العيد في الاقصى.. المقدسيون يتحدون بنادق الاحتلال
جو 24 :
معا -تقرير ميسة ابو غزالة- لم يكن المشهد عاديا في المسجد الأقصى في أول أيام عيد الأضحى المبارك، فعلى وقع القنابل الصوتية والأعيرة المطاطية والاعتقالات والإصابات استقبل المقدسيون عيدهم بالأقصى هذا العام.. وما هي الا لحظات عقب خطبة وصلاة العيد حتى تبددت الفرحة واختلطت تكبيرات العيد بأصوات القنابل وغناء المستوطنين وصلواتهم خلال اقتحامهم المسجد.
ولأن الأطفال هم من ينتظر العيد ليفرحوا ويلعبوا فيه، كان ما ينتظر الأطفال المقدسيين في الأقصى أصوات القنابل وهتافات وخوف وحذر.. طفل لم يتجاوز السابعة من عمره ممسكا بيد والده ودموعه على وجنتيه.. وآخر يحاول أن يخفي دموعه خلف بالونه الذي كان يلهو به قبل لحظات من القمع...وطفلة لم تتمالك نفسها وبدت عليها ملامح الخوف حيث كانت تلاحقها وعائلتها الأعيرة المطاطية.
وأمام مشاهد اقتحامات المستوطنين والإصابات والقمع ومهاجمة المحتفلين بالعيد، لبى الفلسطينيون دعوات "#عيدنا_رباط" .. رابطوا وصمدوا وهتفوا، وحولوا
عيدهم لرباط وصدحت حناجرهم بتكبيرات العيد والأناشيد الدينية والهتافات ضد استباحة الأقصى من قبل قوات الاحتلال والضباط والمستوطنين.
حوالي 65 فلسطينيا أصيبوا بالأعيرة المطاطية وشظايا القنابل الصوتية وبالهراوات، واعتقل 8 مقدسيين جميعهم أصيبوا خلال الاعتقال، فيما استباح الأقصى 1336 متطرفا على فترتين "الصباحية وبعد الظهر" حيث خصصت له قوات الاحتلال مسارا من باب المغاربة الى باب السلسلة فقط.
الشيخ عبد العظيم سلهب..عنف مفرط ولن يفسد الاحتلال فرحة العيد
الشيخ عبد العظيم سلهب رئيس مجلس الأوقاف والشؤون الدينية قال:" تغول لقوات الاحتلال على المصلين الآمنين الذين جاءوا للاقصى لإداء عبادة وطاعة لله في العيد الأكبر، فلم يرق للاحتلال التواجد الذي وصل للأقصى، فاستخدام العنف المفرط دون سبب، فهم يريدون كسر إرادة المصلين والشعب المتجذر بمدينة
القدس، نقول ونؤكد أن الأقصى مسجدنا فوق الأرض وتحته وهو خالص للمسلمين."
وأضاف الشيخ سلهب:" اقتحام الأقصى في العيد لم يحصل في تاريخ الاحتلال، ورغم ذلك نقول أن العيد هو يوم عبادة وفرحة وزيارة للأرحام والأقارب، ومهما تغطرس الاحتلال واقتحم لن يفسد علينا عيدنا وعبادتنا."
وكانت رسالة الشيخ سلهب للأمة العربية والإسلامية :"التنبه لما يتهدد أولى القبلتين ومسرى الرسول الكريم وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار الخجولة، فمن وواجبها النهوض ورفع معاناة الأقصى ومعاناة المرابطين في القدس".
مفتي القدس... إفراغ الأقصى قضية مستحيلة
مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين قال من جهته أن ما جرى في الأقصى اليوم هو عدوان واضح على المصلين في ساحة المسجد، الذين كانوا يكبرون ويهللون فقط، القوات هي من استفزت المصلين واعتدت عليهم وما فعلته ليس بالشيء الغريب على الاحتلال.
وأضاف :"يريدون أن يكون فارغا من أهله، لكن هذه قضية مستحيلة، فالأقصى له رواده وأحبابه ومنتمين اليه، فلن يفرط أبناء شعبنا بالأقصى المبارك، وما جرى من استهداف الشخصيات الاسلامية والعلماء والمشايخ ومسؤولي الأوقاف والشخصيات الوطنية والشبان والمحتفلين بعيد الأضحى لن يثني الفلسطينيين من الرباط والوجود في المسجد."
ويشار أن الهيئات الإسلامية أخرت موعد صلاة عيد الأضحى الأحد، لتكون الساعة السابعة والنصف بدلا من السادسة والنصف، كما أعلنت عن إغلاق كافة مساجد مدينة القدس في أول أيام عيد الأضحى لتكون صلاة العيد جامعة في الأقصى، ردا على دعوات المستوطنين لاقتحام الأقصى في "ذكرى خراب الهيكل"
مسؤول الاعلام... خروقات وكسر لقرار "الاستتكو!
فراس الدبس مسؤول العلاقات العامة والإعلام في دائرة الأوقاف الإٍسلامية أوضح أن ما جرى في الأقصى اليوم من هو خرق وكسر لقرار "الاستتكو" الذي ينص على اغلاق الاقتحامات في الأعياد الإسلامية، وما يؤكد على ذلك ما صرح به قائد شرطة "لواء القدس" بقوله" لا يوجد وضع راهن عندما يتعلق الأمر بجبل الهيكل."
وأوضح الدبس أن 1336 مستوطنا اقتحموا الأقصى، خلال فترة صباحية بدأت عند الساعة 10:55 صباحاً حتى الساعة 11:40 واقتحم الأقصى خلال ذلك 450 مستوطنا، أما الفترة الثانية والتي استمرت من الساعة 13:30-14:30 فاقتحمه "886" مستوطناً، حيث خصصت سلطات الاحتلال مسارا خاصا للمستوطنين من باب المغاربة سيرا وخروجا من باب السلسلة "أي عدة أمتار فقط".
ولفت الدبس أن فترة الاقتحامات والتي تتم عبر باب المغاربة والذي تسيطر سلطات الاحتلال على مفاتيحه، تتم يوميا باستثناء يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، الفترة الصباحية تكون من الساعة 7:30-11 صباحا، لكن وقتها ومدتها اليوم كان مختلفاً.
وأضاف الدبس أن شرطة الاحتلال سمحت لمجموعات كبيرة ومتتالية باقتحام الأقصى خلال فترة الاقتحامات.
وأكد الدبس أن دائرة الأوقاف الإسلامية هي المشرف الوحيد على المسجد الأقصى والمسلمون هم أصحاب الحق، والأقصى لا يقبل القسمة ولا الشراكة، صحيح تمكن المئات من المستوطنين اقتحام المسجد لكنهم اقتحموه وهم خائفون وبقوة السلاح، اقتحموه بتخصيص مسار قصير لهم دون التمكن من جولتهم الكاملة داخل الأقصى، فكان العشرات من الفلسطينيين الذين تصدوا بصدورهم العارية للمستوطنين وضحوا بالعيد وأجوائه في سبيل الأقصى.
بدوره استنكر المهندس عدنان الحسيني وزير القدس الأسبق اقتحام الأقصى من قبل قوات الاحتلال الخاصة لقمع وتفريق الشبان الذين تواجدوا لحماية
مسجدهم.
وقالت السيدة وفاء أبو جمعة من الطور :"الاحتلال أراد تنغيص فرحة العيد على المقدسيين، لكن أكدنا له أننا وفي العيد توحدنا لحماية الأقصى".
الحاج المسن أبو أحمد من بيت حنينا قال :"تواجدنا في الاقصى في مثل هذا اليوم هو واجب علينا، لم أرى في حياتي مثل هذه المشاهد في الاقصى في أيام العيد، اسرائيل تحاول فرض الأمر الواقع في الأقصى وتقسيمه زمانيا ومكانيا، لكن أهل القدس هم دائما بالمقدمة وهم حماة الأقصى".
إصابات
بدورها أوضحت عيادات طوارئ الأقصى التابعة للمركز الصحي العربي أن طواقمها تعاملت مع حوالي 65 إصابة في المسجد الأقصى، بينها كسر بالفك لسيدة، وكسر بالحوض لرجل مسن، و2 كسور بالقدم، إصابة بالرأس، وحروق من شظايا القنابل الصوتية درجة أولى- ثانية، لافتا أن حوالي 5 إصابات لرجال من كبار السن، وكان من بين الاصابات المهندس عدنان الحسيني، والشيخ عبد العظيم سلهب، والمصور الصحفي صهيب سلهب.
وأوضح الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان له أن طواقمها نقلت 15 إصابة الى مستشفى المقاصد الخيرية، واصابة الى هداسا عين كارم، وباقي الاصابات
عولجت ميدانيا.
اعتقالات
بدورها أوضحت محامية مركز معلومات وادي حلوة رزان الجعبة أن قوات الاحتلال اعتقلت اليوم من الأقصى 8 مقدسيين، جميعهم تعرضوا للضرب على الوجه والظهر واليدين، وأصيبوا برضوض وأوجاع مختلفة، وتم تحويلهم الى مركز شرطة القشلة بالمدينة، لافتة انها طالبت المحققين بإحضار الإسعاف للشبان المعتقلين لكنهم رفضوا ذلك.
وأضافت الجعبة أن قوات الاحتلال أفرجت عن 3 معتقلين لحاجتهم للعلاج، بشرط الحضور يوم غد للتحقيق.
ولم يختلف المشهد على أبواب المسجد الأقصى المبارك، فمئات المستوطنين هتفوا ورقصوا وأدوا صلواتهم بحراسة شرطة الاحتلال، واغلقت عدة طرق وشوارع رئيسية في مدينة القدس لتأمين وصول المستوطنين لاداء الصلاة في ساحة البراق.