"الجيب الإسرائيلي" الذي حسم معركة القصير
ياسر ابو هلاله
جو 24 : في حربها الطائفية السافرة، لم يعد لدى ماكينة الدعاية الإيرانية، بقنواتها الناطقة بالعربية، غير اتهام ثوار القصير بتلقي دعم إسرائيلي. وفي خبر عاجل، احتفلت احدى هذه القنوات بـ"الجيب الإسرائيلي" في القصير، وصورته من مختلف الزوايا. وفي غمرة الدعاية السوداء، لم يتنبه مصممو الأكاذيب إلى أن الجيب مكتوب عليه بالعبرية مصلحة السجون الإسرائيلية، وهو من مخلفات الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان قبل عشر سنوات، وكان يعرض باعتباره قطعة ثمينة في متحف انتصارات حزب الله.
تلخص القطعة الثمينة مأساة الأمة وحزب الله. يومها، كانت "الجزيرة" تُتهم من الإسرائيليين بأنها "بروباغندا" حزب الله، وظلت القناة المفضلة لزعيم الحزب التي يعطيها المقابلات الخاصة. وأضيفت قطع جديدة للمتحف في حرب تموز 2006. لم تتعامل الأمة في الحالين طائفيا مع حزب الله؛ حتى المقاومة العراقية التي ذاقت الأمرّين من حلفاء الحزب في العراق، وقفت معه ضد العدو الصهيوني، ولكن طائفية الحزب منعت ظهور خبر التضامن على شاشات "المنار".
انتهت فضيحة التحفة الأثرية على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مضحك، وأصيبت ماكينة الدعاية بالبكم. ويبدو أن من قاموا بالفضيحة تعرضوا للمساءلة. في اليوم التالي، قام جامع التحف في حزب الله بإطلاق قذائف على الجولان، وإصابة جيب في الجولان المحتل. الجيش السوري أعلن عن تدمير العربة الإسرائيلية لأنها تخطت الحدود. لكن الجولان كله محتل، وإن كان النظام السوري اعتبر حدود الاحتلال هي حدود دولية، فهذا تطور يتجاوز عقيدة ليبرمان الصهيونية.
بعيدا عن لعبة جمع التحف الأثرية، يستطيع مثلث إيران-حزب الله-النظام السوري قلب الطاولة على العدو الصهيوني. فقد نجحوا في تدمير سورية الدولة والمجتمع دفاعا عن سفاح على شكل حاكم، وتمكنوا من إشعال فتنة مذهبية امتدت خارج سورية، والحشد المذهبي الشيعي يقوم على أساطير ورطت آلافا من غير السوريين في معركة طائفية؛ كما عندما يتحدث أحدهم عن الصواريخ التي تتحول إلى بودرة عندما تقترب من مقام السيدة زينب.
لم تتحول الصواريخ إلى بودرة عندما احتمى المنتفضون الشيعة بالمراقد في الانتفاضة الشعبانية، ولا عندما احتمى فيها مقتدى الصدر، وقبل ذلك عندما احتل الصهاينة المسجد الأقصى. لكنها الأساطير التي تفعل أكثر من الوقائع التي تقول إن من قتلوا من جنود وقادة حزب الله في قمع الثورة السورية أكثر ممن قتلوا في حرب تموز، وأن ما يقومون به هو ما قامت به الحركة الصهيونية في فلسطين من ترويع بقصد التهجير والتطهير، ولكن بهدف إقامة دويلة علوية. وسنشهد كيف سيخلى مقام السيدة زينب في دمشق لاحقا، وتصبح القضية هي تطهير عرسال اللبنانية من السنة، لضمان النقاء المذهبي بين حزب الله والدويلة العلوية.
في الواقع لا يريدون خوض معركة حقيقية مع العدو الصهيوني، المعركة معه موجودة في متاحف التاريخ، فيما المعركة الحقيقية طائفية، لاستئصال السُنّة من القصير وغيرها في حرب تطهير تعتمد على المجازر المروعة. وفي الأثناء، يقدم حسن نصرالله العزاء لأمهات شباب قتلوا في عمر الورود دفاعا عن مقام السيدة زينب، ويصدقن ذلك، كما يصدقن حكاية الصواريخ التي تتحول إلى بودرة. لكن نصرالله لا يصدق نفسه ويعلم أنه يخدعهم في معركة ظالمة، ودماؤهم في رقبته، تماما كما هي في رقبة بشار والمرشد. أما أهل القصير الذين يموتون دون أعراضهم وبيوتهم ومرابع صباهم.. فهم الشهداء؛ إنهم من يجسدون استشهادية الحسين في كربلاء، ولم يتزعزع إيمانهم إذ جاؤوهم من فوقهم ومن أسفل منهم.
الغد
تلخص القطعة الثمينة مأساة الأمة وحزب الله. يومها، كانت "الجزيرة" تُتهم من الإسرائيليين بأنها "بروباغندا" حزب الله، وظلت القناة المفضلة لزعيم الحزب التي يعطيها المقابلات الخاصة. وأضيفت قطع جديدة للمتحف في حرب تموز 2006. لم تتعامل الأمة في الحالين طائفيا مع حزب الله؛ حتى المقاومة العراقية التي ذاقت الأمرّين من حلفاء الحزب في العراق، وقفت معه ضد العدو الصهيوني، ولكن طائفية الحزب منعت ظهور خبر التضامن على شاشات "المنار".
انتهت فضيحة التحفة الأثرية على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مضحك، وأصيبت ماكينة الدعاية بالبكم. ويبدو أن من قاموا بالفضيحة تعرضوا للمساءلة. في اليوم التالي، قام جامع التحف في حزب الله بإطلاق قذائف على الجولان، وإصابة جيب في الجولان المحتل. الجيش السوري أعلن عن تدمير العربة الإسرائيلية لأنها تخطت الحدود. لكن الجولان كله محتل، وإن كان النظام السوري اعتبر حدود الاحتلال هي حدود دولية، فهذا تطور يتجاوز عقيدة ليبرمان الصهيونية.
بعيدا عن لعبة جمع التحف الأثرية، يستطيع مثلث إيران-حزب الله-النظام السوري قلب الطاولة على العدو الصهيوني. فقد نجحوا في تدمير سورية الدولة والمجتمع دفاعا عن سفاح على شكل حاكم، وتمكنوا من إشعال فتنة مذهبية امتدت خارج سورية، والحشد المذهبي الشيعي يقوم على أساطير ورطت آلافا من غير السوريين في معركة طائفية؛ كما عندما يتحدث أحدهم عن الصواريخ التي تتحول إلى بودرة عندما تقترب من مقام السيدة زينب.
لم تتحول الصواريخ إلى بودرة عندما احتمى المنتفضون الشيعة بالمراقد في الانتفاضة الشعبانية، ولا عندما احتمى فيها مقتدى الصدر، وقبل ذلك عندما احتل الصهاينة المسجد الأقصى. لكنها الأساطير التي تفعل أكثر من الوقائع التي تقول إن من قتلوا من جنود وقادة حزب الله في قمع الثورة السورية أكثر ممن قتلوا في حرب تموز، وأن ما يقومون به هو ما قامت به الحركة الصهيونية في فلسطين من ترويع بقصد التهجير والتطهير، ولكن بهدف إقامة دويلة علوية. وسنشهد كيف سيخلى مقام السيدة زينب في دمشق لاحقا، وتصبح القضية هي تطهير عرسال اللبنانية من السنة، لضمان النقاء المذهبي بين حزب الله والدويلة العلوية.
في الواقع لا يريدون خوض معركة حقيقية مع العدو الصهيوني، المعركة معه موجودة في متاحف التاريخ، فيما المعركة الحقيقية طائفية، لاستئصال السُنّة من القصير وغيرها في حرب تطهير تعتمد على المجازر المروعة. وفي الأثناء، يقدم حسن نصرالله العزاء لأمهات شباب قتلوا في عمر الورود دفاعا عن مقام السيدة زينب، ويصدقن ذلك، كما يصدقن حكاية الصواريخ التي تتحول إلى بودرة. لكن نصرالله لا يصدق نفسه ويعلم أنه يخدعهم في معركة ظالمة، ودماؤهم في رقبته، تماما كما هي في رقبة بشار والمرشد. أما أهل القصير الذين يموتون دون أعراضهم وبيوتهم ومرابع صباهم.. فهم الشهداء؛ إنهم من يجسدون استشهادية الحسين في كربلاء، ولم يتزعزع إيمانهم إذ جاؤوهم من فوقهم ومن أسفل منهم.
الغد