البلديات ما لها وما عليها
الدكتور محمد كامل القرعان
جو 24 :
الدكتور محمد كامل القرعان وضع جلالة الملك عبدالله الثاني المسؤولية امام البلدبات ووزيرها ، في تركيز جلالته على اعمدة مهمة لتطوير العمل البلدي والارتقاء به الى مستويات عالمية ، وكان جلالة الملك حاضرا للمشهد البلدي في حديثه بكل تفاصيله وجوانبه وقضاياه ، بما ينقصه من العمل المؤسسي والمخطط ، وفي بعده عن استراتيجيات تحكم عمله و تنهض بالوضع العام للمدن والقرى والبوادي والبلديات في انحاء المملكة كافة،
فالعمل البلدي يعاني الأمرين في نهجه وتعاطيه في قيامه بدوره التنموي والخدمي والريادي، ويعزى سبب ذلك إلى تداخلات كثيرة، أبرزها الغياب الشبه تام للوزارة في مراقبة البلديات وادائها وعدم استحداث أدوات تطور في هذا القطاع ، وسير العمل فيها ، وثانيا تجنب إلزام الوزارة البلديات بتقديم رؤية شمولية وخطة طموحة واستراتيجية زمنية لمنطقتها الجغرافية. وأن المتابع للمشهد البلدي الأردني ، يعلم طبيعة تغلغل السوق السوداء فيه وتفكك امصاره وضياع مقدراته ، المتمثلة في انتشار المحسوبية والواسطة ، و فقدان سيطرة ادارة بعض البلديات على كوادرها ، وعدم وجود آلية مناسبة لضبط الدوام والانصراف والتحفيز والعقاب والثواب إلى غير ذلك ، فضلا عن وجود قضية مهمة جدا والتي تتمثل في ضعف الخبرة الإدارية والمالية والبشرية في بعض البلديات، وعدم توفر الإدارة للازمات في المجالس البلدية، بكل مرافقها ومجالسها، وهناك الشي الكثير الذي يعاني منه هذا القطاع الحيوي خاصة توظيف أشخاص بمهن لا يتقونها مثل المساحين، والسواقين، والمقدرين والمراقببن للصحة والترخيص والتنظيم ، وعدم وجود مختصين في الانارة والتخطيط والحدائق والمتنزهات وغيرها، التي لا تكاد لا تعد ولا تحصى ، ان ضعف الرقابة والادارة من قبل الوزارة والمتمثل في التنصل من بعض مسؤوليتها عزز من وجود هذا الفراغ الإداري، واسهم بتعزيز الوهن وبالتالي دب المرض في الجسم البلدي ككل، فضلا عن عدم الحزم في معالجة قضايا البلديات ووضعها على سلم الأولويات الحكومية. وتتحكم العلاقات الشخصية في مفاصل هذا القطاع ويترجم بأشكال متعددة ومتغيرة ، من حيث الانحياز في عمليه الدعم المادي لبلديات على حساب أخرى ، كما أن قانون الانتخاب الخاص بالبلديات أسهم أيضا في تراجع العمل البلدي ، للمستوى الملحوظ الان وعدم التدخل البريء لتحديثه أسوة بباقي بلديات العالم الناجحة . إن معالجة هذا القطاع يحتاج إلى مراجعة لكل مساراته خاصة القانون والتشريع الناظم لهذا القطاع، وما يخص قانون الانتخاب والتعليمات ونظام التعيينات وتعزيز وجود الكفاءات في البلديات ، ولا بد من الفرار الي قانون عصري يحاكي العالمية في تعزيز دور العمل البلدي واسسه ومعايبره، وبما يتلائم مع مجتمعاتنا وببئتها للنهوض بدور البلديات التنموي وواقعه الثقافي والاجتماعي والرياضي والشبابي ، وترسيخ دوره الريادي، لأن الدولة تعتمد على البلديات كاذرع مهمة في تقديم الخدمات المختلفة للمواطنين وتقديم نماذج ناجحة في رفع الافق في هذا المجال. إن معظم موازنات البلديات تذهب رواتب وليس للخدمات سوي اليسير منها فقط، كما أن معظم من يتسلمون إدارة هذه البلديات لا يتمتعون بالخبرة الكافية التي تؤهلهم لإدارة البلدية، وهنا يغيب الجانب التأهيلي والتدريب والتمكين لهؤلاء الرؤساء، فمعظم خلفيات عملهم ليس لها صلة تماما بالبلديات، وهذه المسألة لها علاقة بالمجتمع المحلي وتحمله المسؤولية في افراز المؤهل والقادر على ادارة هذه المؤسسة، وهنالك من الضغوطات الكبيرة التي يتعرض لها رئيس البلدية من المجتمع المحلي، وتأثر على تقديم الخدمة الفضلي وادائه. بالتالي ان العمل البلدي بحاجة إلى تمحيص وإعادة النظرة بكل جوانبه ومناقشتها والخروج بصيغة وقانون عصري يحاكي هذه المشكلات وبصورة تلبي الاحتياجات المجتمعية، وتنهض بالعمل البلدي المنشود، فمن يقرع الجرس بهذا المجال؟
جلالة الملك بين بحرص، أن الوطن والمواطن بحاجة إلى نقلة نوعية في العمل البلدي وتحقيق إنجاز على أرض الواقع، انطلاقا من المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق البلديات في التنمية والتشغيل والابداع واستثمار البلديات للفرص المتاحة في مناطقها من حيث الاستثمار والصناعة والتجارة وتوظيف هذه الامكانيات بهدف الارتقاء بنوعية الخدمات المختلفة للمواطنين.