jo24_banner
jo24_banner

رحيل الحكومة والبرلمان.. سيناريوهات مستنسخة ومهاتير محمد مرشح للحكومة!

ايهاب سلامة
جو 24 :



في العصف الدائر على منصات التواصل الإجتماعي ووسائل إعلام، يرتفع منسوب التكهنات الشعبية، وضخ حملات إعلامية ترويجية، تُُطرح فيها أسماء شخصيات سياسية وإقتصادية، لخلافة رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز، بعد التقاطات ربما لا تدعّمها معطيات مؤكدة، أن قطار الحكومة أزف رحيله، وأن رئيسها الذي بدأ مهمته بنسب تفاؤل شعبي معقولة، خبا بريق حكومته، وأصبحت تدور في فلك الدفاع عن النفس، دون تقديمها إنجازات ملموسة على الأرض، تمكنها من خطب ودّ الأردنيين الساخطين، وتهدئة روعهم، ونيل رضاهم، لو قليلا ..

وشاة الصالونات المغلقة، ونمامو مواقع التواصل، يرددون أسماء محتملة، لخلافة الرزاز، لسنا بصدد إعادة ترديدها، ولا تقييمها، بقدر التأكيد، والتشديد، أن الخلل في أي حكومة قادمة، سيظل مستمراً، ومتنامياً، بصرف النظر عن الرئيس الذي سيتولاها، طالما بقيت آلية تشكيل الحكومات، على ذات منوالها القديم، وحساباتها الأقدم، في زمن لم تعد فيه وصفتها صالحة، لا بالقدرة على إدارة شؤون دولة، ولا للاستساغة الشعبية بشكل مؤكد.

بطبيعة الحال، ليس كل ما تنشره وسائل إعلامية، وتردده منصات التواصل، صحيح ودقيق، والراسخون في الإعلام، يستطيعون بسهولة، تمييز الأخبار المصنّعة في "غرف التحرير الصديقة"، عن نقيضتها المهنية الموضوعية، وبين تحليلات منطقية مبنية على معلومة ومعطيات دامغة، وأخرى ترويجية تسويقية، مهمتها تعبيد الطرق، وتهيئة الأجواء المناسبة، للتروبج لشخص، أو لتقبل فكرة !

المشكلة الأزلية، أن التركيز ينحصر دومأً على من سيتولى الحكومة.. دون التركيز بذات المستوى على فريق الحكومة، وأسس اختيارهم، ومدى قدرتهم وكفاءتهم، وتجانسهم، والأهم، علمية البرنامج الحكومي وقابليته للانجاز والتطبيق العملي، مع التأكيد، أنه لا يمكن لأي رئيس حكومة قادم، تقديم ما عجز عنه أسلافه، بفريق حكومي ضعيف، وبرامج سريعة التحضير، وعقلية تقليدية لا تفكر خارج الصندوق، ولا تبتكر افكاراً خلاقة، واستثنائية، توازي حجم المرحلة الاستثنائية الصعبة وتحدياتها.

الرئيس الرزاز، لو قدّر له فريق حكومي قوي مساند، وعلى رأسه فريقه الإقتصادي الذي كان سبباً رئيساً في إضعافه وحكومته، كان ليصبح مقبولاً بقدر كبير .. خاصة وأن الرجل نظيف اليد، ويبدو صادقاً وجاداً في مساعيه، إلا أن إخفاقات فريقه الاقتصادي، وتصريحات منفرة كثيرة الصدور من وزرائه، وارتجال بعضهم العمل بطريقة استعراضية صرفة، اضافة لسلسلة من القرارات والسياسات الضاغطة، غير المحسوبة، سببت باضعاف حكومته وشخصه.

في المقابل، فإن الحكومة الضعيفة، وازاها برلمان ضعيف .. لم يمارس سلطته الرقابية بشكل صارم، ولم يحاسب الحكومة على برامجها وقراراتها وسياساتها، وتراخى في رصد أخطائها، وغض طرفه عنها، باستثناء مناكفات فردية استعراضية، حتى طغت حالة من الاستئناس بين السلطتين، التنفيذية والتسريعية، التي فرغت جعبتها هي الاخرى من طرح بدائل، او تصويب مسارات، فأصبحت حكماً، شريكاً مع الحكومة في تحمّل مسؤولية فشل العديد من السياسات والقرارات، ما يفرض عليها تحمل تبعاتها أسوة بالحكومة !

رحيل الحكومة وحل البرلمان معاً، أحد السيناريوهات التي بات يتردد صداها بين أوساط سياسية وإعلامية، قد يرى فيه البعض حلاً مرحلياً، لتخفيف الضغوط الشعبية، وتفريغ الإحتقانات، وشراء الوقت، باشغال الشارع برهة من الزمن، يعيش فيها حالماً مترقباًّ قادماً أفضل ..

إقالة الحكومة وحل البرلمان، دون التحضير بشكل مدروس وعلمي، لمرحلة لاحقة، تحمل في طياتها نهجاً مغايراً ملموساً، لا استرضائياً صورياً، بتعديل قانون الانتخاب أولاً، بما يضمن تمثيلاً أكثر عدالة، ويضمن أشراك الأحزاب بقوائم مخصصة، لطمس النهج البرلماني السابق القائم على العمل الفردى، واستبداله بعمل برلماني مؤطر، متناغم، يدعم أسس السلطة التشريعية، ويعيد إنتاجها بمضمون مغاير، يكفل تمثيلاً سياسياً شمولياً من مختلف المشارب، دون ذلك، فنحن أمام برلمان لاحق لا يفرق عن السابق شيئاً.

القفز الى حكومة جديدة، بذات الأسس والمعايير المكررة، سيعيد استنساخ الحكومات السابقة، وربما أضعف، مع تحديات متنامية، نكون كأنك يا أبا زيد ما غزوت..

أن نتوقع من أي رئيس يكلف، مهما كانت مواصفاته وكفاءاته، يفرّغ نفسه خلوة أيام معدودات، يسلق بها فريقه الحكومي بغتة، بذات الأسس والأساليب العتيقة المستهلكة، وتعد حكومته برامجها بسرعة البرق، ونتوقع منها أن تكون حكومة مختلفة عن الحكومات التي سبقتها، فنحن نصرّ على استغباء أنفسنا.

دون دمج مختلف ألألوان السياسية، من إسلاميين ويساريين ومحافظين وأكاديميين وحراكيين الخ .. بحكومة وطنية جامعة، يتم التوافق بينها على برنامج عمل وطني شامل، جامعاً للتوافقات، مفرقاً للخلافات الايدولوجية، فنحن نظل نعيد تدوير الحكومات ذاتها، وانتاج الأزمات عينها، وشحن الإحتقانات التي بلغت ذروتها.

إقالة الحكومة، دون التأسيس لمرحلة "صناعة" حكومة مغايرة تخلفها، وتخالفها، بشكل تشكلها ومضمونه، وبمشاركة متعددة، تضمن انخراط جميع الاطياف السياسية، لتحمل مسؤولياتهم الوطنية في صناعة القرار، وتحمل تبعاته أيضاً، تكون قادرة على مواجهة المرحلة الاخطر بتاريخ المملكة والمنطقة، والارتقاء الى مستوياتها، فنحن كذلك نحرث في الماء، ونكرر الأخطاء التي تجرعناها، دون التعلم منها.

إيجاد رئيس واعضاء حكومة، مهمة معقدة وليست يسيرة بطبيعة الحال، ولها حساباتها الداخلية والخارجية بالغة الدقة ، في وقت، شحّت فيه النخب، وتعطلت فيه مصانع انتاج القيادات الوطنية، وغابت الأسماء الوازنة، وغيبت.

قبل أيام، طرحت سؤالاً عبر صفحتي الشخصية على موقع النميمة الإجتماعية "فيس بوك"، طلبت فيه من الأصدقاء، ترشيح أسماء يرون فيها الكفاءة والقدرة على تولي منصب رئيس حكومة، او وزراء لحكومة. ورغم العدد الكبير من الأصدقاء المثقفين والأكاديميين والاعلاميين والسياسيين الخ، الذين يشىرفونني بصداقتهم، إلا ان غالبية أجوبة المعلقين كانت بلا أجوبة، وبلا اسماء مرشحة، باستثناء قلة، وزادت نسب الردود الساخرة، والمنتقدة أحياناً، ما يؤشر الى صعوبة العثور على نخب وأسماء شخصيات مؤثرة، وانحسارها.

تعليق طريف لفت انتباهي، أقترحه أحد المتابعين، بترشح رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، لتولي رئاسة الحكومة الأردنية، خلفاّ للرزاز!
 
تابعو الأردن 24 على google news