jo24_banner
jo24_banner

حُزم الرزاز بين المأمول والممنوع

فادي المجالي
جو 24 :



 لماذا يتضائل حلم كل اردني مع اشراقةِ كل صباح في وطنٍ يزدهر اقتصاده وتتوفر فيه فرص العمل ويرتفع فيه دخل الفرد وينطلق فيه الشباب للعمل والإبداع؟! و هل أضحت هذه الآمال مجرد وهم ؟! ليحل محلها الإحباط والسوداوية والتشائم ( أتسألُ آسفاً وانا المؤمن بضرورة التفائل مهما اشتدت الصعاب )
حقيقةً ان حزم اليوم هي افضل من واقع الامس ولكنها بالمطلق ليست ما يمكن ان يعوّل عليه لإنقاذ الاقتصاد من حالة الركود وتحفيز المستثمرين وفتح شهيتهم نحو مزيدٍ من الاستثمارات وخلق فرص عمل لشعبٍ ناهزت نسب البطالة فيه العشرين بالمئة ذكورا والأربعين بالمئة إناثاً. 
وبالنظر للحزم التي طرحتها الحكومة مؤخرا فلعل أهمها وأنجعها على الإطلاق هي حزمة تحفيز الاستثمار  فالحديث عن تثبيت الحوافز عند تأسيس الاستثمار لمدة 10 سنوات أو أكثر حسب القطاع أمرٌ بالغ الأهمية ويطمئن المستثمر على مستقبل أعماله وحول تأسيس وحدة لمتابعة قضايا المستثمرين تفعيلاً لنظام التظلّم فلابد ان تتنبه الحكومة لقانونية هذا القرار بحيث يأخذ قرار وحدة التظلم ( صفة الإلزام ) وهو ما من شأنه ان يجنب المستثمرين طول الإجراءات القضائية. 
ولعل أهم ما جاء في هذه الحزمة هو  تفعيل قانون الإعسار بما يمنح المستثمرين المتعثرين فرصة للاستمرار والتعافي، و الحجز التحفظي الصادر عن الجهات الإدارية (دائرة الجمارك، دائرة ضريبة الدخل ومؤسسة الضمان الاجتماعي) بحيث يقتصر الحجز على قيمة المطالبة لتلك الجهات، ولا شك ان هذه تطورات إيجابية وبالغة الأهمية. 
ولأن تشغيل الاردنيين وخفض نسب البطالة بين شبابنا أصبح اكبر تحدياتنا فعلى القطاع الخاص ان يلتفت ويلتقط سريعا مبادرة تحفيز توظيف الاردنيين والتي قدمت  240 ديناراً سنوياً عن كل عامل أردني يتمّ تشغيله بدلاً من العامل الوافد، وتوفير تأمين صحي حكومي للعامل الأردني الجديد وعائلته. على ان توضح الحكومة  ( الأسس المحددة التي تحدثت عنها في هذا الجانب ) 
اما الحزمة التحفيزية الخاصة بدفع رديات ضريبية للمصدرين فلم ترق للمستوى المأمول لا من حيث حجم الرديات ولا من حيث استثنائها لقطاعات هامة كالتعدين والملابس والأدوية. حالها في ذلك حال  حزمة تخفيض كلف الطاقة التي باتت تشكل اكبر تهديد لواقع الصناعة في الاردن.
فجاءت هاتين الحزمتين وردائتهما لتعززا التساؤل في الشارع الاردني حول ملفي الطاقة والضريبة وهل هما من الملفات التي يحذر الحديث عنهما ويمنع تقديم تنازلات حقيقية قادة على تحفيز السوق وتحريك عجلة الاقتصاد!! 

وفي الحديث عن حزمة الاجراءات الخاصة بسوق العقار والاسكان فلا بد من اتخاذ قرار سريع من الحكومة بتمديد أجل هذه الحزمة بما يفسح مجالا امام المواطنين والمستثمرين على حدٍ سواء لدراسة قرارت الشراء وبناء مراكزهم الاستثمارية و دراسة سوق العقار والفرص المتاحة وإمكانية ترويجها محليا وخارجياً من وسطاء العقار والمهتمين في هذا المجال، لا ان تكون مجرد قرار روتيني مكرر تتخذه الحكومة في نهاية كل عام لرفد خزينتها وتخفيف ما أمكن من عجزها.
 لقد اهملت الحزم الحكومية تماماً السوق المالية في الاردن (سوق عمان المالي) تلك السوق التي تعكس حجم الثقة في المناخ الاستثماري الاردني  
اذا لا بد من  تطوير وتعميق مؤسسات القطاع المالي، وتطوير السوق المالية في الاردن. ولا بد ان تستهدف الاْردن الوصول لمركز متقدم بين أسواق المال العالمية.
ولتحقيق ذلك لا بد من تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص، وتطوير سوق مالية متقدمة، وتعزيز وتمكين التخطيط المالي و رفع جاذبية السوق المالية أمام المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب عن طريق عدد من المبادرات التي من شأنها تنويع المنتجات الاستثمارية وتطوير الجوانب التشريعية. ودعم جهود تخصيص بعض الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية وبعض المرافق المملوكة للدولة، وذلك من خلال الاكتتاب العام الأولي الذي سيساهم في تعميق السوق المالية، و رفع مستوى الخدمات وكفاءة الإنفاق، و يجب ان نشجع تعزيز وتمكين التخطيط المالي على جانبي الطلب والعرض لتحسين منظومة الادخار في المملكة، من خلال توفير شبكة متنوعة من المنتجات والبرامج الادخارية الجذابة والآمنة، بالإضافة إلى زيادة الوعي والثقافة المالية والتخطيط المالي، وبالتالي تشجيع البنوك على طرح منتجات ادخارية متنوعة لعدد أكبر من عملائها.

كما اهملت مبادرة الحزم الحكومية وللأسف النظر للمؤسسات الصغيرة وريادي الاعمال وهنا لابد ان تطلق الحكومة بالتعاون ( الجاد ) مع القطاع الخاص 
(مبادرة المستثمر الجرئ ) لتحفيز التمويل الرأسمالي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وريادي الأعمال، وتعزيز سبل الاستثمار في المنشآت الناشئة خلال مراحل نموها المختلفة، وتنويعها في مختلف القطاعات لا سيما الزراعية بالدرجة الاولى ثم الصناعية وتكنولوجيا المعلومات  واستغلال القدرات المحلية من خلال الاستثمار في الشركات في المراحل المبكرة ومراحل النمو بهدف خلق عوائد مالية للمستثمرين وتحقيق عوائد استراتيجية تخدم نمو الاقتصاد في وطننا الحبيب تحقيقا لتطلعات سيد البلاد وتحقيقا لآمال هذا الشعب العظيم الذي صبر وتحمل ما تنوئ عن حملِه الجبال، حفظ الله الاردن وحفظه قيادته وشعبه الامين وكل مخلصٍ يعمل بصدق للحفاظ على الوطن الغالي.
تابعو الأردن 24 على google news