلق فرص عمل
وان هروب الحكومة من تحمل مسؤوليتها عما فعله السياح الإسرائيليون في الجنوب ومحاولة استيعاب الرأي العام بطرق التفافية وافتعال صدمة حكومية دعائية مما جرى وبيعها للجمهور بأسلوب التبرير غير الكافي يزيد من تفاقم الخلاف وعدم الثقة بين المواطن والدولة لهذا لا بد من وقفة شعبية شاملة في مواجهة الهجمة الصهيونية والمؤامرة على البتراء والأردن
مقام النبي هارون هو ضريح تاريخي يقع على أحد جبال البتراء الأردنية جنوبي البلاد يوجد على راس الجبل جامع إسلامي ومزار تقليدي للمسلمين أقيم في العهد المملوكي لخدمة الموقع العسكري المجاور بناه الفاتح محمد الناصر بن قلاوون الشركسي عام 1326 على أنقاض مصلى شيده الظاهر بيبرس الكزاخي عام 1264 ولا أثر فيه للنبي هارون الذي مات في سيناء ودفن فيها ولم يثبت تاريخيا أن هناك مقام للنبي هارون ولا علاقة لليهود به لا تاريخياً ولا أثرياً والمسجد ومحرابه ومصلاه أصبح مستباح ومتاح اليوم للسياح اليهود من كل جنس وملة وطائفة ولون
الشكر لله العظيم أولا ثم لحكومتنا الرشيدة أن فهمتنا أخيرا بأن كل خراب البلد كان من الحارس !!!