الثورة الهادئة (4) عن المرأة والأناضول!
حلمي الأسمر
جو 24 : حينما زرنا وكالة الأناضول للأنباء، كان على باب المبنى الضخم فتاة جميلة، قدمت لكل صحفي من الوفد العربي الذي يزور تركيا للمرة الأولى في تاريخها، باقة جميلة من الزهور، تشتمل على زهرة حمراء في غاية الجمال، كانت هذه هي المؤسسة الوحيدة التي فكرت بهذه اللمسة الجمالية الرائعة، ضمن عدد كبير من المؤسسات التي حظينا بزيارتها في تركيا!
لم تكن هذه هي اللمسة الوحيدة التي تركت في نفوسنا أثرا بالغا لسببين، أما السبب الأول فهو أن المرأة في تركيا اليوم ليست كما كانت فيما مضى، فهي تشهد هي الأخرى «ثورة» حقيقية من حيث التمكين وإعادة الاعتبار، وهذا أمر يطول الكلام فيه، وسنعرضه فيما بعد، لكن استوقفني على نحو لافت ما شاهدته في وكالة الأناضول، التي تخطط كي تكون واحدة من أهم خمس وكالات في العالم، وبإمكانها أن تجترح مثل هذا الفعل، بعد أن ابحرنا في عقل مديرها العام ورئيس مجلس إدارتها كمال أوزتوك، وهو شاب يمتلىء حيوية ونشاطا، ذو ذهن متقد، ومتفتح، يقف على رأس مؤسسة حققت ما يشبه المعجزة في وقت يسير، ما ينبىء أنها قادرة على تسجيل حضورها الدولي في زمن قياسي، أما الشخص الثاني الذي يدخل القلب فور أن تراه، فهو رئيس القسم العربي في الوكالة توران كشلاكجي، الذي يتكلم العربية بطلاقة، وهو قارىء نهم، ومحيط بشؤون عمله جيدا، حتى أنه ألف كتابا خاصا بالربيع العربي، يحفظ تاريخ المنطقة جيدا، ولديه رؤية مستقبيلة تنطلق من هوية حضارية راسخة، ولا تمل من الحديث معه، ويبدو ان قسمه حقق نجاحا مبهرا في زمن قصير، ما يؤكد أن البث العربي لوكالة الأناضول سيكون له شأن كبير في حياة العرب، كقوة ناعمة وجسر للتواصل بين تركيا والعرب، ولكم تمنيت أن تمتد رؤيته العميقة إلى القناة التركية الناطقة بالعربية، كي تلعب دورها المأمول، في إكمال دورة التواصل العميق بين عالميْنا الواعديْن!
وعودة إلى موضوع المرأة، فقد شهد العهد الماضي عملية تشييء للإنسان، أملا في سلخ تركيا عن محيطها الحيوي عبر أسلوبين، الأول تحويل اللغة التركية إلى الكتابة بالحرف اللاتيني، لقطع أي صلة للأجيال الجديدة بتاريخها التليد، والثاني، إلغاء اسم العائلة من أي وثائق رسمية، حتى بات ابناء الأسرة الواحدة يحملون اسماء مختلفة لا تعرف معها أنهم إخوة، وهي طريقة غريبة لهدم بنيان الأسرة، وتفتيتها وتقطيع أواصرها، هذا فضلا عن إشاعة القيم والعادات الغربية، كمنع ارتداء الحجاب، وتسهيل ارتكاب الرذائل، علما بأن الحجاب ليس ممنوعا بالقانون التركي، لكن قرارات المحاكم هي التي منعته، وقد علمنا أن لدى حزب العدالة والتنمية خططا لترشيح نساء محجبات لعضوية البرلمان في الانتخابات القادمة، أملا في كسر هذا «التابو» حيث يمنع الآن دخول المحجبات إلى البرلمان!
لقد أعادت تركيا الجديدة الاعتبار للمرأة والأسرة، عبر سلسلة من الإجراءات الهادئة التي تعيد المرأة والأسرة إلى الحاضنة الحضارية دون إثارة وعبر أسلوب بالغ الذكاء لا يستفز دعاة التغريب، ونجحت الحكومة في هذا أيما نجاح، مع ترك الباب مفتوحا للنساء أن يخترن شكل اللباس الذي يرتدينه، وعدم إجبار أحد على سلوك معين، يتناقض مع الحرية الشخصية، مع التشجيع على الالتزام بقيم الأمة، والمطالع للنظام الداخلي لحزب العدالة والتنمية يجد العجب العجاب من طريقة تعامل الحزب مع قطاع المرأة، ومدى الاهتمام الذي يوليه لها، هذا إضافة إلى الجهد الحكومي الحثيث في تمكينها وحفظ كرامتها، كأم وطالبة وامرأة عاملة!
يسألني بعض الأصدقاء عن سر اهتمامي الكبير بتركيا وثورتها الهادئة، حتى انني افردت عدة مقالات لهذا الموضوع، واقول باختصار شديد، إنني أرى في الانتصار لثورة تركيا الهادئة ضربا من العبادة والتقرب إلى الله عز وجل، فتركيا إن اكملت نهضتها الجديدة، امتد إشعاعها الخير إلى بلادنا كلها، وفي هذا خير كبير لنا ولها، فقد غابت عنا ردحا طويلا من الزمن، وآن لها أن تعود إلينا وأن نعود لها، بدلا من الارتماء في حضن الغرب، الذي لا يريدنا إلا وفق معادلة السيد والمسود!
الدستور
لم تكن هذه هي اللمسة الوحيدة التي تركت في نفوسنا أثرا بالغا لسببين، أما السبب الأول فهو أن المرأة في تركيا اليوم ليست كما كانت فيما مضى، فهي تشهد هي الأخرى «ثورة» حقيقية من حيث التمكين وإعادة الاعتبار، وهذا أمر يطول الكلام فيه، وسنعرضه فيما بعد، لكن استوقفني على نحو لافت ما شاهدته في وكالة الأناضول، التي تخطط كي تكون واحدة من أهم خمس وكالات في العالم، وبإمكانها أن تجترح مثل هذا الفعل، بعد أن ابحرنا في عقل مديرها العام ورئيس مجلس إدارتها كمال أوزتوك، وهو شاب يمتلىء حيوية ونشاطا، ذو ذهن متقد، ومتفتح، يقف على رأس مؤسسة حققت ما يشبه المعجزة في وقت يسير، ما ينبىء أنها قادرة على تسجيل حضورها الدولي في زمن قياسي، أما الشخص الثاني الذي يدخل القلب فور أن تراه، فهو رئيس القسم العربي في الوكالة توران كشلاكجي، الذي يتكلم العربية بطلاقة، وهو قارىء نهم، ومحيط بشؤون عمله جيدا، حتى أنه ألف كتابا خاصا بالربيع العربي، يحفظ تاريخ المنطقة جيدا، ولديه رؤية مستقبيلة تنطلق من هوية حضارية راسخة، ولا تمل من الحديث معه، ويبدو ان قسمه حقق نجاحا مبهرا في زمن قصير، ما يؤكد أن البث العربي لوكالة الأناضول سيكون له شأن كبير في حياة العرب، كقوة ناعمة وجسر للتواصل بين تركيا والعرب، ولكم تمنيت أن تمتد رؤيته العميقة إلى القناة التركية الناطقة بالعربية، كي تلعب دورها المأمول، في إكمال دورة التواصل العميق بين عالميْنا الواعديْن!
وعودة إلى موضوع المرأة، فقد شهد العهد الماضي عملية تشييء للإنسان، أملا في سلخ تركيا عن محيطها الحيوي عبر أسلوبين، الأول تحويل اللغة التركية إلى الكتابة بالحرف اللاتيني، لقطع أي صلة للأجيال الجديدة بتاريخها التليد، والثاني، إلغاء اسم العائلة من أي وثائق رسمية، حتى بات ابناء الأسرة الواحدة يحملون اسماء مختلفة لا تعرف معها أنهم إخوة، وهي طريقة غريبة لهدم بنيان الأسرة، وتفتيتها وتقطيع أواصرها، هذا فضلا عن إشاعة القيم والعادات الغربية، كمنع ارتداء الحجاب، وتسهيل ارتكاب الرذائل، علما بأن الحجاب ليس ممنوعا بالقانون التركي، لكن قرارات المحاكم هي التي منعته، وقد علمنا أن لدى حزب العدالة والتنمية خططا لترشيح نساء محجبات لعضوية البرلمان في الانتخابات القادمة، أملا في كسر هذا «التابو» حيث يمنع الآن دخول المحجبات إلى البرلمان!
لقد أعادت تركيا الجديدة الاعتبار للمرأة والأسرة، عبر سلسلة من الإجراءات الهادئة التي تعيد المرأة والأسرة إلى الحاضنة الحضارية دون إثارة وعبر أسلوب بالغ الذكاء لا يستفز دعاة التغريب، ونجحت الحكومة في هذا أيما نجاح، مع ترك الباب مفتوحا للنساء أن يخترن شكل اللباس الذي يرتدينه، وعدم إجبار أحد على سلوك معين، يتناقض مع الحرية الشخصية، مع التشجيع على الالتزام بقيم الأمة، والمطالع للنظام الداخلي لحزب العدالة والتنمية يجد العجب العجاب من طريقة تعامل الحزب مع قطاع المرأة، ومدى الاهتمام الذي يوليه لها، هذا إضافة إلى الجهد الحكومي الحثيث في تمكينها وحفظ كرامتها، كأم وطالبة وامرأة عاملة!
يسألني بعض الأصدقاء عن سر اهتمامي الكبير بتركيا وثورتها الهادئة، حتى انني افردت عدة مقالات لهذا الموضوع، واقول باختصار شديد، إنني أرى في الانتصار لثورة تركيا الهادئة ضربا من العبادة والتقرب إلى الله عز وجل، فتركيا إن اكملت نهضتها الجديدة، امتد إشعاعها الخير إلى بلادنا كلها، وفي هذا خير كبير لنا ولها، فقد غابت عنا ردحا طويلا من الزمن، وآن لها أن تعود إلينا وأن نعود لها، بدلا من الارتماء في حضن الغرب، الذي لا يريدنا إلا وفق معادلة السيد والمسود!
الدستور