2024-10-07 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

علي العريض وأسلحة الأمن القذرة

ياسر ابو هلاله
جو 24 : سيجد يوما ما مخرج مبدع تمويلا لإنتاج فيلم عن أول وزير داخلية في دول الربيع العربي، علي العريض؛ كيف انتقل من أسوأ زنازين وزارة الداخلية، إلى أفخر مكاتبها. وسيجد هذا المخرج مادة غنية، ليس في الوزير الذي تعرض لأسوأ أشكال التعذيب الوحشي والابتزاز، بل في عائلته التي تماسكت معه، وكان هشام ابنه الذي نشأ بعيدا القيادي الطلابي الذي يجدد سيرة والده، ويشارك في ربيع تونس؛ ربيع العرب.
يعد العريض على مستوى عالمي من أطول سجناء الحبس الانفرادي. وفي فترات المطاردة الأولى، كان قرار جهاز الأمن تصفيته حيث وجد، وقد لبس بدلة الإعدام واقترب من حبل المشنقة. ومحاولات الاغتيال المادي تلك تهون أمام محاولة تصفيته معنويا، من خلال فبركة شريط فيديو يظهر فيه وهو يمارس الجنس في الزنزانة مع أحد المعتقلين. في مطلع التسعينيات، تورط اليسار المتحالف مع الأمن في الترويج للشريط. ولم يكن العريض المعارض الوحيد الذي تعرض لمحاولة التصفية هذه، فقد تعرض لها رئيس الوزراء المنشق محمد مزالي، والقيادي في حزب النهضة عبدالفتاح مورو، وغيرهما.
عندما عاد في أول حكومة منتخبة، لم يصنع العريض المعجزات، لكن يكفيه تاريخيا أنه حول جهاز الأمن إلى مؤسسة مهنية محترمة، لا تستخدم الأسلحة القذرة. في أول اختبار تعرض له في اغتيال شكري بلعيد، نجح في وقت قياسي في كشف الجناة، وهو ما أهله لتولي رئاسة الوزراء. وخلفيته الإسلامية لم تمنعه من الدخول في مواجهة مع حلفائه من السلفيين، لكنه على قاعدة الخصومة الشريفة التي تخضع للقانون. فالنجاح الأمني لا يتطلب تحويل رجال الأمن إلى منتجي أفلام "بورنو"، بقدر ما يتطلب إعلاء احترامهم لحقوق الإنسان وسيادة القانون.
قبل الربيع العربي، صُدم الفلسطينيون بعد استيلاء كتائب القسام على مقرات الأمن الوقائي بحجم أفلام "البورنو" المخزنة في أقبيتها؛ فلا يوجد مسؤول فلسطيني لم يتعرض للابتزاز في نفسه وفي عائلته. وقد أحسنت "حماس" عندما تخلصت من هذه الأقسام، ونبهت الشخصيات التي تعرضت لابتزاز محمد دحلان. وما تخشاه "حماس" أن تكون الوثائق، مفبركة أم صحيحة، في خزائن الموساد في إطار التعاون الأمني.
وقبل الربيع العربي، أتيح للصحفيين أن يشاهدوا وثائق المخابرات العراقية التي ظلت تعد واحدة من أقوى أجهزة الأمن في العالم. في الأوراق المنهوبة التي تداولها العامة، كنت تشاهد تفريغ التنصت على الهواتف، وكيف تهتك خصوصيات الناس بحجة الأمن. وقد أحسن العقلاء في معظم المدن العراقية عندما أتلفوا تلك الوثائق التي كانت ستضرب السلم الأهلي.
لجأ الموساد لسلاح الإسقاط والابتزاز. ومع أنه جهاز ساقط أخلاقيا، إلا أنه كان يتعامل بوصفه قوة احتلال على شعب مقاوم. لكن أن تلجأ أجهزة الأمن إلى هذه الوسائل مع شعوبها، فهذا ما يؤكد أن الاستبداد والاحتلال وجهان لعملة واحدة، وهما إلى زوال.
عندما أنظر إلى هشام كم هو فخور بوالده، وأنظر إلى شعب تونس وهو فخور به، أدرك أن عدالة الله أبقى من جور الطغاة. نحتاج فيلما حقيقيا عن هذا الانتصار، لا فيلما مفبركا في الزنزانة الانفرادية. (الغد)
yaser.hilila@alghad.jo
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير