تصاعد اقتحامات الأقصى.. مقدمة خطيرة لتقسيمه وتحويله لـ"مقدس يهودي"
جو 24 :
شهد المسجد الأقصى المبارك خلال فترة الأعياد اليهودية، وتحديدًا ما يسمى عيد "العرش"، تصاعدًا كبيرًا وملحوظًا في أعداد المستوطنين المتطرفين المقتحمين بالمئات باحات المسجد، وسط حراسة مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلية، وفي ظل صمت وتخاذل عربي وإسلامي رهيب إزاء التحرك العاجل لنصرة الأقصى.
ولا يتوقف الأمر عند الاقتحامات وأداء طقوس وصلوات تلمودية، بل يتعدى استهداف وملاحقة شرطة الاحتلال بشكل متواصل لرواد وحراس المسجد الأقصى ولمسؤولي دائرة الأوقاف الإسلامية، وذلك من خلال استدعائهم للتحقيق أو اعتقالهم أو إبعادهم عن المسجد لفترات متفاوتة، والاعتداء على المرابطات أيضًا.
وكانت القناة العبرية السابعة ذكرت أن زيادة حادة طرأت على أعداد المقتحمين اليهود للمسجد الأقصى، خلال "يوم الغفران" العبري لهذا العام، مقارنةً بذات اليوم في العام الماضي، لافتة إلى أن نسبة المقتحمين للمسجد قفزت بنسبة 55%.
وحذرت شخصيات فلسطينية ومقدسية من أن استمرار تصاعد اقتحامات الأقصى، "سيدفع الأوضاع نحو مزيد من الانفجار الذي تتحمل سلطات الاحتلال مسؤوليته الكاملة"، داعية للتصدي لتلك الاقتحامات.
"مشروع الدولة اليهودية"
وقال نائب مدير عام أوقاف القدس ناجح بكيرات : إن الاحتلال يريد من زيادة أعداد المقتحمين المتطرفين للمسجد الأقصى تشكيل هوية ورواية المدينة وأعداد سكانها من جديد، لتكون عاصمة لمشروع "الدولة اليهودية".
ويوضح أن الاحتلال زاد ليس فقط في عدد الاقتحامات للأقصى، بل في وتيرة الحفريات والاستيطان والانتهاكات اليومية بحق الأقصى والقدس، وكذلك بناء الكنس اليهودية، وغيرها، بهدف إضفاء الطابع والرموز اليهودية في المدينة المقدسة سواء على الرؤية البصرية أو الواقع الديمغرافي.
ويتحكم الاحتلال بالمدينة مستغلًا الظروف الإقليمية والدولية، من أجل تغيير ملامح وقدسية المدينة والمسجد الأقصى، وطرد السكان الفلسطينيين، وصولًا إلى هدم المسجد وإقامة "الهيكل" المزعوم فوق أنقاضه. وفق بكيرات
وفي رده على سؤال حول ما الذي نخسره بالأقصى في هذه الأيام؟، يقول بكيرات: "إننا نخسر وجودنا اليومي كمقدسيين، من خلال إبعاد عشرات الرجال والنساء والأطفال عن الأقصى وموظفي الأوقاف، وغيرهم".
ويضيف "أصبحنا نشاهد المتطرفين وهم يدنسون الأقصى ويؤدون صلواتهم وطقوسهم بداخله علنًا، مع وضع رموزهم اليهودية بداخله، وصولًا بشكل تدريجي للمرحلة النهائية وهي طرد المسلمين، وبالتالي تقسيم المسجد زمانيًا ومكانيًا".
ولزيادة أعداد المستوطنين المقتحمين للأقصى، تداعيات وانعكاسات خطيرة، ينبه لها بكيرات، قائلًا: "بهذه الممارسات والانتهاكات الممنهجة، فإن الاحتلال يُحول المسجد الأقصى إلى مقدس يهودي، ويعرض المقدسيين لخطر التهجير أيضًا، وبالتالي فإن خسارة الأقصى يعني انتهاء القضية الفلسطينية".
وحول كيفية التصدي لإجراءات الاحتلال بالأقصى، يؤكد بكيرات أننا بحاجة إلى حاضنة عربية إسلامية فلسطينية قوية تقف بوجه الاحتلال ومخططاته الرامية لتهويد المسجد وهدمه.
ويطالب العرب والمسلمين بأن "يفهموا أن مشروع الأقصى مشروع أمة بأكملها، وعليهم أن يواجهوا بجيوشهم دولة الاحتلال من أجل إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية وللمسجد الأقصى، بالإضافة للعمل على محاصرة إسرائيل ومقاطعتها".
والمطلوب من المقدسيين، "الاستمرار في مقاومتهم للاحتلال ومشاريعه التهويدية والاستيطانية، وملء الفراغ في الأقصى بأعداد كبيرة يوميًا، وحمل الرواية الفلسطينية من خلال سفرائنا والعواصم العربية لفضح سياسة الاحتلال دوليًا". بحسب بكيرات
تغيير معالم القدس
وأما الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات فأكدت أن الحملة الشرسة التي تشنها سلطات الاحتلال والمجموعات الدينية المتطرفة ضد الأقصى والمصلين في هذه الأوقات تحمل دلالات واضحة تؤكد ارتفاع الانتهاكات والإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير معالم مدينة القدس العربية.
وأوضحت الهيئة في بيان صحفي الاثنين أن ذلك يكون من خلال تبديل تركيبها السكاني حتى يتم تنفيذ المشروع الاستيطاني بالمدينة المقدسة، والذي يؤدي لإلغاء الوجود العربي فيها، فيسهل بذلك تهويدها.
وقال الأمين العام للهيئة حنا عيسى إن هذا المسلك غير شرعي، لأن الاستعمار الاستيطاني الذي تمارسه "إسرائيل" في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس التي لها خصوصية دينية عند المسيحيين والمسلمين واليهود لا يمكن القبول بأن تكون يهودية فقط.
وأضاف أن ما يجري هذه الأيام في القدس، وخاصة في باحات الأقصى؛ لا يكفي لردع "إسرائيل" بالدعوة اللفظية إلى وقف تجاوزاتها، وإنما لابد إن تفرض عليها عقوبات دولية تردعها من الاستمرار في عدوانها المتواصل على أرض القدس والمواطن الفلسطيني بها، وعن التطاول على مقدسات المسلمين والمسيحيين بالقدس من خلال عملها على تهويدها.
وأكد أن جميع المخططات التي تنفذها "إسرائيل" في القدس باطلة وتستند لقانون القوة، وتمثل اعتداءً صارخا على الشعب الفلسطيني وسيادته على أرضه، وتمثل انتهاكًا فاضحًا للشرعية الدولية والقانون الدولي.
وكان المختص في شؤون القدس زياد ابحيص قال في مقالة سابقة له إن المسجد الأقصى يشهد اليوم ثلاثة تغييراتٍ تُعد الأسوأ في الوضع القائم منذ السماح باقتحامات المستوطنين في يونيو/ حزيران 2003.
ويوضح أن هذه التغييرات تبدأ أولًا بفرض الصلاة العلنية الجماعية للمتطرفين خلال اقتحامه وهو ما يعني الانتقال من فكرة "زيارة اليهود" للأقصى إلى تكريس "الأحقية الدينية" فيه.
ويشير إلى أن هذه التغيرات تمر ثانيًا بتفريغ دور حراس الأقصى بمنع شرطة الاحتلال لهم الاقتراب من المجموعات المقتحمة، ما يعني استفراد المتطرفين به "صلاةً وتدنيسًا أو حتى تخريبًا".
أما التغيير الثالث الذي يحاول الاحتلال فرضه، فهو قلب نتائج هبة باب الرحمة، إذ تقتحم شرطة الاحتلال المصلى بالأحذية وتفرّغه من أثاثه بشكلٍ لتُكرّس عدم اعترافها به كمصلى، وتفرض في محيطه منطقة حظرٍ على المصلين خلال حضور المقتحمين اليهود، لتعيد إحياء مشروع التقسيم المكاني في هذه المنطقة.
صفا