يا زينب إنا قادمون.. عذرا يا قدس؟
ياسر ابو هلاله
جو 24 : حولت الثورة السورية أمين عام حزب الله حسن نصرالله، إلى معلق سياسي دائم، ومضى زمان فيه كانت الناس تترقب خطاباته، وتعد كلماته؛ حضوره صار مثل حضور وليد المعلم ولافروف ولاريجاني وشريف شحادة وناصر قنديل، لكنه يختلف عنهم جميعا بما يحظى به من نفوذ وتأثير لدى قطاعات واسعة، لأسباب طائفية بالمقام الأول. وهنا يكون كلامه خطيرا، لأن ثمة مَن يده على السلاح، ومستعد للتضحية بالنفس في سبيل الأهداف التي يرسمها الأمين العام.
وقد ظلت النبرة الطائفية ترتفع وصولا إلى الخطاب الأخير، الذي مثل شيفرة حرب طائفية تقوم على حماية المقدسات والموروثات. فالمعركة لم تعد يا قدس إنا قادمون، بل يا زينب إنا قادمون. ومن يمر سريعا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يكتشف أن شبابا في عمر الورود، من لبنان والعراق، قضوا "دفاعا" "عن مقام لم يُستهدف، ولم تقم الثورة من أجل نسفه. ولو أراد الثوار النيل من المقام فهو ليس أكثر تحصينا من مقر خلية الأزمة، أو موكب وزير الداخلية، ولا موكب رئيس الوزراء.
يلام نصرالله لأنه يعرف الصحيح؛ فالشيعة في سورية يشكلون 1 % من السكان، أي أقل الأقليات الدينية. وفي أول انتخابات شارك فيها الإخوان السوريون، بحسب مذكرات المراقب العام السابق عدنان سعدالدين، فاز شيعي على قائمتهم. ويفوقهم عددا المسيحيون والعلويون والدروز والإسماعلية، ولم يتعرضوا يوما للتهجير والتقتيل؛ لا في عهد دولة الاستقلال ولا بعد انقلاب البعث. والشكوى كانت منذ وصول بشار إلى السلطة هي التمدد الإيراني، ومحاولات نشر التشيع والاستيلاء على الأوقاف السنية وتحويلها إلى مزارات شيعية. ومع ذلك، لم نشهد مجازر بحق الشيعة حتى في المناطق التي تخضع لنفوذ الثوار، بمن فيهم جبهة النصرة، خلافا للمجازر اليومية التي تقع بحق السنة.
هل المشكلة اليوم في حماية حجارة المقام، وهي مصانة محمية، أم حماية البشر؟ دينيا، خاطب النبي الكعبة وقال: أعلم أن منزلتك عند الله عظيمة، لكن لزوال السموات والأرض أهون عند الله من سفك دم حرام. الحجارة تبنى، لكن من يُقتل لا يعود. والبناء الحالي لمقام السيدة زينب هو أصلا بناء إيراني حديث، وهويته المعمارية لا علاقة لها بأرض الشام؛ وهنا الحديث بالقومي لا بالديني، فالقباب البصلية المذهبة فن فارسي وليس شاميا.
وفي حديث الحجارة، ليطمئن السيد حسن، فالمتشددون السنة يقعون بأخطاء، وفي "تومبكتو" دمروا قبور أولياء للسنة، وفي البوسنة كذلك (وبالمناسبة، البروتستانت في أوروبا فعلوها بالكاثوليك قديما)، لكن في سورية لم تسجل على "النصرة" حادثة كذلك. فلماذا إثارة الموضوع الآن، وتسعير الحرب الطائفية؟ المستفيد هو استراتيجية إيران في استدعاء الجماهير الشيعية للدفاع عن مقام آل الأسد لا مقام آل محمد.
المقام لم يدمر، ولن يدمره السنة. لكننا في الواقع نشاهد كل هذا التدمير بحق مساجد السنة التاريخية، وهو ما يتحمل مسؤوليته النظام ومن حالفه. الجامع الأموي في حلب، من دمر مئذنته التاريخية؟ وكذلك الجامع العمري في درعا الذي شهد انطلاقة الثورة؟ ولا توجد بلدة ولا قرية لم تدمر مآذن ومساجد فيها. ويعلم نصرالله ذلك تماما؛ فاستخباراته وقناصته منتشرون في كل سورية. ألا يخدم ذلك العدو الصهيوني بحيث ننصرف عن حماية الأقصى، وننشغل بحماية جوامع الشام؟
لم تقم الثورة من أجل القضاء على الشيعة ومقاماتهم. لقد ثار الناس رغما عنهم بعد عقود من الطغيان الرهيب. ومن حولّها إلى احتراب طائفي هو النظام، ومن ورائه إيران وحزب الله. واليوم، يتحمل أمين عام حزب الله مسؤولية هذا التحريض الفج، تماما كمسؤولية المشاركة الميدانية على الأرض.
الغد
وقد ظلت النبرة الطائفية ترتفع وصولا إلى الخطاب الأخير، الذي مثل شيفرة حرب طائفية تقوم على حماية المقدسات والموروثات. فالمعركة لم تعد يا قدس إنا قادمون، بل يا زينب إنا قادمون. ومن يمر سريعا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يكتشف أن شبابا في عمر الورود، من لبنان والعراق، قضوا "دفاعا" "عن مقام لم يُستهدف، ولم تقم الثورة من أجل نسفه. ولو أراد الثوار النيل من المقام فهو ليس أكثر تحصينا من مقر خلية الأزمة، أو موكب وزير الداخلية، ولا موكب رئيس الوزراء.
يلام نصرالله لأنه يعرف الصحيح؛ فالشيعة في سورية يشكلون 1 % من السكان، أي أقل الأقليات الدينية. وفي أول انتخابات شارك فيها الإخوان السوريون، بحسب مذكرات المراقب العام السابق عدنان سعدالدين، فاز شيعي على قائمتهم. ويفوقهم عددا المسيحيون والعلويون والدروز والإسماعلية، ولم يتعرضوا يوما للتهجير والتقتيل؛ لا في عهد دولة الاستقلال ولا بعد انقلاب البعث. والشكوى كانت منذ وصول بشار إلى السلطة هي التمدد الإيراني، ومحاولات نشر التشيع والاستيلاء على الأوقاف السنية وتحويلها إلى مزارات شيعية. ومع ذلك، لم نشهد مجازر بحق الشيعة حتى في المناطق التي تخضع لنفوذ الثوار، بمن فيهم جبهة النصرة، خلافا للمجازر اليومية التي تقع بحق السنة.
هل المشكلة اليوم في حماية حجارة المقام، وهي مصانة محمية، أم حماية البشر؟ دينيا، خاطب النبي الكعبة وقال: أعلم أن منزلتك عند الله عظيمة، لكن لزوال السموات والأرض أهون عند الله من سفك دم حرام. الحجارة تبنى، لكن من يُقتل لا يعود. والبناء الحالي لمقام السيدة زينب هو أصلا بناء إيراني حديث، وهويته المعمارية لا علاقة لها بأرض الشام؛ وهنا الحديث بالقومي لا بالديني، فالقباب البصلية المذهبة فن فارسي وليس شاميا.
وفي حديث الحجارة، ليطمئن السيد حسن، فالمتشددون السنة يقعون بأخطاء، وفي "تومبكتو" دمروا قبور أولياء للسنة، وفي البوسنة كذلك (وبالمناسبة، البروتستانت في أوروبا فعلوها بالكاثوليك قديما)، لكن في سورية لم تسجل على "النصرة" حادثة كذلك. فلماذا إثارة الموضوع الآن، وتسعير الحرب الطائفية؟ المستفيد هو استراتيجية إيران في استدعاء الجماهير الشيعية للدفاع عن مقام آل الأسد لا مقام آل محمد.
المقام لم يدمر، ولن يدمره السنة. لكننا في الواقع نشاهد كل هذا التدمير بحق مساجد السنة التاريخية، وهو ما يتحمل مسؤوليته النظام ومن حالفه. الجامع الأموي في حلب، من دمر مئذنته التاريخية؟ وكذلك الجامع العمري في درعا الذي شهد انطلاقة الثورة؟ ولا توجد بلدة ولا قرية لم تدمر مآذن ومساجد فيها. ويعلم نصرالله ذلك تماما؛ فاستخباراته وقناصته منتشرون في كل سورية. ألا يخدم ذلك العدو الصهيوني بحيث ننصرف عن حماية الأقصى، وننشغل بحماية جوامع الشام؟
لم تقم الثورة من أجل القضاء على الشيعة ومقاماتهم. لقد ثار الناس رغما عنهم بعد عقود من الطغيان الرهيب. ومن حولّها إلى احتراب طائفي هو النظام، ومن ورائه إيران وحزب الله. واليوم، يتحمل أمين عام حزب الله مسؤولية هذا التحريض الفج، تماما كمسؤولية المشاركة الميدانية على الأرض.
الغد