حرّاس التابوهات !!
غريب أمر الصحف الرسميّة وشبه الرسميّة التي تنحاز ضد كينونتها وتتجاهل المهنة التي تبرّر وجودها وانتشارها بين الناس !!
بالأمس اقترفت السلطة مجرزة بحق الصحافة وقامت بحجب نحو 291 موقعا وصحيفة الكترونيّة، في إجراء عرفي يندى له الجبين، ويعدّ طعنة نجلاء في صدر حريّة الصحافة ومستقبل الإعلام، بيد أن هناك من آثر النأي بنفسه بعيدا عن الخوض في هذه القضيّة، رغم انّه محسوب -مع الأسف- على الأسرة الصحفية.
ترى.. هل باتت جرعة الشجاعة سلعة نادرة لا يقوى أيّ من رؤساء التحرير في وسائل الإعلام الكلاسيكيّة على اقتنائها ؟؟ هل بات الحديث عن مجزرة الصحافة ومصادرة حريّة الإعلام من التابوهات التي لا يجرؤ أيّ من الكتّاب "المرموقين" ذوي الأسماء المعروفة على الاقتراب منها ؟!
ظاهرة غريبة، لا يمكن تفسيرها سوى بالتخاذل والارتهان لأهواء ورغبات المركز الأمني- السياسي، يرزح المشهد الإعلامي الأردني تحت وطأتها، حيث لم يبادر اولئك الذين يعتبرون أنفسهم أعلاما وأصحاب فضل في مهنة الصحافة إلى مناهضة المجزرة التي اقترفتها السلطة بحق الإعلام، عبر إجراء الحجب العرفي، بل لم يتطرّق ايّ منهم للحديث حول هذه المسألة، ولا ندري لماذا يصرّون على اعتبار أنفسهم -رغم تكشّف نواياهم وتوجّهاتهم- من أبناء الأسرة التي لا تعترف سوى بالحقيقة وتتّخذ من الحريّة غاية وحيدة لوجودها واستمرارها !!
تلذّذ غريب بعشق فرض التابوهات يعكسه سلوك هؤلاء "الإعلاميّين"، الذين لجأوا إلى مازوشيّة الصمت للتعبير عن رضاهم وارتياحهم لاغتيال الحريّة وخنق الحقيقة.. فهل سيواصلون لعبة الادّعاء وينسبون أنفسهم لهذه المهنة التي لا تليق بمن اتّخذ من الصمت شكلا وحيدا للوجود ؟!