انتخابات نقابة الصحفيين.. اصلاح أم نكوص؟!
عبد الحفيظ ابو قاعود
جو 24 :
إصلاح المسار النقابي للصحفيين يتطلب أهل عزم وعزيمة من الزملاء النقابيين، وتفرغا لمنصب النقيب، وهيكلة ادارية للنقابة لاعادة البناء والتعمير، والانتقال من التعثر إلى النهوض؛ مجالس النقابة المتعاقبة خلال جيل من الزمان بين الانجازات والفشل والتقوقع حول الذات، تحتاج إلى اجراء جردة حساب للأرباح والخساىر لمسيرة النقابة خلال الأربعين سنة الماضية.
لقد خاض الصحفيون من الرعيل الأول معارك ضارية للدفاع عن "مهنة الصحافة"، وحقوق المنتسبين لها، والمكتسبات النقابية؛ صناديق التقاعد والتأمين الصحي والتكافل الاجتماعي والاسكان، وحق النقابة في نسبة 1% من ايرادات الاعلان الصحفي لتمويل مشاريعها، وتنمية أصولها واستثماراتها. فالمتابع لمسيرة النقابة عبر الأربعين سنة الماضية يجد أنها تسير في خضم بحر متلاطم الامواج؛ خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الخلف، وتواجه العجز، وتجفيف مواردها المالية، بحيث تصبح لا تتمكن من الوفاء بالتزاماتها تجاة منتسبيها.
الرعيل الأول من الصحفيين النقابيين خاضوا معارك مع تحالف أصحاب الصحف الكبرى اليومية لانتزاع حق النقابة في نسبة 100% من الاعلان الصحفي. لكن للأسف قوى الشد العكسي من تحالف أصحاب الصحف اليومية الكبرى وقفت حائلا في وجه هذا الحق المشروع، إلى أن تم الاقرار به مع ضريبة المبيعات في العام 1993، ليقترن بها حق النقابة في نسبة 1%على فواتير الاعلانات الصحفية. فالحكومة تستوفي الضربية، في حين النقابة الضلع القاصرتستجدي حقها من الصحف، لأن هناك تقصيرا من طرفي المعادلة في عمليتي التحصيل والوفاء بالحق مما انعكس سلبا على أداء النقابة بشكل عام.
لقد بدأت النقابة منذ عام 1993 عهدا جديدا في تحصيل الايرادات الأساس للنقابة لتحقيق مكتسبات جديدة للصحفيين. لكن انهيار وتعثر الصحف الورقية حال دون تحصيل المتراكم من حقها في نسبة 1% في الاعلانات الصحفية، التي تعتبر أمانة ووديعة لدى هذه المؤسسات في حين تستوفي الحكومة نسبة 16% ضريبة المبيعات على الاعلان الصحفي، والتقصير هنا من نقيب ومجالس النقابة المتعاقبة بالتغاضي عن التحصيل.
ما هي المنجزات في ربع قرن من تحصيل حق 1%من ريع الاعلانات الصحفية؟! فالمنجز بسيط لا يتعدى استفادة 250 عضوا من خدمات صندوق تأمين صحي غير عادلة بقيمة ربع مليون دينار سنويا تقريبا، بالاضافة إلى مزايا صندوق التكافل الاجتماعي، اللذين يواجهان العجز المالي في السنوات المقبلة ارتفاع النفقات المتزايدة عن الايرادات المتناقصة. حيث نجد ان هناك تراجعا في الاداء والمكتسبات النقابية والدفاع عن الحريات الصحفية، وذلك لغياب هيئة عامة تقريرية على مدى أربعين عاما مضت وبخاصة في عهد الدمقرطة 1989 الى 2019.
وبالعودة الى الوراء للعام 1987؛ قبيل اعلان الاستاذ راكان المجالي ترشحه لمنصب النقيب خلفا للمرحوم محمود الكايد رتب الاستاذ سليمان البرماوي في منزله بالأشرفية لقاء للمرشح لمنصب النقيب الاستاذ راكان المجالي مع الاستاذ صلاح الشبول وكاتب السطور، حيث كان انذاك لصحفيي وكالة الانباء الاردنية "بترا" اليد الطولى في تحديد شخص النقيب واعضاء المجلس، حسب المحاصصة القطاعية؛ ثلاثة مقاعد لـ"بترا "وثلاثة مقاعد لاصحاب الصحف وثلاث مقاعد لمحرري القطاع الخاص من العاملين في الصحف اليومية.
فقد خلص اللقاء إلى الاتفاق بأن تدعم "مجموعة 17" في" بترا" ترشيح "المجالية" لمنصب النقيب مع ممثلي الوكالة ومحرري الصحف لانطلاقة جديدة في الحصول على حق النقابة في نسبة 1%من إيرادات الاعلان الصحفي.
وبعد اللقاء مضى الزميل "راكان" بخوض معركتة الانتخابية لمنصب النقيب بدعم من مجموعة "17" في بترا، حيث تمكنت المجموعة من تمكين مرشح المحررين بالفوز بالمنصب على مرشح اصحاب الصحف المرحوم الاستاذ ابراهيم سكجها في انتخابات النقابة لعام 1987، لكن للاسف بعد هذا الفوز في معركة 1% من الاعلان الصحفي للنقابة.
فقد اجرت حكومة زيد الرفاعي عملية هيكلة على ملكية الصحف اليومية الكبرى من شركات محدودة المسؤولية الى شركات مساهمة عامة، وعينت "راكان المجالي" رئيسا لتحرير"الراي"، الذي كان يشغل موقع نقيب الصحفيين ليحمل بطيختين بيد واحدة، لينهي بذلك مرحلة من النضال النقابي الى مرحلة إنتقالية من العمل النقابي بقصد او بدون قصد، حيث كان الاردن الرسمي يتهأ لمرحلة وادي عربة عبر الديمقراطية المعمول بها حاليا، وتطويع النقابات المهنيه لما بعد "وادي عربة" لتكون نقابة الصحفيين حصان طروادة لولوج هذه المرحلة المفصلية من العمل النقابي في البلاد. ومنذ ذلك الحين اصبح يعين النقيب واعضاء المجلس بـ"وصفة" توزع ليل اجتماع الهيئة العامة الانتخابية.
وفي اطار الاصلاح في المؤسسة الصحفية الاردنية اتخذ مجلس ادارة "الراي " قرارا بتعين نقيب الصحفيين الاستاذ راكان السعايدة رئيسا لتحرير الراي ليحمل بطختين في يد واحدة ،هل يكون هذا التعيين نهاية مرحلة لولوج مرحلة جديدة تقودها الاستاذة فلحة الريزات ؟! فالكرة في ملعب الهيئة العامة الانتخابية المقبلة.
فالراي، المؤسسة والصحيفة يسيل لها اللعاب من الطامحين برئاستها منذ التأسيس الى يومنا هذا؛ فالترشح لمركز النقيب في الغالب يكون محطة لرئاسة التحرير فيها! والى متى يتحرر الصحفيون من هذه العقدة التي اسرت النقابة في معصم رئاسة التحرير؟! والى متى يتم تحرير النقابة من عقدة تحرير الراي؟!
الانتخابات المقبلة يتوجب ان تجرى بقائمة وبرنامج عمل انتخابي، ونقيب متفرغ ومجلس نقابة من اهل العزم والاصلاح من الزملاء النقابيين كخطوة اولى في الاصلاح النقابي، بغير ذلك نكون ندور في حلقة مفرغة والعودة الى المربع الاول..