jo24_banner
jo24_banner

تراجع الحراك وانفلات العنف!

نضال منصور
جو 24 : بعد أكثر من عامين على بدء ثورات الربيع العربي، فإن الحراك الشعبي في الأردن، بكل تلاوينه، يخبو وينحسر ويتراجع. ولم تعد الاعتصامات والاحتجاجات تستقطب اهتمام الناس كثيراً. وحتى الإسلاميون فقدوا قدرتهم على الحشد.
هذا الكلام لا يقال شماتة بالحراك الشعبي، ولكن لنؤشر إلى أن "الإصلاح السياسي" تحت وقع الضغط الشعبي لم يعد قائماً، وأن أدبيات الإصلاح السياسي التي بدأت بلجنة الحوار الوطني ومخرجاتها أصبحت في "الثلاجة"، واستدارت مراكز القرار بعيداً عن كل هذا الصخب، وأكثر ما يشغلها الملفات الإقليمية، وتحديداً ما يحدث في سورية.
تراجع الحراك الشعبي، وحذر الناس وقلقهم من الخروج إلى الشارع، له ما يبرره، وتسمعه ليلاً ونهاراً من بسطاء الناس. فهم لا يريدون للأردن مصيراً مشابهاً لتونس ومصر وليبيا واليمن، ويخافون حد الرعب مما يحدث في سورية وتداعياته على الأردن. يفضلون الأردن بنصف إصلاحات سياسية، وبأزمته الاقتصادية، على الخراب والفوضى اللذين عصفا ويعصفان بدول الثورات.
من يستطيع، ومن يريد أن يصغي الآن إلى الشعارات الثورية التي تطالب بتحقيق كل شيء دفعة واحدة، ولا ترى في السلطة إلا أخطاءها وسوءاتها، في ظل الربيع الذي تحول إلى خريف برأي كثيرين، وفي ظل صعود تيارات مستبدة أكثر من الدكتاتوريات التي رحلت، وقوى متشددة متأهبة للظفر بالسلطة، تُكفّر الجميع، وتُقصي الجميع، وستعيدنا حتماً إلى ما قبل التاريخ؟!
على وقع هذه المتغيرات، أصبح الحراك في الأردن همساً لا تسمعه إلا في الصالونات السياسية، ومواقع التواصل الاجتماعي، وبشكل خجول في الإعلام.
مسار الإصلاح وعنفوانه، وشعارات التغيير، تكاد تختفي من الشارع، ولم يتبق سوى اعتصامات مطلبية ومعيشية لا يمكن التقليل من أهميتها ومن مشروعيتها، ومن ضرورة إنصاف المطالبين بها، وإن كان بعضها استمرارا لمحاولات ابتزاز الدولة، لاعتقاد قادة بعض تلك الاعتصامات أنه الوقت المناسب لتحقيق مكتسبات حتى لو كانت غير شرعية!
وللأسف، فإن الحراك الشعبي السياسي الذي تراجع قبل أن ينجز أجندة التغيير المطلوبة، نمت بموازاته سلوكيات ومظاهر عنف تريد كسر سلطة القانون، وفرض شريعة الغاب وقانونها الذي يعبر عن مصالح ممارسي هذا العنف دون التفات إلى مصالح الناس والمجتمع.
تراجعت مسيرات الحراك الشعبي، ولكن العنف في الجامعات لم يتوقف، والصدامات بين الناس وحتى مع الأجهزة الأمنية استمرت، وتطورت، وأصبحت تهدد السلم الأهلي، وتُظهر الدولة عاجزة عن مواجهتها وردع الذين يقومون بها، بل وتُتهم الدولة بأنها من ترعى أحياناً ظواهر الخروج على القانون، وبأنها تريد خلط الأوراق، وزرع المخاوف داخل المجتمع حتى يلوذ بالصمت؛ وإلا كيف تستمر "الطوش" والشتائم البذيئة في مجلس النواب وسط حالة من التباهي، وبدون حل أو مساءلة؟
أتفهم أن يسكن الناس ويقبلوا بتغيير متدرج في الأردن، لأنه الخيار الأفضل. ولكن أرفض أن يُستبدل الحراك السياسي بانفلات العنف في الشوارع! (الغد)
nidal.mansur@alghad.jo
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير