2025-01-14 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

ورطة عويصة

عماد حمود
جو 24 :
 تواجه الحكومة هذه الأيام ضغوطا عميقة لفعل شيء ما، قبل قدوم بعثة صندوق النقد الدولي من أجل إثبات حسن نوايا، وجدية التعامل مع الإصلاحات الهيكلية للمالية العامة.
تحتار الحكومة وفريقها الاقتصادي إذا كان هناك بالاصل فريق منسجم و متفاهم، من اين تبدأ و كيف تحقق المطلوب و كل النتائج و الإجراءات معاكسة.

فبعد كل قرارات رفع الأسعار و زيادة الضرائب و اختراع بنود جديدة من أجل مطالب الصندوق، بقيت الايرادات متراجعة بعمق و النفقات تصعد بقوة.
الملاحظ أن الصندوق، والمقصود هنا الدولي، يأتينا بافكار عما هو مطلوب لزيادة الايراد، لكنه لا يمطرنا بما يجب أن يتشدد به من "ضبط" الانفاق العام و كأنه لا يطلع على أبواب الصرف و الهدر فتخرج علينا الحكومات كلها بنوايا إلغاء مشتريات السيارات و الاثاث و صرف المحروقات و الكهرباء و الضيافة و السفر و المياومات و العمل الإضافي و المشاركة بالوقود و المؤتمرات و هذه كلها لا تساوي شيئاً و لا تؤثر و لا تحدث فرقا ملموساً.

التصنيف الائتماني سيتراجع بسرعة بسبب المديونية المنتفخة وستصل البلاد إلى طريق مسدود عندما لا تسطيع الوفاء بالتزاماتها المالية في خدمة الدين العام فتصبح في وضع اليونان التي عاشت نكبة اقتصادية كبيرة، لكنها وجدت من يساندها بشرط الجراحة السريعة لكل أوجه الانفاق، ف "جارت" على نفسها و وعلى شعبها و تحملت و مازالت، اربع سنوات عجاف، لتعيد انتاج اقتصادها على سكة التمويل الذاتي، و قدمت لها المانيا العون و الخبرة و الكفالات وبعض القروض، فانتفضت لتدبر التعامل مع نفقات المعاشات و المعونات و اعادت الانتعاش و الالق إلى الاستثمار على اراضيها .

ويسود القلق والارتباك من أن النمو في العديد من الدول يتراوح ما بين 0% أو دونه بقليل و1%. ويتوقع أن تشتد اتجاه الرياح الاقتصادية في العالم لتشير قريبا جدا الى الدخول في حالة ركود اقتصادي تضخمي.

و زادت المخاوف لدينا بعدما انخفض الاستهلاك الشخصي بنسبة ملفتة، إلى جانب تراجع معطيات أخرى، بسبب الضرائب والجمارك، بالإضافة الى ما يحدث في العالم ، من تراجع النشاط الاقتصادي، مما رسخ حقيقة وصولنا الى درجة ركود عويص.

لا نملك نحن رفاه إنتظار فزعة الحظوة التي يمكن أن نملكها لحين، لان الأمور ليست على ما يرام و ما هو مطلوب لا يتحقق بيوم وليلة، والحكومة لا تملك قرار الانفاق و لا تقوى على فرضة، فإذا تطلب الأمر مثلا خفض بنود الموازنة كافة بنسبة 15 أو 25 % لان الايرادات انخسفت، فهل تستطيع تطبيق ذلك على جميع المؤسسات و ابواب الصرف دون تمييز أو مواربة، و هل تقبل بعض المؤسسات المعروفة (الصغيرة و الكبيرة) هذا "القص" الاجباري منها من أجل موازنة انقاذ.؟!
ولعل أبرز و اسرع قرار هنا في هذه المرحلة من السنة المالية لوقف العجز المتفاقم هو الالتزام بصرف الرواتب فقط، فهل يمكن وقف كل أشكال الانفاق من الآن وحتى نهاية العام لاحداث اختراق ملموس.؟
الحديث عن إلغاء السفر و المياومات وكذلك وقف جميع المكافآت و بدل العمل الإضافي و ايقاف اي تعديل بالعلاوات أو تعيينات الدرجات العليا من شأنه أن يوفر، صحيح، لكن ما هو مطلوب أكثر بكثير.

إذا كان مطلوبا استنفار الهمم و رسم سبل العلاج الجراحي، فانها لن تخرج بالمفيد لأن التجربة و المسموعات تشير إلى أن الفريق الحكومي غير منسجم، و يملك خبرات و ليس لديه خبراء بإدارة ملفات كثيرة و كبيرة، فالحكومة بحاجة إلى وزير مالية و خبراء مالية عامة من ذوي القدرات المحترفة في إدارة الواردات و ضبط النفقات، فهل لدينا وزير يدب الصوت و يخبط الطاولة صائحا "ابيش مصاري".
لا نستطيع الاستمرار بالعيش على ان لدينا ميزانيات مفتوحة و "المصاري بتيجي" وليس لدينا رغد البقاء مستمتعين بالميزانيات المخفية عن العيون في كثير من الدائر و المؤسسات، فهذه اوصلتنا إلى مديونية 30,5 مليار دينار كذلك القفزات في الصرف تؤكد أننا ننعم في open budget، فما هو الحل اذا كانت الحكومة تعلن و تشد من عزمها على تعظيم الايرادات و تخاف من مخاطبة مؤسسات الدولة بعدم توفر المخصصات.
لا نريد أن نلوم الحكومة فقط، فبقية أجهزة الدولة لا تراعي الأوضاع الصعبة، و لا تفعل الا القليل في هذا الاتجاه و مازلنا نسير بل نحث الخطى لاستتباب النظام الأبوي الرعوي خوفا من احتجاج و منعا لاي حراك و النتيجة امامكم ،ليست بحاجة إلى شروحات.

ما حملته الحكومة من خطط نهضة وارقام فرص عمل لم تقنع عينات استطلاعات الراي بل زاد من نقمة فئات تعاني عوزا مؤلما و شكوى مستمرة من ضيق و تراكم ديون وتراجع اعمال و بطالة، و لم تجد نفعا خطوات مثل العفو العام و تسريع الدعم وافتكاك قضايا غارمات ، بل إن الاستطلاعات أشارت إلى رغبة جارفة في الهجرة و مغادرة البلاد على أمل تغير الحال.

هل نحن بحاجة إلى خطط تنمية على غرار السبعينات و الثمانينات؟
ليس لدينا وقت. الامر عاجل للغاية و الحقائق الموجعة تزيد من الأزمة.. نعم نحن بحاجة إلى عناوين سريعة:

1- قرارات في أبواب المالية بما فيها الجمارك والمبيعات و المناطق الحرة و العقبة، بالاضافةالى منع التهريب عبر منافذ الحدود.

2- خطوات في اختيار ال business model و التركيز على الزراعة المائية و تسريع خارطة نافذة الاستثمار و تسريع اصدار الموافقات.

3-التسريع في الحكومة الإلكترونية للتقليل من أزمة السير و البيروقراطية المميتة و التخلص من المؤسسات المتشابهة بدمجها، و التوسع في مساحات التنظيم للمدن الكبرى و سكن الضواحي الريفية.

4- تنشيط الأسواق لرفع مساهمة الإستهلاك في الناتج المحلي الإجمالي، لن يتم بدون خفض الجمارك و تبسيط الإجراءات و تقسيط الرسوم والتركيز على الزراعة المائية التي تناسبنا إلى حد بعيد، و تشجيع التجارة الإلكترونية، و عدم فرض رسوم عالية عليها، حتى لا "تخربها" الحكومة كما تفعل دائما.

 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير