فتحت والدته يديها لتضمّه ففارق الحياة أمام عينيها... الطفل سعد دُهس بعجلات باص المدرسة
أنهى يومه الدراسي، عاد أدراجه إلى المنزل في منطقة الباحة في المملكة السعودية، كانت والدته بانتظاره على الطريق، توقف الباص لينزل منه الطفل سعد حسام الطبش، وما إن همّ بأولى خطواته لعناق والدته التي فتحت ذراعيها لتحمله بين أحضانها حتى زلّت قدمه وسقط أرضاً، فدهسته عجلة الباص. الضربة أتت على رأسه وجسده، فلفظ آخر أنفاسه على الفور.
لحظات مأسوية
مشهد مرّوع لا يمكن للكلمات وصفه... أن يُقتل طفل أمام عيني من انتظرت قدومه إلى الحياة تسعة أشهر، ربّته بدموع العين، فرحت وإياه بدخوله المدرسة، بشراء الكتب وقارورة الماء واللباس المدرسي، حلمت بمستقبل زاهر له، وإذ فجأة يخطفه الموت، يسقط غارقاً بدمه، يُنقل إلى المستشفى ليعلن الأطباء رحيله الأبدي. وبحسب ما أكده عمّ الضحية بهاء الطبش لـ"النهار" أن "الحادث الكارثي حصل عند الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم، حين كان سعد عائداً في باص المدرسة، لم ينتظر السائق كي يصل ابن الخمس سنوات إلى والدته، سارع وانطلق بالمركبة، فدهس الصغير بعدما زلّت قدمه"، وأضاف "لا يوجد معلمة داخل الباص لمراقبة التلاميذ وتسليمهم باليد إلى أهلهم، والآن يجري التحقيق مع السائق لكشف الإهمال الحاصل".
لم تحدد عائلة الطبش حتى اللحظة في ما إن كانت ستدفن فلذة كبدها في لبنان أم في المملكة، ولفت بهاء إلى أن "شقيقي حسام وُلد وترعرع في السعودية، تعلّم، عمل، وتزوج هناك، رزقه الله بولدين قبل أن يفقد ابنه البكر"، وأضاف "نحتسب سعد طيراً من طيور الجنة، وندعو الله أن يصبر والدته على المشهد المروع الذي لن يقوى الزمن على محوه من مخيلتها، كما ندعوه أن يلهمنا الصبر والسلوان على مصابنا الكبير".
حوادث مشابهه وإرشادات ضرورية
حادثة رحيل سعد ذكّرت بالحادث المؤسف الذي أدى إلى مقتل الطفلة يارا شاكر التي لم تبلغ الثلاث سنوات من عمرها بعدما دهسها باص المدرسة في بلدة بحنين، السنة الماضية، أثناء عودتها من المدرسة، وكذلك رحيل الطفل صلاح الدين المصطفى في شهر أيار الماضي بعدما دهسه باص المدرسة قبل أن يبدأ يومه الدراسي.
وعن حوادث دهس الطلاب من قبل باص المدرسة في لبنان، سبق أن أكد خبير السلامة المرورية كامل إبرهيم لـ"النهار" أن "هذه الحوادث نجدها بشكل أكبر في المناطق البعيدة من بيروت، وبدايةً يجب معرفة في ما إن كان باص الطلاب عائداً للمدرسة أم أنه خاصّ، فإذا كانت المدرسة هي من تمتلكه عندها تكون هي المسؤولة عن وضع سياسة لحماية تلاميذها من خلال عدة أمور أولها وضع شروط صارمة على الباص وتدريب السائقين، والتأكد من أن جميع الأمور المتعلقة بالمركبة قانونية، وأن عدد الطلاب متناسب مع عدد المقاعد، ووجود مراقب، وفي ما إن كان يتم تطبيق هذه المعايير بالشكل الصحيح"، وأضاف "المشكلة الأخرى عندما يكون الباص خاصاً، إذ في هذه الحالة تعتبر المدرسة أنها لا تتحمّل المسؤولية، أما بعض الأهل فيتوجه إلى هذا الخيار كونه يوفر عليهم المال، والنتيجة ازدحام الطلاب في الباص مع غياب الرقابة والمراقب لضبط الوضع، هنا يمكن القول إن الإهمال مشترك بين الأهل والسلطات الرسمية، سواء شرطة البلدية أو القوى الأمنية التي يجب عليها التشدد في تطبيق القانون 551 المتعلق بسلامة التنقل المدرسي"، لافتاً إلى أن "دور المدارس التشدد بالرقابة حتى لو لم تكن تمتلك الباص، وتوعية الأهل على معايير السلامة".