jo24_banner
jo24_banner

الخدمات الطبية الملكية إلى أين؟!

د. بثينة محادين
جو 24 :


لقد حاول جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه المساهمة في توجيه عمليات الإصلاح الوطني، كان ذلك من خلال طرح العديد من الأوراق النقاشية التي تهدف إلى توجيه عمليه الإصلاح ومحاولة وضعها في مسارها الصحيح، ولفت نظر المسؤولين بأن يقوم كل واحد منهم بعمله على أتم وجه.

لقد قال جلالته في إحدى الأوراق النقاشية: "كم يؤلمني أن أرى مواطن متفوق فقد فرصته للإنخراط في سوق العمل".

إن المؤلم الآن يا سيدي والأشد كارثة، هو محاولة بعض المؤسسات الطبية العريقة تهجير كفاءاتها الطبية الذين يتمتعون بخيرات عالية والتي تسعى إلى إستقطابها الدول الأخرى وبرواتب مغرية، لكن لم يتبقى من الوقت إلا القليل لحصولهم على التقاعد والحصول على حقوقهم، وسداد ما تورطوا به من قروض للبنوك بناءاً على مخصصاصاتهم وحوافزهم التي تراجعت فجأة بمبالغ تتجاوز الآلاف، ومع ذلك قدم البعض إستقالته لإستقطابه من قبل الدول التي تقدر الكفاءات وتعززها.

لقد بدأت رواية تهجير الكفاءات من الخدمات الطبية الملكية فكثيرون من الأطباء أصحاب الخبرة عازمون الآن على الرحيل نحو العمل في الخارج، ليستفيد من خبراتهم غيرنا، ونبقى نحن نبحث عن الخبرات التي تم تهجيرها.

كثيرون من راهنوا على صمود الخدمات الطبية رغم الضغوطات التي يواجهونها؛ وأمام كل التحديات التي تواجهها الدولة الأردنية. الخدمات الطبية التي تقدم الرعاية الطبية لشرائح واسعة من أبناء الوطن سواءا العسكريين أو المدنيين المحولين من وزارة الصحة، أو الحاصلين على إعفاءات من الديوان الملكي العامر. نحن نتمنى ذلك الصمود لمثل هذه المؤسسة العريقة ولكن يجب أن يكون هناك بوادر لذلك، فلماذا لا يتم تكريم كادرها الطبي ودعمه حتى يؤدي مهامه على أتم وجه في ضل تلك الضغوطات الملقاة على عاتقهم،أو ليبقى الحال على ما هو عليه.

لكن للأسف بدلا من أن يبقى الحال على ما هو عليه؛ فقد تراجعت الأمور، ليتم توزيع المستحقات من الحوافز على مرتبات الخدمات الطبية والأطباء وللأسف تكون أقل من المرحلة السابقة بأكثر من الثلث !! هذه الحوافز التي تعتبر حق مكتسب ويجب أن تزيد كل دورة بدلا من هذا الإنحدار الذي أوصل بعض الأطباء إلى التفكير الجاد بالإستقالة للعمل في دول أخرى ممن تقدر الأطباء وتنصفهم وتعطيهم حقوقهم المادية التي يستحقونها مقابل الجهد الذي يقدمونه.

هل يجب أن تبقى الأفواه مكممة وأن لا يجرؤ طبيب فقط لأنه يعمل في الجيش عن التحدث عن وضعه علنا.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذا التراجع؟ ولماذا الآن؛ وفي هذا الوقت الحرج من مسيرة الدولة؟!!!

فهل المقصود تفريغ هذه المؤسسة من الكفاءات الطبية؟ وإذا كان الجواب نعم، فلصالح من؟… هل لصالح أجندات معينة في القطاع الخاص ليتوجه المرضى إلى المستشفيات الخاصة، وهل سيتمكن المواطن المؤمن طبيا من تغطية مصاريف المستشفيات الخاصة….هناك العديد من التساؤلات التي تقرع ناقوس الخطر.

الخدمات الطبية لمن لا يعلم؛ هي الشريان المغذي للقطاع الخاص ولوزارة الصحة.

لا تدمروا الخدمات الطبية ولا تجبروا كفاءاتها على الرحيل..
 
تابعو الأردن 24 على google news