الدبلوماسية الأردنية تفشل بكشف مصير الزميل فرحانة.. والنقابة لا تتقن سوى جمع الإشتراكات!
جو 24 :
تامر خورما -
في كثير من المحطّات السياسيّة الحرجة، حافظ الأردن على مسافة أمان تحفظ ودّ الدول العربيّة الشقيقة وتحول دون أيّ صدام معها، حتّى ولو كان هذا أحيانا على حساب المصلحة الوطنيّة الأردنيّة.. ولكن..
هناك من أوجه الخلاف ما قد يفسد حقّا للودّ قضيّة، خاصّة عندما يتعلّق الأمر بمكانة المواطن الأردني في بعض الدول "الشقيقة" وأبسط حقوقه كإنسان، ترك بلاده لدواعي العمل أو العلاج أو الحج.. الخ.
الزميل عبدالرحمن فرحانة مازال محتجزا في السجون السعوديّة منذ نحو عشرة أشهر، دون محاكمة، ما يعيد إلى الأذهان قضيّة الزميل تيسير النجّار، الذي احتجزته السلطات الإماراتيّة لثلاث سنوات، بسبب منشور على "الفيسبوك"!
ترى، هل بات السفر إلى الدول "الشقيقة" مغامرة ينبغي أن يحسب لها ألف حساب؟! ما هي "الجريمة" التي اقترفها فرحانة ليكون ثمنها هذا الإخفاء القسري؟! وكيف أصبح الأردن الرسمي عاجزا عن حماية مواطنيه حتّى من "الأشقّاء"؟!
عمر بكامله قضاه الزميل فرحانة في السعوديّة، واليوم يتمّ اعتقاله دون تهمة، ورغم ظروفه الصحيّة الحرجة، في غياب أيّ ضغط رسميّ حقيقي، سواء من قبل الأردن الرسمي، أو منظّمات حقوق الإنسان، التي لم تفلح أيضا في تحقيق تقدّم ملموس من شأنه الكشف من مصير فرحانة، ومازالت أبعد ما يمكن عن ممارسة الدور المنوط بها، لما يرتقي حقّا لحق حريّة الرأي والتعبير.
حتّى اليوم، لم يصدر عن وزارة الخارجيّة ما تستبشر به عائلة عبدالرحمن خيرا بخلاف وعد قديم بالافراج عنه "قريبا" دون أن يتحقق ذلك.. أمّا نقابة الصحفيّين فمن المؤسف الإعتراف بأنّه لا يعوّل عليها كثيرا في هذه الأمور. النقابة قالت منذ أشهر أنّها تتابع القضيّة، وتجري الاتّصالات اللازمة مع كافّة الجهات المعنيّة، فماذا تحقّق حتّى الآن؟!
مرّ الشهر الأوّل ثقيلا على عائلة فرحانة، وانقضى شهر آخر، لتمتدّ فترة اعتقاله لأكثر من ثلاثمائة يوم، دون معرفة حتّى السبب الذي أدّى لاستلاب حريّته، ودون أن تتجاوز الوعود المتفائلة نبرات صوت من قدّمها. حتى السفارة السعوديّة في عمّان، والتي وعدت بمتابعة الملفّ، مازالت "تتابع" حتى الآن، دون أيّ إيضاح يفسّر هذا الإحتجاز القسري.
المؤسف أن الحديث يدور حول اعتبار تعاطف الزميل عبدالرحمن مع القضيّة الفلسطينيّة هو "التهمة" التي أدّت لاعتقاله. كارثة إن كان هذا صحيحا! ولكن مازلنا ننتظر الإيضاحات من الجهات الرسميّة، التي لم تنجح طيلة هذه المدّة في كشف أسباب وظروف اعتقال الزميل.
البيانات التي صدرت للمطالبة بكشف مصير فرحانة، والإفراج الفوري عنه، لم تقد –مع الأسف- إلى تشكيل ضغط كاف يدفع باتّجاه التحرّك على كافّة المستويات لحلّ هذه القضيّة..
الصحافة ليست جريمة.. ومن واجب الدولة الدفاع عن حريّة وكرامة مواطنيها، فهنا بالذات تكمن هيبتها، وليس في سياق الحديث عن "هيبة" تحتمل كلّ تأويلات العنف السياسي.
في البداية كانت قضيّة النجّار، واليوم فرحانة، ولا نعلم من سيكون عليه غدا مواجهة ذات المصير، في ظلّ سياسة خارجيّة ناعمة، ونقابة لا تحترف إلاّ جمع الإشتراكات.
نعلم أنّها مهنة المتاعب، ولكن ليس من المعقول أن يصل الأمر إلى احتجاز زميل أو زميلة لسنوات بجرّة قلم، وبسبب كلمة أو رأي، دون أن تتحرّك كافّة المؤسّسات الرسميّة والنقابيّة والحقوقيّة المعنيّة.
وبكلّ صراحة، على كلّ من لا يجد في نفسه القدرة على تحمّل مسؤوليّاته الوظيفيّة الترجّل، فأصل المصيبة أن المنصب بات تشريفا، وليس تكليفا!